قال نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي إنه سيتعامل مع قانون الانتخابات بصيغته الجديدة كما تعامل مع سابقه الذي كان قد نقضه الأسبوع الماضي بعد إقراره في مجلس النواب، حيث استغرقت الكتل السياسية وقتًا طويلاً للتوافق على إقراره. وقد فشل أعضاء البرلمان العراقي في جلسة طويلة يوم أمس الاثنين في التوصل إلى صيغة دستوريّة تخرجهم من مأزق ما بات يعرف بـ quot;نقض الهاشميquot; الذي أدخل البرلمان في ورطة دستورية قد تتسبب في إدخال البلاد في فراغ دستوري وفق خبراء قانونيين عراقيين.

عبد الرحمن الماجدي: وقال بيان صادر صباح اليوم الثلاثاء عنالمكتب الإعلامي لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وصلت لإيلاف نسخة منه أنquot;القانون الجديد سيتعامل معه الأستاذ الهاشمي كما تعامل مع سابقه بمنتهى المسؤولية الوطنية، حفاظاً على المصالح الوطنية العليا، وتكريساً للديمقراطية، وتأسيساً لدولة العدلquot;. حيث يتمتع الهاشمي في مجلس الرئاسة المكون منه والرئيس الطالباني ونائب الرئيس الآخر عادل عبد المهدي بحق نقض القوانين التي يقرها مجلس النواب المادة الأولى من قانون الانتخابات التي تعطي لعراقيي الخارج نسبة 5% من المقاعد ويطالب الهاشمي بمنحهم نسبة 15% وهو ما ترفضه عدد من الكتل السياسية. إذ يرى الهاشمي أن القانون بصيغته الحالية يمنح عراقيي الخارج سبعة مقاعد فقط ويطالب بزيادتها لتتناسب مع عددهم الذي يراه قد وصل الى نحو اربعة ملايين. فيما يرى مخالفوه أن عددهم اقل من المعلن.

ويرى بيان الهاشمي أنquot;قرار التعديل الذي أصدره مجلس النواب يوم أمس غير دستوري ومجحف ويتناقض مع الأعراف والتقاليد السياسية التي اعتمدها مجلس النواب في تعامله مع تشريعات وطنية حساسة من هذا العيار , وإن رئاسة مجلس النواب في إدارتها المؤسفة لجلسة يوم أمس تتحمل القسط الأكبر مما حصلquot;. مضيفاً quot;إن ما حصل يشكل سابقة خطيرة ستلقي بظلالها سلبياً على مجمل العملية السياسية, وأن الذين كانوا وراء هذا التعديل غير الدستوري وغير المنصف وغير العادل يتحملون تبعات ذلكquot;.

وأشار البيان إلى خيبة أمل الهاشمي بما جرى في جلسة البرلمان يوم أمس حيث جاء فيه بأن quot;الأمل كان معقوداً بمجلس النواب أن يلتزم بالدستور في تعامله حصراً مع مواد القانون التي نقضها الأستاذ الهاشمي وهذا لم يحصل. وصدر التعديل في تناقض واضح في طريقة احتساب المقاعد بين مادته الأولى والثانية ، بل تضمن تغييراً في عدد المقاعد المخصصة لبعض المحافظات ، وهو ما لم يرد في التعديلات المقترحة ، ناهيك عن تجاهل مظلمة عراقيي الخارج ، ومنهم المهجرين، وترك هذا الأمر الهام إلى المفوضية المستقلة للانتخابات في قرار هامشي غامضquot;. وحول مقاعد الاقليات أشار البيان إلى أن المجلس quot;تغاضى عن إنصاف الأقليات، وفعل الشئ ذاته مع القوائم الانتخابية الصغيرة التي بات وجودها في المؤسسة التشريعية مطلوباً تكريساً للتعددية السياسيةquot;.

وسيحتم رد الهاشمي بنقضه المتوقع الجديد والأخير للقانون بصيغته الجديدة على مجلس النواب تاجيل الانتخابات شهرًا في أقل تقدير عن موعدها المقرر في الثامن عشر من شهر كانون الثاني من العام المقبل بعد أن أقر يوم امس في جلسة مجلس النواب التي حضرها 190 نائبًا من مجموع 275 هم مجموع نواب المجلس فقد تم التصويت ضد نقض الهاشمي والموافقة على احتساب اصوات المهجرين مع محافظاتهم الاصلية من دون الموافقة على زيادة حصة مقاعد عراقيي الخارج من 5% التي نص عليها القانون الى 15% كما يطالب الهاشمي الذي يتوقع أن ينقض القانون من جديد في وقت لاحق.

كما وافق المجلس على طلب الاكراد بزيادة نسبة السكان في المحافظات بنسبة 2.8% بعد ان اشتكوا من قلة النسبة التي منحت لمحافظاتهم الشمالية الكردية الثلاث اربيل ودهوك والسليمانية. وقد دفعت الموافقة على هذه المادة بخمسين نائبًا عربيًّا وتركمانيًّا الى الانسحاب من الجلسة وهم يمثلون جبهة التوافق والكتلة العراقية وجبهة الحوار، إضافة إلى بعض النواب الصدريين.

وفي ثلاثة مؤتمرات صحافية متتالية لممثلي الكتل واللجان النيابية فقد ظهرت خلافات كبيرة بين النواب ستحول دون اتفاق قريب الامر الذي سيؤخر اجراء الانتخابات عن موعدها المقرر في 18 كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال رئيس اللجنة القانونية بهاء الاعرجي انه تم انهاء مشكلة القانون اليوم بالمساواة بين العراقيين في الداخل والخارج مشيرًا الى ان نقضًا ثانيًا للهاشمي لن تكون له اي اهمية. وقال إنَّ الانتخابات قد تؤجل أيّامًا قليلة.

أما رئيس كتلة التحالف الكردستاني فقد رحب بزيادة عدد السكان لإنصاف حصص المحافظات الكردية حيث سيؤدي التعديل الى زيادة مقاعدها في البرلمان. واشار الى رفض بعض النواب لزيادة نسبة زيادة السكان بان الاكراد لا يعتبرون الموصل ضمن اقليمهم ولذلك ليست لهم مطامع فيها. اما النائب العربي عن الموصل اسامة النجيفي فقد اعتبر التصويت على زيادة نسبة السكان غير دستورية لانها ستاخذ من مقاعد محافظات الموصل وكركوك وصلاح الدين وتمنحها الى الاكراد واضاف ان التعديلات الجديدة سيتم نقضها ايضًا.

وقد رفع مجلس النواب جلساته الى الثامن من الشهر المقبل وهو موعد سيؤجل الانتخابات بالتأكيد بعد نقض الهاشمي للتعديلات مجددًا فإنَّ هذا النقض يجب ان يعود الى المجلس مرة اخرى ليصوت عليه مرة اخرى وهو ماقد يتطلب ايضًا أيّامًا اخرى ستقرب موعد الانتخابات ولن تتمكن من اجرائها في موعدها اضافة الى ان القانون يقضي بان تجري بعد 60 يومًا من الموافقة على القانون وهو امر لن يتحقق بالتأكيد.

وقد بعث الهاشمي الى مجلس النواب يوم أمس رسالة تتضمن طلبًا بتوضيح مسائل عدّة تتعلق بالكيفية التي سيتم فيها احتساب المقاعد التي تمثل عراقيي الخارج في البرلمان.. وفيما اذا كان المجلس يعترف بدستورية نقضه وذلك اثر التصريحات التي ادلى بها نواب وسياسيون بان النقض غير قانوني او دستوري. كما طلب الهاشمي اخيرًا الاشارة الى ان وفدًا نيابيًّا قد اجتمع به وطلب منه سحب نقضه من اجل إعطاء الضوء الاخضر لاجراء الانتخابات.

وجاءت ملاحظات الهاشمي ردًّا على رسالة تسلمها امس من رئيس مجلس النواب اياد السامرائي ورؤساء الكتل النيابية وهي تحمل تقديرا لمطاليبه وتفهما لها حيث عقد على الفور اجتماعًا الليلة الماضية مع مستشاريه لدراستها ومعرفة ما اذا كانت تنصف فعلاً عراقيي الخارج الذين طالب بزيادة نسبة تمثيلهم في مجلس النواب من 5% الى 15%. وكشفت مصادر عراقية عن تعرض نائب الرئيس العراقي لضغوط اميركية للتخلي عن نقضه فيما شوهد السفير الاميركي كريستوفر هيل امس يتنقل بين اروقة مجلس النواب متَّصلاً بالنواب ومتابعًا للمناقشات من دون ان يقدم اي مقترحات جديدة.

وينص المقترح الذي حملته الرسالة على ضمان تصويت المهاجرين العراقيين في خارج البلاد لصالح محافظاتهم الاصلية وتقسيم المقاعد التعويضية البالغة خمسة بالمائة بواقع ثمانية مقاعد للاقليات و16 مقعدا لصالح الكتل الفائزة بأكثر عدد من الاصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إضافة الى تحديد نسبة ثابتة للزيادة السكانية في كل محافظة عراقية تبلغ 2،8 عن كل عام تضاف الى سجلات الناخبين لعام 200 لتجنب مقاطعة الاكراد للانتخابات والذين اشترطوا للمشاركة فيها زيادة نسبة 3% الى السكان بعد ان احتجوا على عدم دقة سجلات وزارة التجارة في ما يخص اعداد السكان في محافظاتهم الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك.

ويرى عدد من البرلمانيين من الشيعة والاكراد ان دافعهم لاقتراح القانون المعدل كان الرغبة الواسعة في عدم السماح للهاشمي بكسب نقاط على حسابهم حيث ينتمي الهاشمي لجبهة التوافق السنية. يذكر أن مجلس النواب العراقي أقر في الثامن من شهر تشرين الثاني الحالي قانون الانتخابات البرلمانية بعد مباحثات شاقة استمرت أربعة أشهر، إلا أن بعض مواده أثارت تحفظات عدد من الكتل السياسية ولا سيما ما يتعلق بكوتا الأقليات كالمسيحيين في البصرة والشبك في محافظة نينوى، إضافة إلى مقاعد المهجرين خارج العراق.

ويقول الهاشمي إنّ قانون الانتخابات يفتقد إلى الأساس الدستوري وخصوصًا في مادته الأولى quot;ما استدعاني لنقض القانون انطلاقاً من مسؤولية مجلس الرئاسة في السهر على تطبيق الدستورquot;. واشار الى انه لم يكن امامه خيار غير ممارسة حقه الدستوري quot;وضمان تحقق العدالة والانصاف لمختلف المكونات الاجتماعية من جهة والمهجرين من جهة اخرىquot;.