اعتبروا شعائر عاشوراء ومحاربة الفساد من ثوابت الناخبين العراقيين
علماء بحوزة النجف ينحازون لحزب الحكيم ضد حزب المالكي

أسامة مهدي من لندن: في وقت تدخل الحملة الانتخابية العراقية ايامها الثلاثة الاخيرة وتشتد فيها التنافسات بين القادة الذين يقفون على رأس قوائم انتخابية وتأخذ مسار الاتهامات العلنية احيانا والمبطنة أحيانا اخرى فقد ألقى علماء من حوزة النجف بثقلهم الى جانب المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة زعيم الائتلاف الشيعي الحاكم عبد العزيز الحكيم ضد حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي متخذين من مهاجمة مستشار لهذا الاخير شعائر عاشوراء واعتبارها بدعا، سببا في عدم التصويت لقائمته .

وقال علماء حوزة النجف في موقف واضح من تأييد قائمة المجلس الاعلى الانتخابية quot;لمّا اعتادت المرجعية العليا أن لا تدعو الى قائمة بعينها ، وإنما تشير الى خطوط عامة واضحة المعالم، فإنه يمكن لكل مواطن تشخيص القائمة (السائرة على خط المرجعية والأقرب اليها) بسهولة من خلال ملاحظة خطب زعماء القوائم الانتخابية وقادتها وممثليها ومن خلال متابعة وسائل إعلامها التلفزيونية وغيرها وذلك لمعرفة مدى اتباعها لأوامر ونصائح المرجعية العلياquot; في اشارة الى تشديد الحكيم ونجله عمار على ضرورة التمسك بشعائر عاشوراء التي اعتبرها مستشار للمالكي بانها من البدع . .

واضافوا في بيان ارسلت نسخة منه من النجف الى quot;ايلافquot; اليوم quot;لقد اكد المراجع العظام أصحاب السماحة السيد علي السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم والشيخ بشير النجفي (دام ظلهم)على التصويت لمن يلتزم ب (ثوابت الشعب العراقي) ومن يتبنى قضايا المؤمنين و (يحمل همومهم وتهمه قيمهم وقضاياهم الدينية ومعاناتهم القاسية التي مرت بهم طيلة العقود الماضية)quot; . واشاروا الى ان مكافحة الرشوة والضرب على أيدي مستغلي المال العام لصالح فرد أو حزب ومحاربة الفساد المالي والإداري المستشري في مؤسسات الدولة والحفاظ على هوية ووحدة العراق، والتركيز على الشعائر الحسينية هي في مقدمة ثوابت الشعب العراقي وقيمه وقضاياه الدينية .

واضاف علماء الحوزة انه من الطبيعي بعد ذلك أن من يقيّد الشعائر الحسينية ويحددها وفق هواه ويقول إن قسما منها من البدع التي جاءت من الترك أو الفرس ليس ممن يلتزم بثوابت الشعب العراقي ولا ممن تهمه قضاياه الدينية وهويته وقيمه . وتساءلوا قائلين quot;كيف يكون ملتزما بالثوابت والقضايا الدينية من يعتقد ويصرح بآراء هي كما يقول المرجع النجفي (غواية وضلالة أشم منها رائحة العداوة للحق وألمس أيدي النصب وراء هذه الأفكار، أدعو الله أن يكفي المؤمنين شرهم) . واوضحوا ان فتى النجفي هذه جاءت إجابة عن سؤال وجه اليه عمّا ورد في خطاب عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة ومستشار رئيس وزراء العراق الذي عدّ فيه بعض الشعائر الحسينية من البدع التي جاءت من الترك أو الفرس.

ففي تصريحات له وصف حسين الشامي القيادي في حزب الدعوة قبل ايام الطقوس والشعائر التي يمارسها الشيعة في عاشوراء ذكرى مقتل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عام 61 للهجرة بأنها من البدع وقد quot;جاءت من الفرس والترك وغيرهم من الاقوامquot; .

لكن عمار الحكيم نجل الزعيم الشيعي عبد العزيز رد على ذلك مدافعا عن quot;الشعائر الحسينيةquot; في عاشوراء واصفا إياها بأنها quot;ركيزة مهمة من ركائز الإسلامquot;. وقال إن quot;الشعائر الحسينية مشروع صمم له أهل بيت النبي محمدquot;. واوضح الحكيم أن quot;ممارسة الشعائر الحسينية ليست بدعة أو ابتكارا أو مزاجا كما يصفها البعضquot; مشيرا إلى أن quot;بعض الروايات التاريخية دلت على ضرورة الالتزام بالشعائر الحسينية في عاشوراءquot;. وقال quot;إننا لا نتماشى مع أي نداء يريد تفكيك هذه الشعائر ويريد أن ينظر إلى الشعائر المبتكرة على أنها بدعة ولا تتمتع بالشرعية اللازمة لأدائهاquot; مشيرا إلى أنه quot;من المعيب جدا التشكيك بالشعائر الحسينية لوجود خطأ هنا أو هناك ونسبة الخطأ موجودة في كل مكان وزمانquot; على حد تعبيره.

وطالب علماء الحوزة المواطنين كافة وخاصة أبناء المحافظات البعيدة quot;الى اتباع رأي المرجعية العليا بالمسير الى كربلاء بعد المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات وعدم توجه المؤمنين للزيارة قبل الادلاء بأصواتهم ولو بقطع بعض الطريق بالسيارات ثم مواصلة المشي لكربلاء المقدسةquot; في دعم لدعوة اطلقها الحكيم امس الاول للقيام بهذه المسيرة .

ويأتي هذا الموقف في اعقاب تزايد الانتقادات المتبادلة بين القادة السياسيين وخاصة الشيعة منهم مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات العراقية السبت المقبل والتي ستلعب نتائجها دورا حاسما في مستقبل المحافظات الجنوبية .

وقد حذر رئيس الوزراء نوري المالكي من الكيانات السياسية التي quot;تدعي دعم المرجعية لهاquot; في الانتخابات مؤكدا ان المرجعية الشيعية على quot;مسافة واحدةquot; من المرشحين في اشارة الى المجلس الاعلى . وقال المالكي نحذر من الدعاية بعضها ادعاء بالكمال وهذا يقول ان المرجعية تدعمني بالسر وآخر يقول انه مرشح المرجعيةquot; في اشارة الى ما يقوله مرشحون على لائحة المجلس الاسلامي الاعلى . وقال quot;كيف ذلك؟ فالمرجعية تردد يوميا على لسان وكلائها انها على مسافة واحدة من الجميعquot;. وكان المرجع الشيعي الاعلى في النجف آية الله علي السيستاني قد اكد مرارا انه لا يؤيد قائمة او مرشحا محددا في انتخابات المحافظات وانه يقف على مساحة واحدة منها.

واشار المالكي الى ان البعض يخدع البسطاء ويقول لهم ان المرجعية لا تقول بشكل صريح انما تقول بشكل سري quot;لكن المرجع لا يخاف قول كلمته اذا كان مقتنعا بقائمة فهو اكبر من ان يمارس هذا الدور، لن يقول شيئا علنا وشيئا اخر خفية انه اكبر واقدس واجلquot; .

وقال المالكي في مهرجان انتخابي في مدينة الناصرية الجنوبية اليوم ان الانتخابات ستفرز مجالس تتمتع بصلاحيات واسعة تندرج ضمن اطار اللامركزية. قال رئيس الوزراء السيد نوري كامل المالكي ان وحدة العراق تتوقف عليها كل الامال والطموحات وسندافع بقوة عن محاولات تقسيم او اضعاف العراق او تعريض حكومته الاتحادية المركزية للضعف لان ضعفها لا يمكنها من حماية العراق وسيادته ووحدته .

وشدد على انه لا يمكن للشيعة او السنة او الاكراد والتركمان والمسيحيين العيش سعداء واقوياء بمعزل عن بعضهم البعض الا في ظل دولة قوية والى جانب جميع المكونات من شبك وايزيدية وصابئة وان الوحدة الوطنية لابد ان تقوم على اسس العدالة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين . واضاف quot; نحن نحترم كل الانتماءات ونعتبرها تأصيلا للتنوع العراقي لكنها ليست امتيازا لمواطن دون آخر وسنتمسك باحترام الجميع وضمان حرياتهم وشعائرهم ومعتقداتهم التي هي امانة في أعناقنا ومنها الشعائر الحسينية التي هي مصدر الالهام والقوة والجهاد بها ننتصر ونخرج على الظالم ونسترخص الدماء ونتوحدquot; .

ودعا المرشحين من جميع القوائم الى التنافس الشريف وان لا يكون هدفهم الحصول على المواقع لخدمة الطائفة او الحزب ، بل ليساهموا في شرف خدمة العراق وامنه واستقراره وشرف الحفاظ على العراق موحدا قويا كامل السيادة الوطنية . وطالب الاجهزة الامنية الى توفير الحماية والحرية لجميع المرشحين من مختلف القوائم وضمان حقوقهم في ممارسة الدعاية الانتخابية المشروعة لانهم سيلتقون في مجلس واحد جديد منتخب .

وتنطوي الانتخابات على رهان مهم للغاية في جنوب شيعي غني بالثروات الطبيعية تتنافس فيه فصائل وجهات عدة ابرزها التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة بزعامة المالكي. يذكر ان المجلس الاعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري فازوا في الانتخابات التشريعية العام 2005 تحت قائمة quot;الائتلاف العراقي الموحدquot; .

ويتنافس 14428 مرشحا في انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي لشغل 440 مقعدا في 14 محافظة من أصل 18 محافظة في العراق حيث لن تشارك محافظات إقليم كردستان الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك في الانتخابات اضافة الى كركوك التي تقرر تاجيل الانتخابات فيها و تقسيم السلطات فيها بين العرب والأكراد والتركمان. وسيكون بوسع 14 مليونا و780 شخصا الإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات التي ستجري السبت المقبل موزعين على 6500 مركز انتخابي في المناطق التي ستشهد الانتخابات.