كامل الشيرازي من الجزائر : في مشهد لم تعرفه الجزائر منذ سنوات طويلة، شهد الشارع المحلي أجواء استثنائية، اليوم الجمعة، إثر المظاهرات الحاشدة التي انتظمت في العاصمة الجزائرية وعموم الولايات، وشارك فيها الملايين تعاطفا مع ضحايا الهجوم الإسرائيلي بغزة.
وكانت الساعة تشير إلى الثانية بالتوقيت المحلي، حينما تدفقت أعداد غفيرة من الجزائريين إلى كبرى الميادين وسط العاصمة، وبدا واضحا أنّ الخطب الساخنة التي ألقاها أئمة المساجد بشأن ما يحدث في غزة، ولّدت شحنة معنوية لدى مواطنيهم، بما دفع هؤلاء إلى غزو الشوارع على نحو قياسي، ولم تلبث سوى نصف ساعة، حتى امتلأت مختلف طرقات وأزقة المدينة الأولى في البلاد بمئات آلاف الأشخاص من الجنسين ومن جميع الأعمار، راحوا كرجل واحد يقتحمون الطريق المؤدي إلى السفارة الأمريكية بالجزائر، غير عابئين بجدار أمني صارم أقيم لمنع وقوع انحرافات.
ولاحظت quot;إيلافquot; حضورا رسميا واسعا، حيث اشترك وزراء ونواب في المظاهرات، إلى جانب نقابيين وناشطي المجتمع المدني والحركة الطلابية، كما لم تخل المسيرات من حضور بنات حواء بالآلاف إلى جانب الأطفال، ولم ينتاب هذا الحراك أي خطاب سياسي، رغم محاولة بعض الحاضرين استمالة الجماهير برسائل لها صلة بالانتخابات الرئاسية، لكن المتظاهرين لم يلقوا بالا للشأن الداخلي، وانخرطوا في جوق موحّد ينددون بالهجوم الإسرائيلي والصمت العربي، حاملين أعلاما فلسطينية ومجسمات للأطفال ضحايا القصف الإسرائيلي.
وكادت الأمور أن تأخذ اتجاها مأساويا، بعد اندفاع بعض الشباب إلى القيام بأعمال تخريب طالت مقرا تابعا للشركة الجزائرية للطيران، وأدت احتكاكات بين القوى الأمنية والمتظاهرين إلى سقوط عشرات الجرحى من الجانبين إثر التدافع ورمي أشياء صلبة، لكن ضبط النفس وتدخل العقلاء حال دون تأزم الوضع أكثر.
واستمرت المظاهرات لما يزيد عن الساعتين، وانطوت على سيل هائل من الهتافات المعادية لإسرائيل وبعض الأنظمة العربية والغربية، وخشية أي تصعيد غير محمود العواقب، استنجد الأمن الجزائري بتعزيزات إضافية، خصوصا بعد إصرار المتظاهرين على التجمع أمام مقر السفارة الأمريكية.
وتباهى كثير من المتظاهرين في تصريحات لـquot;إيلافquot; بنجاحهم في كسر الحظر المزمن الذي فرضته السلطات على المسيرات منذ 14 يونيو/حزيران 2001، وأجمعوا أنّ الفرصة أتيحت لهم لإفراغ ما كان محتبسا في جعبتهم بعدما جرى قمع أكثر من مسيرة خلال الفترة السابقة.