طلال سلامة من روما: تزيد أحداث غزة الدموية الانقسامات داخل الأحزاب الإيطالية الموجودة على خط تماس يفصلها الواحدة عن الأخرى. كما ساهمت المظاهرات التي عاشتها العاصمة روما سوية مع مدن كبرى أخرى، كما ميلانو وتوروينو، التي شارك بها فلسطينيون إسرائيليون ولاجئين فلسطينيين وأحزاب عمالية محلية بالتنسيق مع الحزب الشيوعي الإيطالي، في تسريع موقف زعيم المعارضة فالتر فلتروني وحزبه، أي الحزب الديمقراطي اليساري. إذ يهاجم فلتروني حكومة برلسكوني واصفاً موقفها بأنه quot;غير مناسبquot;. لا بل نستطيع القول ان المعارضة الإيطالية تشن هجوماً قاسياً على حكومة روما بهدف حضها دولياً على التدخل لطلب وقف إطلاق النار فضلاً عن البناء الفوري لجسر مساعدات إنسانية تصل الى قطاع غزة لمساعدة سكانها الذين يعيشون صدمة تلو الأخرى. هذا ويتوجه فلتروني الى برلسكوني شخصياً لطلب تشغيل الآليات الديبلوماسية الإيطالية لأجل شل التحركات العسكرية الإسرائيلية ثم إحياء المبادرات السياسية. فالموقف الذي يبديه quot;فرانكو فراتينيquot;، وزير الخارجية الإيطالي، لا يتجانس أبداً مع الوضع الدرامي الذي غرقت فيه غزة.

مقابل ما يعرب عنه ائتلاف الوسط اليميني هنا من تعاطف مع دولة إسرائيل وحقها في الوجود والتعايش بسلام مع الفلسطينيين نجد أن اليسار الإيطالي لا يتوقف فقط حول حقوق الدولة العبرية إنما يتخطى هذا الجدار التحليلي قليلاً ليعرب زعماؤه عن تخوفهم من انفجار حالة الشرق الأوسط، بصورة .. نووية! فما يحصل في قطاع غزة من أحداث دموية، تحصد عشرات الضحايا المدنيين يومياً، من شأنه تحويل هذه الحرب، من حرب وقائية الى أخرى دينية ذات تداعيات كارثية على المنطقة بأسرها. مما سيضع الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط برمتها على كف عفريت. في هذا الصدد، يتطرق فلتروني الى عرض الاستراتيجية الفاشلة التي قادتها الإدارة الأميركية الحالية التي تعالج دوماً الأزمات العالمية بواسطة سياسات القوة بدلاً من اللجوء الى أسلحة الديبلوماسية السياسية. ويأمل التيار اليساري بأن تتوصل الوساطات الدولية الى انتزاع الاعتراف المتبادل بين حركة حماس والدولة العبرية، بحق العيش وهذا بحد ذاته مفتاح الحل الرئيسي لأزمة قطاع غزة وحكومته.

من جانبه يدين حزب اتحاد الديمقراطيين المسيحيين، الذي يرأسه بيار فرديناندو كازيني رئيس البرلمان السابق، ما حصل أمس في المظاهرات الإيطالية حيث أحرق عدداً من أعلام الدولة الإسرائيلية. فإحراق هذه الأعلام من شأنه إشعال الكره الشعبي الذي سرعان ما تستغله التيارات اليمينية الفاشية لصالحها. وعلى غرار ما حصل في لبنان، قبل عامين، تدعو الأحزاب الإيطالية حكومة روما الى ترويج مبادرة مشابهة تخول الاتحاد الأوروبي التدخل لاحلال الهدنة الفورية قبل أن تتوسع ساحة الحرب لتشمل دولاً مجاورة وأولها لبنان.