quot;إيلافquot; كانت الصحيفة العربية الوحيدة التي زارها مبعوث أوباما
ميتشل يقر مبدأ quot;الألم يصنع الأملquot; في أزمة الشرق الأوسط

سلطان القحطاني من لندن: أمام السيناتور الأميركي جورج ميتشل الذي عيّن مؤخرًا كمبعوث لإدارة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط مهمة صعبة جدًا، لكنها ليست مستحيلة على شخص استطاع بعد 700 يوم من الإخفاق أن يجمع الفرقاء الايرلنديين في يوم واحد ( الجمعة العظيمة ) منهيًا بذلك نزاعًا داميًا استمر عشرات السنوات.

وقال ميتشل غداة إعلان تعيينه رسميًا من قبل إدارة أوباما في تصريح تفوح منه رائحة التفاؤل: quot;أفهم الذين يشعرون بإحباط حول الشرق الأوسط، ولكن ليس هناك شيء اسمه نزاع لا يمكن إنهاؤه، فالنزاعات تبدأ على يد البشر وتنتهي على يد البشر، ويمكن أن تتحقق في الشرق الأوسط أيضًاquot;.

وتستذكر quot;إيلافquot;، التي كانت الصحيفة العربية الوحيدة التي زار مكتبها الرئيس في لندن عام 2001، حوارًا سابقًا أجرته مع مبعوث السلام الجديد في المنطقة، شارك فيه الزميلان بكر عويضة وأمير طاهري، يمكن أن يعطي لمحة عما تقوم عليه إستراتيجية الرجل الذي يتولى بين بيديه واحدًا من أعقد الملفات السياسية في العالم.

ومعروف أن ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يزال لغمًا من الألغام المؤجلة في المنطقة وغالبًا ما تسبب في التأثير سلبيًا على علاقة الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها من الدول المعتدلة التي تريد حلاً شاملاً وسريعًا يقوم على دولتين واعتماد حدود ما قبل العام 67 إضافة إلى عودة اللاجئين.

ميتشل، الذي كان من أوائل قراء quot;إيلافquot; علاوة على أنه صديق شخصي لناشرها، لخص رؤيته للحل في المنطقة خلال الحوار السابق عبر رأي مفاده أن الطرفين (الإسرائيليين ndash; الفلسطينيين) قد وصلا إلى ذروة التشاؤم والألم مما يجعلهم أكثر رغبة في إحلال السلام بغية التخلص من الأعباء الثقيلة لخمسين عامًا من الصراع.

جورج ميتشل وعثمان العمير

وتحدث عن المشهد الذي جعله يرى أن quot;الألمquot; هو الذي سيصنع quot;الأملquot; في الحل :quot; ما سمعته من شارون وعرفات... قالا لي بعبارة تكاد تكون متطابقة بأن حياة شعبيهما أصبحت لا تطاق من جراء هذا الصراع وأعربا عن أملهما في استئناف مفاوضات تضعهما في الطريق الصحيح نحو تسوية نهائية لهذا الصراعquot;.

إلا أنه الآن، وبعد خمس سنوات من ذلك اللقاء، سوف يجد جورج ميتشل الوضع قد تغير كثيرًا في المنطقة التي عرفها رغم أن الجذور لا تزال كما هي؛ فقد رحل عرفات مسمومًا وشارون لا يزال في غيبوبة قد لا يفيق منها، إضافة إلى أن إسرائيل أصبحت أكثر صلبًا وأن الفلسطينيين أصبحوا أكثر تفككًا تحت قيادة رئيس ضعيف لا يتمتع بكاريزما تؤهله للحكم.

أما الوضع في العالم العربي فلا يمكن أن يصبح أكثر سوءًا مما هو عليه حالياً بعد أن بلغ الصراع أوجه بين quot;الدول الدولquot; وquot;الميليشيات الدولquot;، وأصبح مبعوثو حماس وحزب الله يجولون العواصم كأنهم ممثلون لدول تخصهم وحدهم، وذلك على الرغم من دعوة جريئة من قبل العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لتجاوز الانقسامات العربية.

وعلى ميتشل قبيل الدخول في لعبة كلمات متقاطعة مع أطراف الصراع المزمن أن يعمل النظر أكثر فأكثر على بنية السلطة الفلسطينية المتهالكة وخصوصاً سؤال المليون دولار عما إذا كان عباس قادرًا فعليًا على أن يصبح quot;رجل كل الفلسطينيينquot; خلال توقيعه على أي إتفاق ملزم مع إسرائيل.

أما على المقلب الآخر من الخريطة فيمكن لمبعوث السلام الجديد التلويح بجوائز قبول إسرائيل بالمبادرة العربية، التي أطلقها العاهل السعودي وهو يفكر في سحبها بسبب التعنت الإسرائيلي المستمر، خصوصًا وأن جائزتها الكبرى ستكون التطبيع مع دولة تروي 25 في المئة من العطش العالمي للنفط.

وميتشل الماروني كان المساعد الخاص للرئيس بيل كلينتون للشؤون الاقتصادية في ايرلندا الشمالية منذ العام 1994. وفي كتاب له حول هذه التجربة بعنوان quot;صنع السلامquot; روى ميتشل كيف ان العادات السياسية المحلية خلال المحادثات حول اتفاق السلام شكلت اختبارا لقدراته كمفاوض.

ورأس ميتشل كذلك في 1999 لجنة تحقيق حول فضيحة طاولت حصول مدينة سالت لايك سيتي (يوتاه غرب) على شرف استضافة الألعاب الاولمبية الشتوية في 2002. وفي العام 2000 كلف ميتشل رئاسة لجنة دولية للشرق الأوسط حملت اسمه لإيجاد السبل المؤدية إلى وقف العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفي تقريره الذي قدمه في 2001 دعا ميتشل الطرفين إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف العنف دون شروط إلا أن مقترحاته بقيت حبرًا على ورق.

ولد جورج ميتشل وهو الابن الأكبر بين خمسة أولاد في 20 آب/اغسطس 1933 في واترفيل (ماين شمال غرب) وهو من عائلة كاثوليكية متواضعة من أب ايرلندي وام لبنانية. وبعدما عمل لتمويل دراسته في الحقوق كسائق شاحنة ومراقب ليلي بدأ حياته المهنية كمحام ومدع عام وقاض.

ودخل ميتشل مجلس الشيوخ حيث شغل منصبه من 1980 ولغاية 1995. وترأس الغالبية الديمقراطية في المجلس من 1988 إلى 1994 خلال إدارة جورج بوش الأب وبيل كلينتون. وبعدما اعتزل الحياة السياسية أصبح ميتشل شريكًا في احد مكاتب المحاماة وعضوًا في مجالس إدارة العديد من المجموعات الكبرى.

ومن الصعوبة تصوّر أن ميتشل سيكون مسيحًا جديدًا يجعل الماء خمراً هكذا بطرفة عين خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط التي ترزح تحت وطأة خيارين :إما أن يكون quot;السلام عليهاquot; أو quot;عليها السلامquot;. إلا أن على الجميع التعلق بالأمل.

رابط مقابلة ميتشل مع quot;إيلافquot;
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Archive/994641670236854700.htm