لندن: أكتب هذا المقال إلى القرَّاء الغربيين بأطيافهم الاجتماعية والسياسية كافَّة، بينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية ذبح شعبي في غزة. بهذه الكلمات يبدأ اسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المُقالة وأحد أبرز قادة حركة حماس، نص رسالته المفتوحة التي يوجهها إلى الغرب عبر صحيفة الإندبندنت البريطانية التي تنشر نصها في عددها الصادر اليوم.

يقول هنية في رسالته، التي يبدو أنه كان قد كتبها قبل أن ترتفع حصيلة قتلى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 1030 قتيلا يوم أمس الأربعاء: quot;حتى تاريخه، بلغ عدد من قضوا (من سكان غزة) حوالي ألف قتيل، نصفهم تقريبا من الأطفال والنساء.quot;

قصف المدرسة

ويذكِّر هنية في رسالته بقصف إسرائيل الأسبوع الماضي لمدرسة تابعة لهيئة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) في مخيم جباليا للاجئين، واصفا تلك العملية بأنها quot;واحدة من أفظع الجرائم التي يمكن أن يتخيلها المرء، حيث شُرِّد مئات المدنيين من منازلهم والتجأوا إلى الوكالة الدولية لتقصفهم إسرائيل هناك بلا شفقة ولا رحمة.quot;

ولا يفوت هنية أن يشير إلى أن 46 طفلا وامرأة لقوا مصرعهم، وأُصيب العشرات بجروح في ذلك الهجوم.

ويعود المسؤول الفلسطيني، الذي تصفه الصحيفة بأنه رئيس حكومة غزة، إلى الوراء ليذكِّر بأن إسرائيل، ورغم انسحابها من غزة عسكريا عام 2005، إلا أنها أبقت فعليا على احتلالها للقطاع، وذلك من خلال سيطرتها على المعابر وحدوده البرية والبحرية والجوية.

ويقول: quot;في الواقع، لقد أكَّدت الأمم المتحدة أن الجيش الإسرائيلي قتل حوالي 1250 فلسطينيا في غزة في الفترة الممتدة مابين عامي 2005 و2008.quot;

ويضيف هنية قائلا: quot;رغم جهودها المسعورة لإخفاء الحقيقة، إلا أن السبب الجوهري الذين يكمن وراء جريمة الحرب الإسرائيلية في غزة هو انتخابات يناير/كانون الثاني من عام 2006، والتي فازت بها حماس بأغلبية ساحقة.quot;

ويردف بقوله إن ما تلا تلك الانتخابات هو أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تكاتفت واستنفرت قواها في مسعى quot;لقمع الإرادة الديمقراطية للشعب الفلسطيني.quot;

الحياة والجحيم

ويرى هنية أن تلك القوى الثلاث فعلت ذلك من خلال عرقلتها أولا لعملية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومن ثم quot;تحويل الحياة إلى جحيم بالنسبة للشعب الفلسطيني من خلال الحصار والخنق الاقتصادي.quot;

ويمضي إلى القول إن إخفاق تلك السياسة هو الذي أدَّى أخيرا إلى اندلاع quot;الحربquot; التي تشنها إسرائيل حاليا على قطاع غزة، والتي ترمي إلى quot;إسكات كافة الأصوات التي تعبر عن إرادة الفلسطينيين، ومن ثم فرض شروطها (إسرائيل) على التسوية النهائية، لتحرمنا من الأرض ومن حقنا بالقدس كعاصمة لدولتنا المستقبلية، ناهيك عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.quot;

ويعرِّج هنية على الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة وما جرَّه، ودائما حسب رسالة هنية، على سكان القطاع من معاناة وحرمان وأمراض.

كما يعبر عن صدمته لعدم قيام الأوروبيين وبقية دول الغرب بأي شيء لإدانة الحصار ورفعه عن شعب غزة.

ويعبر هنية في رسالته عن إصرار الفلسطينيين على الصمود في وجه الهجوم الإسرائيلي قائلا: quot;لن يردعنا أي من الاعتداءات التي تُرتكب ضد مدارسنا ومساجدنا ووزاراتنا ومشاريع البنية التحتية المدنية عن المطالبة بحقوقنا الوطنية.quot;

كسر الإرادة

ويضيف بقوله: quot;لاشك، أنه بإمكان إسرائل هدم وتدمير كل مبنى في قطاع غزة، لكنها لا تستطيع كسر تصميمنا أو صمودنا وثباتنا على العيش بكرامة على أرضنا.quot;

ويتساءل قائلا: quot;إذا كان تجميع الناس المدنيين في أحد المباني فقط من أجل أن يتم قصفه أو استخدام القنابل الفوسفورية أو الصواريخ ليس بجريمة حرب، إذ ماذا يمكن أن يكون؟quot;

ويقول المسؤول الفلسطيني: quot;لا فلسطين ولا العالم أجمع سيكون كما كان من قبل بعد هذه الجرائم.quot;

وعن شروط حماس للقبول بوقف إطلاق النار، يقول هنية: quot;على إسرائيل أن تنهي حربها الإجرامية وذبح شعبنا، وأن ترفع حصارها غير القانوني لقطاع غزة وبشكل تام وبدون شروط، وأن تفتح جميع المعابر الحدودية وتنسحب كليا من غزة. بعد هذا سنفكر بالخيارات المستقبلية المتاحة.quot;

ويختم هنية رسالته إلى الغرب بقوله: quot;أيّا كان الثمن، فإن مواصلة إسرائيل لمذابحها لن يكسر إرادتنا ولن يحطم طموحاتنا وتطلعنا لنيل الحرية والاستقلال.quot;

فيسك وصواريخ لبنان

والشأن الفلسطيني كان حاضرا أيضا بقوة في الصحف البريطانية الصادرة اليوم، والتي أفردت مساحات واسعة لتغطية تطورات وانعكسات الهجوم الإسرائيلي على غزة مع دخوله يومه العشرين.

فتحت عنوان quot;صواريخ الصفيح (التنك) لن تفتح جبهة ثانيةquot;، يكتب روبرت فيسك، مراسل الإندبندنت في منطقة الشرق الأوسط، مقالا تحليليا يتناول فيه مغزى وانعكاسات إطلاق الدفعة الثانية من صواريخ الكاتيوشا من جنوب لبنان على شمال إسرائيل يوم أمس الأربعاء.

يقول فيسك في مقاله عن صواريخ الكاتيوشا تلك: quot;إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة- هي المسؤولة عن كافة صواريخ الصفيح (التنك) التي أُطلقت على إسرائيل من لبنان خلال الأسبوع المنصرم.quot;

ويضيف قائلا: quot;إنها ليست الجبهة الثانية. إنها ليست بداية اشتعال الجبهة الشمالية. فلا أحد قد أُصيب عندما أُطلقت ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان وسقطت في مناطق مفتوحة بالقرب من مستوطنة كريات شمونة البارحة.quot;

ويمضي الكاتب إلى القول إن إسرائيل لا تريد فتح جبهة ثانية الآن، فليست هذه هي اللحظة المواتية التي تدَّعي فيها إسرائيل أيضا أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، والتي ينتشر عناصرها على أطراف مدينة صيدا جنوبي لبنان، هي quot;مركز الإرهاب في العالم.quot;

ويختم فيسك المقال بقوله: quot;سيشكل ذلك لو حصل (ادعاء إسرائيل) مفاجأة بالنسبة للمحللين الغربيين، وبالتالي لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما.quot;

إسرائيل والفوسفور

أما صحيفة التايمز، فتنشر اليوم تحقيقا بعنوان quot;الشظايا والقذائف تثبت استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض، كما يقول أطباء غزة.quot;

يقول التحقيق، الذي أعدته مراسلة الصحيفة في القدس، شيرا فرانكيل، لقد تم العثور في حي الشيخ عجيلين غربي مدينة غزة على بقايا شظايا وقذائف الفوسفور الأبيض، إذ وُجد على غلافها الخارجي دمغة مكتوب عليها الرمز (M825A1).

وتنقل الصحيفة عن شهود عيان في غزة قولهم إن تلك القذائف التي تم العثور عليها في المنطقة المذكورة كانت قد أُلقيت في التاسع من الشهر الجاري، وتم الاحتفاظ بها لتشكل الدليل على استخدام الجيش الإسرائيلي للقنابل الفوسفورية في قصفها لغزة.

ويروي شهود العيان كيف أنهم تذكروا أثناء إلقاء القذائف المذكورة رؤية سحب الدخان الكثيفة الناجمة عنها وانتشار رائحة قوية كريهة شبيهة برائحة الثوم التي تُقرن عادة بوجود مادة الفوسفور.

ويضيف شهود العيان بقولهم إنهم شاهدوا على غلاف القذيفة التي عثروا عليها كتابة باللغة العبرية تقول: quot;دخان انفجاريquot;، وهو التعبير الذي يستخدمه الجيش الإسرائيلي عادة للدلالة على الفوسفور الأبيض.

كما تنقل الصحيفة عن كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، ومقرها العاصمة الأميركية واشنطن، قوله بوصف القنابل الفوسفورية: quot;هذا مركَّب كيماوي يحرق الكتل الإنشائية والبشر، ويجب ألا يُستخدم في المناطق المأهولة.quot;

أطفال غزة

صحيفة الديلي تلغراف تنشر هي الأخرى تقريرا عن الأوضاع في غزة، ولكن هذه المرة بعين جرَّاح بريطاني أمضى أسبوعين داخل قطاع غزة وعاد ليروي مشاهداته عن مظاهر quot;الذعر والمعاناة المرَّة التي يحياها سكان القطاع تحت القصف الإسرائيلي.quot;

فتحت عنوان quot;طبيب يصف إصابات الأطفال المرعبةquot;، تنقل الصحيفة عن هارالد فين، وهو هولندي المولد ويعمل لصالح مركز quot;برنسيس رويالquot; الطبي التابع لسلاح البحرية الملكية البريطانية في جبل طارق، قوله:

quot;لقد عملت في مناطق الحروب من قبل، لكن عدد الأطفال الذين يعانون من إصابات مروِّعة كتلك بلغ حدا كبيرا.quot;

ويضيف فين قائلا: quot;ترى طفلا صغيرة جميلا، لكن عندما تقلبه على جنبه الآخر، تجد جرحا أو فتحة كبيرة في جسده، الأمر الذي يعني إما سيموت أو سوف يحيا بعاهة مستديمة وشقاء دائم.quot;

ميليباند وquot;الحرب على الإرهابquot;

أما صحيفة الغارديان، فتنشر اليوم مقالا على صفحاة الرأي والتحليل لوزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند بعنوان: quot;لقد كانت الحرب على الإرهاب خطأ.quot;

يناقش الوزير البرطاني الشاب في مقاله المطوَّل فكرة ما إذا كان بمقدور الغرب فعلا أن يشق طريقه بثقة وأمان وسط المخاطر والمصاعب التي يواجهها في حربه على الإرهاب.

يرى ميليباند أن تعبير quot;الحرب على الإرهابquot; يقدم فكرة خاطئة عن وجود عدو كوني موحَّد، كما يشجع هذا العدو المفترض على اللجوء بشكل أساسي إلى رد فعل عسكري بشكل لما يعتبره حربا تُشن عليه.

يقول ميليباند في مقاله: quot;لقد سببت الهجمات الإرهابية على مدينة مومباي الهندية قبل سبعة أسابيع مضت موجة من الصدمة في كافة أنحاء العالم. أما الآن، فالعيون تتجه إلى منطقة الشرق اأوسط، حيث الرد الإسرائيلي على صورايخ حماس، تلك العملية العسكرية الضارية التي خلَّفت ألف قتيل من سكان غزة.quot;

ويضيف بقوله: quot;بعد تسع سنوات على وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، يبدو من الواضح أننا نحتاج إلى إجراء نظرة فاحصة ومراجعة عميقة لجهودنا الرامية لمنع التطرف وما ينتج عنه من فظاعة، أي إرهاب العنف.quot;

ويمضي ميليباند في مقاله إلى القول: quot;إن الدعوة للحرب على الإرهاب كانت دعوة لحمل السلاح، ومحاولة لبناء جبهة من التضامن لمقارعة عدو مشترك واحد. إلا أن أساس التضامن بين الشعوب والأمم يجب أن يُبنى ليس على من نقف ضده، بل على فكرة من نحن وعلى القيم التي نشترك بها.quot;

ويختم بقوله: quot;إن الإرهابيين ينجحون عندما يعتبرون البلدان خائفة ولديها الرغبة بالانتقام، وعندما يزرعون بذور الانقسام والفرقة والعداء وعندما يرغمون البلدان على الرد عليهم بعنف وقمع. لذلك، فالرد الأنسب والأفضل عليهم هو أن نرفض الانسياق أمامهم والإذعان لترويعهمquot;.

أوباما وبن لادن

وفي التايمز، نقرأ تحقيقا ليس ببعيد عن الحرب على الإرهاب، إذ تعنون الصحيفة quot;باراك أوباما يقول لم يعد من المهم قتل أسامة بن لادن.quot;

يتحدث التحقيق، الذي أعده مراسل الصحيفة في واشنطن، عن رد فعل الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، على التسجيل الصوتي الأخير لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

يبرز التحقيق إشارة أوباما إلى أن القبض على بن لادن حيا أو ميتا لم تعد تشكل أولوية بالنسبة للأمن القومي الأميركي، كما كان يقول الرئيس الأميركي المنصرف جورج دبليو بوش، بل يكفي quot;إبقاء القاعدة مطاردة في الكهوف والمخابئ السرية.quot;

ونبقى مع التايمز، ومع إرث حرب بوش على الإرهاب، لنقرأ تحقيقا بعنوان: quot;واحد من كل خمسة معتقلين في سجن جوانتانامو يضرب عن الطعام.quot;

يتحدث التقرير، المرفق بصورة كبيرة يظهر فيها جندي أميركي يقف أمام مدخل المعتقل الأميركي الشهير في كوبا، عن إضراب خُمس نزلاء معتقل جوانتانامو عن الطعام بغرض جذب اهتمام أوباما إلي قضيتهم وحثه على الإسراع بإغلاق السجن.

انتحال شخصية

ومن الولايات المتحدة نختم عرض صحافة اليوم، ولكن بقصة طريفة هذه المرة لاعلاقة لها بالحرب أو بالإرهاب: إنها قصة الأميركية ويندي براون التي سرقت هوية ولباس ابنتها الشابة وانتحلت شخصيتها لتتظاهر أنها طالبة مدرسة شابة.

تقول الأم إنها كانت تحاول العودة بالزمن قليلا إلى الوراء، علها تتتمكن من استعادة شيء من حياة الطفولة والمرح وquot;الشقاوةquot;.

صحيفة التايمز تفرد مساحة لقصة وصورة يندي بروان لتحدثنا عن نجاح الأم، التي تبلغ من العمر 34 عاما وتكبر ابنتها بعشرين سنة، بإقناع إدارة المدرسة والمدرسين بأنه فعلا طالبة وإن بدت على وجهها بعض معالم التقدم بالسن أكثر من زميلاتها الأخريات.

لعل الجميع كان يخشى أن يجرح شعور quot;الطالبة الكبيرةquot; بسؤالها عن عمرها الحقيقي!.