العراقيون منقسمون حول وعود أوباما quot;بإنسحاب مسؤولquot;
الأمن وتدخل الجوار وجدية التعاون هواجس ما بعد الرحيل
أسامة مهدي من لندن:
أظهرت آراء عبّر عنها عراقيون من داخل بلدهم وخارجها في اتصالات مع quot;ايلافquot; عن انقسام حيال المواقف المستقبلية للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس باراك اوباما تجاه العراق وخاصة في ما يتعلق بإنسحاب القوات الأميركية والمرحلة التي تعقبها بعد تسلم القوات العراقية للمسؤوليات الامنية كاملة في البلاد متساءلين عن الكيفية التي ستترك بها هذه القوات لبلدهم quot;بشكل مسؤولquot; كما قال أوباما في خطاب التنصيب .

ففي وقت عبّر مواطنون عن تفاؤلهم إزاء وعد أوباما في خطاب التنصيب بـ quot;انسحاب مسؤول يترك العراق لشعبهquot; وامكانية انسحاب القوات الاميركية من العراق خلال 16 شهرًا وعد بها، خلافًا لما نصت عليه الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية بانجاز الانسحاب في نهاية عام 2011 فقد رأى اخرون ان اوباما سيتمسك بمضامين الاتفاقية في النهاية، ولن يأمر بانسحاب مبكر . كما ابدى مواطنون مخاوف من ان يترك الانسحاب فراغًا امنيًا في العراق يتيح توسعًا في تدخل الجوار بشؤون العراق وعودة لنشاط المليشيات الطائفية في تهديد الامن المتحقق نسبيًا في انحاء البلاد حاليًا منوهين في هذا المجال بعلاقات تربط بين بعض افراد هذه المليشيات وعناصر في القوات الامنية الرسمية .
وقال الرئيس الاميركي الجديد باراك اوباما لدى تنصيبه ان الولايات المتحدة quot;ستبدأ وبشكل مسؤول في ترك العراق لشعبهquot; .

ويرى رئيس الكتلة النيابية لجبهة التوافق العراقية ان نمط التعامل الاميركي في عهد اوباما سيختلف عن النمط الذي انتهجته الادارة الاميركية السابقة . وقال في تصريح مكتوب وصلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; quot;ان الرسائل التي نقلها نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن عن اوباما الى القيادات العراقية (خلال زيارته الى بغداد الاسبوع الماضي) تعكس النهج الجديد للادارة الاميركية القائم على دعم المؤسسات العراقية وليس دعم الاحزاب او الاشخاص أي ان هناك دعمًا مؤسساتيًاquot;. واشار الى ان المضمون الثاني لرسائل اوباما يؤكد ان على العراقيين ان يعالجوا مشاكلهم الداخلية بأنفسهم واذا لم يكونوا قادرين على حل مشاكلهم فلدى الولايات المتحدة اولويات اخرى في العالم ينبغي معالجتها وانها ليست ملزمة باستمرار الدعم اذا لم يكن هناك توافق في حل المشاكل الداخليةquot;. واوضح ان الادارة الاميركية لها ظروفها الخاصة التي لا تسمح لها بأن تكون موجودة في أي مكان في العالم لذا ستقلل من التزاماتها تجاه العراق .

وفي اتصال هاتفي اجرته quot;ايلافquot; مع عدد من المواطنين العراقيين في بغداد ومدن عراقية اخرى قال سعد قاسم quot;استاذ ثانويةquot; في بغداد انه من الممكن توقع تغييرات في عهد اوباما تجاه العراق ستكون عقلانية وغير مدفوعة بهواجس متخوفة كالتيدفعت الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الى شن حربه في العراق . واضاف ان ظروف العالم عام 2009 التي يتولى فيها اوباما الرئاسة هي غير ظروف عام 2003 التي كانت فيها المواجهة محتدمة بين الرئيس السابق صدام حسين وادارة بوش التي اتهمته بتخزين اسلحة الدمار ومحاولة اغتيال بوش الاب والتعاون مع القاعدة التي نفذت تقجيرات 11 ايلول . وقال انه من هنا فإن اوباما يتسلم الرئاسة من دون خلفيات مشحونة بالعداء ولذلك فهو سينظر الى العراق كبلد بدأ يصنع مستقبله وامنه وتقدمه وسيتعاون معه على اساس نوع من التكافؤ وليس بين احتلال ومحتل . واشار في هذا الصدد الى تاكيد اوباما الى ان بلاده ستترك العراق بشكل مسؤول لشعبه وهو ما اعتبره تاييد لرايه .

اما الطالب الجامعي احمد عبد الكريم من مدينة بعقوبة فقد ابدى خشية من انسحاب اميركي سريع سيقدم عليه اوباما قبل التاكد من جاهزية القوات العراقية التي قال ايضا انها مخترقة من بعض الطائفيين رافضا الافصاح عن هويتهم . لكنه استدرك مشيرًا الى انه لايعتقد ان اوباما سينفذ وعوده بالانسحاب خلال 16 شهرا التي وعد بها .. موضحًا ان اوباما لا يمكن ان يتخذ مثل هذا القرار لوحده من دون موافقة القادة العسكريين وهؤلاء هم انفسهم الذين قرروا ان الانسحاب لا يجب ان يتم قبل نهاية عام 2011 . واشار الى انه يرى ان هذا هو ما قصده اوباما في خطابه عن انسحاب مسؤول .

وعلى خلاف ذلك قال عسار عبد اللطيف وهو موظف ان القوات العراقية اصبحت قوية وهناك حوالي مليون رجل امن من الشرطة والجيش قد استلموا الملفات الامنية لثلاثة عشر محافظة من بين محافظات العراق الثمانية عشر التي يشهد معظمها استقرارا مشجعا . واضاف ان مايحتاجه العراقيون هو انهاء الاحتلال باسرع وقت معبرا عن الامل في ان يسحب اوباما قوات بلاده قبل 16 شهرا التي وعد بها ويترك العراق للعراقيين ويبتعد عن ارضهم وثرواتهم .

أما المحلل الاقتصادي نعمة جابر فقد اوضح ان العراق بامس الحاجة الى وضع الادارة الاميركية لكل ثقلها في مساعدته على النهوض اقتصاديا والتخلص من جميع ديونه موضحا ان هذا الجهد قد بدأ في عهد الرئيس السابق جورج بوش وعلى الادارة الجديدة تكملته في عهد اوباما . واشار في هذا النطاق الى ان اتفاقية الاطار والتعاون الموقعة بين البلدين وضعت اسسًا فاعلة لتعاون اقتصادي وثقافي وعلمي وزراعي بين البلدين . وشدد على ضرورة استغلال العراقيين لهذه الاتفاقية بشكل يحقق لهم تقدمًا يتجاوز سنوات quot;التخلفquot; التي عاشوها في زمن النظام السابق . وقال ان سحب القوات مبكرًا من العراق سيتيح لاوباما فرصة التفرغ الى تعاون مثمر مع العراق اقتصاديًا وعلميًا، خاصة وان الاميركيين ينظرون الى العراق كمصدر مهم للنفط .
رأي آخر مختلف عبرت عنه ربة البيت نادية علوان حيث اسارت الى ان اوباما لايمكن ان يجري تغييرات كبيرة في النهج الذي سار عليه سلفه بوش لان المحرك لكل الرؤساء الاميركيين هو اللوبي الصهيوني المعادي للعراق على حد قولها مشيرة في هذا المجال الى تعيين هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية وهي من اكبر مؤيدي اسرائيل .

اما العسكري السابق عبد اللطيف نصار المقيم في لندن فقد اشار الى ان على الرئيس الاميركي ان يتاكد قبل الانسحاب من العراق الى وضع اسس لتخليص العراقيين من تدخل الجوار في شؤونهم الداخلية وخاصة من قبل ايران التي اثبتت المعلومات انها تلعب على حبال موازين القوى في العراق فهي دعمت تنظيم القاعدة في ذات الوقت الذي دربت وجهزت جيش المهدي بالاسلحة والمتفجرات والعبوات اللاصقة كما يرى . وقال ان هناك سؤالاً يدور في ذهنه منذ دخول الاميركيين الى العراق عام 2003 ولم يجد له جوابًا لحد الان وهو : كيف قدم الاميركيون كل هذه التضحيات الكبيرة بشريًا وماديًا ليسمحوا لعدوهم الرئيس في العالم quot;ايرانquot; بهذا التدخل السافر في شؤون العراق .. ولمصلحة من ؟ ويجيب بالتاكيد انه ليس في مصلحة العراق .
وفي الاخير فإن الصحافي كاظم ماجد يعتقد ان العراق سيكون في الدرجة الثانية من اهتمامات اوباما بعد افغانسان . ويقول انه بحسب حوارات اجراها مع مسؤولين اميركيين في العراق فإن هناك قرارًا اميركيًا بسحب 60 الف عسكري اميركي من بين 150 الفًا لهم في العراق وارسالهم الى افغانستان خلال ستة اشهر موضحا ان هؤلاء هم الذين سيتم سحبهم من المدن العراقية في نهاية تموز (يوليو) المقبل كما تنص الاتفاقية الامنية بين البلدين على ذلك . ويضيف انه استنادا الى هذه المعطيات فإن الغالب في الامر ان يقوم اوباما بسحب قوات بلاده من العراق خلال 16 شهرًا من الان او حتى قبل ذلك .