بدأ العاملون في الانفاق المقامة بين مصر وقطاع غزة يهجرونها خوفاً على حياتهم، لا سيما أن الطائرات الحربية الإسرائيلية تشن بين الفينة والأخرى هجمات بالصواريخ على مناطق الانفاق التي تكافحها ايضا السلطات المصرية مستخدمة الغاز المسمم.

غزة: يهجر الفلسطينيون الأنفاق التي يتم عبرها تزويد قطاع غزة المُحاصر بكل شيء من الغذاء والمُبردات الى الأسلحة اذ يخشون على حياتهم وضياع أموالهم. وعلى جانب قطاع غزة من الحدود لا يوجد نشاط يُذكر في المنطقة التي كانت في وقت ما تعج بالنشاط كأنها منطقة صناعية.

وخلص كثير من العاملين في الأنفاق الى أنه ليس هناك ما يستحق خطر أن يدفنوا أحياء بالقصف الاسرائيلي أو حوادث انهيارات الأرض أو مسممين بالغاز الذي تضخه قوات الأمن المصرية في الأنفاق. ولقي حوالي 100 شخص حتفهم في العام المنصرم.

وقال أبو محمد الذي يعمل في بناء الانفاق quot;معظم الناس أغلقوا أنفاقهم ورحلوا.quot; ورفض أبو محمد إعطاء اسمه بالكامل وكان يغطي وجهه بكوفية عربية تقليدية. ومنذ نحو عام وصل عدد الأنفاق الى ثلاثة آلاف نفق قبل هجوم للجيش الاسرائيلي على قطاع غزة استمر ثلاثة أسابيع. لكن العدد تقلص الان الى بضع مئات فقط. وقال عمال ان 150 نفقا فقط من هذه الانفاق المتبقية تعمل. وليس معروفا عدد الانفاق التي يتم من خلالها تهريب السلاح.

وقال مسعفون فلسطينيون ان الطائرات الحربية الاسرائيلية شنت يوم الخميس هجومين على الحدود مع مصر أسفرا عن إصابة ثلاثة فلسطينيين مما يبرز المخاطر التي يواجهها العاملون في الانفاق. وقال أبو محمد quot;الوضع سيء للغاية. المصريون والاسرائيليون كثفوا حملتهم.quot;

وتابع قائلا quot;اسرائيل تقصف من الجو. ومصر اما تضخ الغازات التي تقتل الناس أو تضخ المياه أو تستخدم المتفجرات لتدمير الأنفاق.quot; وأصبحت الاتفاق وبعضها موجود منذ عشرات السنين شريانا حيويا لامداد قطاع غزة منذ عام 2006 عندما بدأت اسرائيل في تقييد تدفق السلع الى القطاع بعد أن فازت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية.

وأحكم الحصار على القطاع بمساعدة مصرية في عام 2007 عندما سيطرت عليه حماس التي لا تعترف بحق اسرائيل في الوجود. وتستخدم الأنفاق المتبقية لنقل ماشية الى قطاع غزة استعدادا لعيد الأضحى الذي يحل بعد أيام. وقال عمال في أحد الانفاق انه تم نقل 40 رأسا الليلة الماضية عبر الانفاق.

وعلى الرغم من سماح اسرائيل بدخول الاف من رؤوس الماشية الى القطاع قال عمال الانفاق انه لا يزال هناك طلب على مئات الماشية التي يحصلون عليها من مصر.

ولحماس وجود ملحوظ في منطقة الانفاق ولكن فقط من أجل تسجيل أي شكوى للعمال ضد أصحاب العمل ولمنع تهريب المخدرات والاسلحة عن طريق العاملين العاديين في الانفاق. ومطلوب ممن يديروا الأنفاق أن يدفعوا تعويضا قدره سبعة آلاف دولار لعائلات من يقتل في الانفاق من العاملين.

ويعتقد أن لحماس والفصائل الاخرى أنفاقا خاصة بها يهربون من خلالها امداداتهم من الأسلحة. وتشير أصوات مولدات الكهرباء الى الانفاق التي لا تزال تعمل. وتغطي أغطية من البلاستيك فتحات الانفاق المهجورة. ويتردد العاملون في الحديث مع وسائل الاعلام خشية أن تكتشف اسرائيل موقع الانفاق التي يعملون فيها.

ويقول أبو محمد (30 عاما) الذي يعمل في هذا النشاط منذ عامين ان الاوضاع لم تكن قط بمثل هذا السوء الذي بلغته اليوم. وتراجع دخله اليومي الى 100 شيقل (26 دولارا) بعد أن كان يعادل أربعة أمثال هذا المبلغ قبل عام. وقال quot;السلع لم تعد تأتي كما كانت من قبل.. دخلنا متدن لكن لا سبيل آخر أمامنا للكسب.quot;

وقال انه بات يتعين الان مد الانفاق الى مسافة أبعد في عمق الاراضي المصرية كي يصبح اكتشافها من قبل قوات الأمن أكثر صعوبة. وقال مسؤول مصري ان الأنفاق تُغلق بمجرد اكتشافها. وقال محمد حسين رئيس شرطة التموين في شمال سيناء ان المصريين المنخرطين في تهريب السلع الى غزة من سيناء يجنون أرباحا تقدر بحوالي 18 ألف دولار شهريا على الاقل.

وأضاف أن معظم السلع التي يتم تهريبها الى غزة هذا العام هي الأسمنت والغذاء بينما كان الوقود هو سلعة التصدير الرئيسية في العام الماضي. وقال أبو محمد انه رغم المشاق سيكون من الصعب على مصر واسرائيل القضاء تماما على شبكة الامداد عبر الانفاق. وأضاف quot;انهم يضيقون الخناق علينا لكنهم لم يصلوا بعد الى حد خنقنا حتى الموت