بدا حتى ساعة إعداد هذا التقرير أن الحكومة الكويتيةمطمئنة للغاية لنتيجة صعود رئيسها الشيخ ناصر المحمد الصباح الى منصة الإستجواب، وسط إختراقات مؤثرة لجهة إقناع جبهة برلمانية بعدم التوقيع على كتاب عدم التعاون، الذي سيتلو جلسة الإستجواب، علما أن توقيع 10 نواب على هذا الكتاب من شأنه أن يدفع الأمير الكويتي طبقا للدستور لتأليف حكومة كويتية جديدة وذلك يتزامن مع وقت حرج للغاية إذ أنه يسبق القمة الخليجية منتصف الشهر المقبل.

الكويت: أثار قرار رئيس الحكومة الكويتية الشيخ ناصر المحمد الصباح التوجه في زيارات عمل طويلة في جولة أوروبية، فور عودته الى البلاد أمس من العاصمة الإيرانية طهران، وإطلاعه القيادة السياسية الكويتية على فحوى محادثاته مع القادة الإيرانيين، إنطباعا عاما بأن الحكومة الكويتية تمتلك رصيدا مؤثرا من الإطمئنان السياسي البالغ لمسار المواجهة المرتقبة مع مجلس الأمة في الثامن من الشهر المقبل، الذي سيشهد حالة هي الأولى من نوعها.

حيث سيجري الفصل في مناقشة أربعة إستجوابات قدمها البرلمان حتى الآن بحق الشيخ المحمد، وأربعة وزراء آخرين هم على التوالي وفقا لمناقشة الإستجوابات: وزير الأشغال العامة والبلدية المهندس فاضل صفر، ووزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح، والشيخ جابر المبارك الحمد الصباح النائب الأول لرئيس الحكومة- وزير الدفاع، علما أنها السابقة الأولى في تاريخ مجلس الأمة الكويتي، أن تشهد جلسة واحدة مناقشة هذا العدد من الإستجوابات.

ووفقا للثابت حتى الآن من المواقف البرلمانية فإن جبهة برلمانية عريضة طلبت من الحكومة مواجهة الإستجوابات بصورة قوية، حتى لا يبقى الأمر خاضعا للإبتزاز السياسي، إذ ستتولى تلك الجبهة البرلمانية بالتنسيق مع وزراء من الفريق الحكومي لصد أي كتاب يجري تمريره للأعضاء في المجلس يحوي رغبة بعدم التعاون مع رئيس الحكومة الشيخ المحمد لاحقا لإستجوابه في جلسة الثامن من الشهر المقبل.

وبخاصة أن الدستور الكويتي لا يجيز طرح الثقة برئيس مجلس الوزراء في ختام إستجوابه كما يحدث مع الوزراء، بل يتيح الدستور لأعضاء مجلس الأمة الكويتي جمع تواقيع عشرة أعضاء يتضمن الرغبة بعدم التعاون مع رئيس الوزراء، ورفعه الى أمير دولة الكويت، الذي يخوله الدستور صلاحية البت في الكتاب البرلماني، وحدد له مسارين لسلوكهما، هما:

إما أن يعفي الأمير رئيس وزرائه، ويكلف شخصية جديدة لتأليف الوزارة الجديدة، بعد المشاورات الدستورية التقليدية التي يجريها الأمير مع رؤساء مجالس الأمة السابقين، أو أن يحل البرلمان الكويتي وفقا للمادة (102) من الدستور، لكن المادة ذاتها تجيز لأغلبية في البرلمان الجديد أن ترفع الكتاب ذاته الى أمير الكويت، وعندها يعتبر رئيس الوزراء معتزلا منصبه.

وخلال الساعات القليلة الماضية فقد طغى تكتيك حكومي برلماني مفاجئ يتيح للبرلمان إستجواب رئيس الوزراء في الجلسة المحددة، وبشكل علني، على أن يكتفي أعضاء مجلس الأمة بمناقشة مضمون الإستجواب المقدم من النائب فيصل المسلم، والإستماع الى ردود الشيخ المحمد، دون اللجوء الى تقديم كتاب عدم تعاون من قبل مجلس الأمة ضد الشيخ المحمد، والإنتقال فورا الى مناقشة باقي الإستجوابات المقررة في الجلسة المقبلة، وإنتظار نتائجها.

وذلك يأتي وسط رفض برلماني واسع لسحب الإستجوابات، وإعادة جدولتها في توقيت آخر لفك إزدحام الجلسة التي يترقبها الشارع السياسي الكويتي بحذر شديد، خشية أن تؤدي الى نتائج عكسية تطيح بالنظام الديمقراطي، وتعليق الحياة البرلمانية لمدة معلومة، كما يتردد منذ فترة، عبر تعطيل العمل بأكثر من مادة في الدستور الكويتي منتجة لشرعية ووجود مجلس الأمة كما حدث عامي 1976، و1986.

يشار إلى أن الأزمة السياسية الحالية التي قد تستفحل مع عقد الجلسة المقبلة للبرلمان الكويتي، تأتي في توقيت بالغ الحرج، وقبل أقل من أسبوع على عقد قمة دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى القادة في الكويت، وصعوبة القيام بأي مناورات تخفف حدة الإحتقان بين الحكومة والبرلمان على المستوى السياسي.