يرى محللون أن الهجوم الذي استهدف الحرس الثوري الإيراني أضر كثير بصورته، حيث سيطرح الإيرانيون أسئلة أبرزها كيف يمكن لجهاز أمني لا يستطيع حماية نفسه أن يقدم الحماية للناس.

طهران:ألقى زعماء ايرانيون باللوم على أعداء أجانب في تفجير انتحاري نفذه متشددون سنة كوسيلة لاخفاء صدمتهم من الهجوم الذي قتل 42 شخصا وأضر بهيبة قوات الحرس الثوري ذات النفوذ المتزايد.
وتوعد زعماء ايران - الذين يواجهون بالفعل ضغطا دوليا حول سياستهم النووية وسخطا داخليا بسبب انتخابات يونيو حزيران المتنازع على نتيجتها - بالانتقام لهجوم الأحد الذي أنحوا باللائمة فيه على أجهزة مخابرات الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان.

وقال باقر معين المحلل الذي يقيم في لندن quot;انه (الهجوم) يضر بالحرس الثوري لان الناس سيتساءلون كيف يمكن لاناس لا يستطيعون حماية أنفسهم حماية أمن البلاد..quot;
وقال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري يوم الاثنين ان ايران لديها وثائق تشير الى صلات مباشرة بين جند الله وأجهزة استخبارات أميركية وبريطانية وquot;للاسفquot; باكستانية.

ونقلت عنه وكالة الطلبة الايرانية للانباء قوله quot;وراء هذا المشهد جهازا الاستخبارات الاميركي والبريطاني. يتعين اتخاذ اجراءات انتقامية لمعاقبتهما.quot;
ووقع الهجوم وهو الأكثر دموية في سنوات في اقليم سستان وبلوخستان الفقير والمهمش بجنوب شرق البلاد الذي يستخدم كطريق لمهربين وتجار مخدرات بالقرب من الحدود الباكستانية.

وكان نائب قائد القوات البرية للحرس الثوري من بين قتلى الانفجار الذي ذكرت وكالات أنباء حكومية أن جماعة جند الله السنية المتمردة أعلنت مسؤوليتها عنه. وهذه الجماعة نشطة محليا منذ 2004-2005.
وتحول الحرس الثوري الذي تأسس عقب الثورة الاسلامية عام 1979 على مدى الثلاثين عاما الماضية الى قوة ذات بأس لها مصالح عسكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية.

وازداد نفوذ الحرس الثوري منذ انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد في 2005. وقاد الحرس وميليشيا الباسيج الدينية التي يسيطر عليها جهود قمع الاحتجاجات بعد اعادة انتخاب أحمدي نجاد في الانتخابات المتنازع على نتيجتها في يونيو.
وقالت دراسة نشرتها يوم الاثنين مؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية ان وجود جماعة جند الله يبرز المخاطر الامنية وضعف السيطرة الحكومية بالمنطقة.

وأضافت quot;كما يظهر أيضا القيود المفروضة على الوحدة الاسلامية داخل الجمهورية الاسلامية نفسها. وهذا يمثل ضربة لاوراق اعتماد الثورة والجوانب الثورية الدولية لعقيدة (الراحل آية الله روح الله) الخميني.quot;
وقال معين إن اتهامات ايران القاسية - حيث قالت صحيفة كيهان الموالية للحكومة ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد) وراء الهجمات - تخفي الاضطراب في صفوف القيادة الايرانية.

وأضاف quot;عليهم أن يجدوا متآمرا أجنبيا لالتماس العذر لانفسهم.quot;
ونفت الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان أي علاقة لهم بالتفجير الذي سبقه انفجار قتل 25 شخصا في مسجد شيعي في زاهدان عاصمة الاقليم في مايو أيار.

وأعدم بعدها 18 شخصا على الاقل بتهمة الضلوع في الهجوم أو للاشتباه في انتمائهم لجند الله.

وقالت الدراسة النرويجية quot;التناقض الكبير هو أن ايران التي نشطت في تأييد حركات اسلامية متعددة خارج حدودها بعد الثورة تواجه الان معارضة مسلحة خطيرة داخل حدودها.quot;
ويقول عدد من المحللين ان جماعة جند الله - التي تحركها دوافع قومية للبلوخ من جهة ودوافع تشدد اسلامي سني من جهة أخرى- كانت على صلة في السابق بحركة طالبان وجهاز الاستخبارات الباكستاني.

ويقول معظم المحللين ان ليس هناك دليل على ارتباط جند الله بتنظيم القاعدة ولكنهم يشيرون الى أنها ربما تحصل على المساعدة من متعاطفين اخرين.
وتساءل معين quot;هل هناك قوى في باكستان معادية للشيعة وايران تساندهم..

quot;هل هناك جماعات سلفية أو وهابية في الخليج تساندهم لانهم يعتقدون أن الحكومة الشيعية في ايران تقمع السنة؟quot;
ولم يقلل معين من مزاعم ايران بأن جند الله تلقت دعما أميركيا في اطار جهود سرية للتخريب في ايران في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش.

ويقول اللفتنانت جنرال هادي خان الذي شغل منصب نائب وزير الداخلية لشؤون الأمن في أفغانستان بين 2006 و2008 ان ايران نفسها ربما تكون ساعدت جند الله بدون قصد.
وقال خان لمراقبة الارهاب التابعة لمؤسسة جيمس تاون الشهر الماضي ان ايران في مرحلة ما ساعدت في تسليح قوات حركة طالبان التي تقاتل القوات الاميركية في أفغانستان المجاورة رغم الاختلاف الايديولوجي بين طهران ومتشددي حركة طالبان السنة وان بعض الاسلحة الايرانية وقعت في نهاية الامر في أيدي جند الله.

وقال خان quot;(ايران) أرادت أن تبقي قوات حلف شمال الاطلسي مشغولة في جنوب أفغانستان ولكن النتيجة الان هي أن حركة طالبان وقوات الحلف على حدودها وجند الله يشنون هجمات من اقليم زابل (الافغاني) في بلوخستان الباكستانية.quot;
وتنفي ايران امداد حركة طالبان بأي أسلحة.

ووصف خان الذي قال ان مؤسسات ايرانية مختلفة كثيرا ما تنتهج سياسات متعارضة جماعة جند الله بأنها تعمل بحرية في مناطق البلوخ في أفغانستان وايران وباكستان.
وقال المسؤول السابق quot;عندما بدأ جند الله شن بعض الهجمات ضد قوات الامن الايرانية ادركت ايران أن دعمها الخفي لحركة طالبان لم يكن في صالحها.quot;

وذهب معين الى أن التفجير الاحدث قد يدفع طهران لاعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها مع الاقليم الجنوبي الشرقي المضطرب.
وقال quot;ربما يضطرهم للتفكير بشدة وانتهاج استراتيجية أكثر مرونة في تلك المنطقة لانه أثر بحق على قدرة الحرس الثوري على العناية بأنفسهم ناهيك عن كل الموضوعات الاخرى.quot;