سوف تسبِّب المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام في حال إدانة المتهمين في قضية اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الصداع لألمانيا حيث ان لدى برلين أدلة بالغة الأهمية للادعاء العام، في المحاكمة التي تبدأ مطلع العام المقبل

لندن: من المتوقع أن يطالب الإدعاء العام بإنزال عقوبة الاعدام في حال ادانة المتهمين في قضية اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر الذين ستبدأ محاكمتهم في مطلع العام المقبل في نيويورك. ولكن المحاكمة يمكن أن تسبب مشكلة لالمانيا التي لديها أدلة بالغة الأهمية للادعاء العام.

ما كان بمقدور الولايات المتحدة ان تختار مكانًا انسب بدلالته الرمزية لمحاكمة اعدائها الالداء. فان مبنى المحكمة حصن مهيب ذو 27 طابقًا في مانهاتن. وفي 11 ايلول/سبتمبر 2001 تجمع القضاة والمحامون وكتاب المحاكم في الطوابق العليا ليشاهدوا الطائرة الثانية تضرب احد برجي مركز التجارة العالمي على بعد حارات قليلة منهم.

قريبًا ستبدأ في هذا المبنى محاكمة المتهمين بتخطيط الهجمات ، ليس بعيدًا من مسرح الجريمة. وفي العام المقبل من المتوقع ان يقرأ المدعون الفيدراليون مذكرات الاتهام بحق خالد شيخ محمد ورمزي بن شيبة وثلاثة متهمين آخرين. وسيُنقل المتهمون من معتقلهم في قاعدة غوانتنامو البحرية الاميركية في كوبا الى محكمة تبعد أقل من ميل عن موقع البرجين أو quot;غراوند زيروquot; حيث من المفترض ان يلقوا محاكمة عادلة. وكان قرار وزير العدل الاميركي اريك هولدر محاكمة المتهمين في محكمة مدنية لاقى ارتياحًا في انحاء العالم وتناقلته وسائل الاعلام بتغطية واسعة.

ولكن يبدو ان المحاكمة ستكون مصدر صداع للحكومة الالمانية. فقد اعلن هولدر والرئيس باراك اوباما انهما يعتزمان المطالبة بعقوبة الاعدام في حال ادانة المتهمين. وفي حين ان القانون الالماني يحظر عقوبة الاعدام فإن الأدلة التي من المتوقع ان يقدمها المحققون الالمان ستقوم بدور حاسم في المحاكمة.
وبموجب اتفاقية المعونة القانونية المتبادلة بين البلدين تستطيع المانيا ان تصر على ان ما يقدمه المحققون الالمان من معلومات يجب ألا يُعتبر ادلة مقبولة قضائيًا إذا استُخدمت مثل هذه المعلومات لإنزال عقوبة الاعدام. ولن تكون هذه المرة الاولى التي طالب فيها الالمان بضمانات كهذه في محاكمات جزائية.

تقول مجلة quot;شبيغل اونلاينquot; ان المحاكمة التي ستجري في نيويورك تهدد بتوتير العلاقات الالمانية الاميركية. وان واشنطن تشعر اصلاً بأن المانيا خذلتها عندما رفضت استقبال معتقلين سابقين بعدما قررت ادارة اوباما غلق معتقل غوانتنامو. والأنكى من ذلك ان الولايات المتحدة لا تبدي تفهما يُذكر لهواجس برلين القانونية حين يتعلق الأمر بتقديم الارهابيين الضالعين في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر الى العدالة ، بحسب quot;شبيغل اونلاينquot;.

كان البلدانقداختلفا من قبل في هذا الشأن تحديدًا. فبعد فترة قصيرة على الهجمات دار سجال محتدم اعقبته اشهر من الأخذ والرد حول وثائق مصرفية المانية تتعلق بتحويلات مالية كان لها دور بالغ الأهمية في محاكمة الفرنسي زكريا موسوي الذي كان من المقرر ان يكون احد الطيارين الانتحاريين.
في البداية طالبت الحكومة الالمانية بأن لا يطلب الادعاء الاميركي اعدام موسوي. ولكن برلين تراجعت لاحقًا وسمحت باستخدام الوثائق الالمانية ضمن أدلة الادعاء العام مقابل ضمانة ملزِمة بأن هذه المعلومات على وجه التحديد لا يمكن ان تُستخدم لتبرير عقوبة الاعدام ـ وهي فكرة تقوم على مسوغات قانونية مهزوزة ، على حد وصف quot;شبيغل اونلاينquot;.

المشاكل التي تواجه المانيا في المحاكمة القادمة في نيويورك أخطر بكثير. فان موسوي لم يعش ذات يوم في المانيا والنزاع حول استخدام الأدلة الالمانية في محاكمته كان يتعلق ببعض الوثائق لا أكثر. ولكن المسألة تختلف تمامًا في حالة رمزي بن شيبة الذي يُفترض انه كان المسؤول الأول عن الجانب اللوجيستي من الهجمات. وعاش بن شيبة ست سنوات في المانيا وكان يشترك في شقة واحدة مع اثنين من الطيارين الانتحاريين احدهما محمد عطا الذي قاد الطائرة الاولى نحو البرجين.

عمل بن شيبة على جمع معلومات من خارج المانيا عن مدارس تعليم الطيران في الولايات المتحدة وكان يحول بانتظام مبالغ مالية الى خاطفي الطائرات. لذا كان هناك عدد كبير من الاشارات والاحالات الى نتائج التحقيقات الالمانية في قرار الاتهام السابق بحق بن شيبة ، وكانت ادارة بوش تأمل باستخدامها في محاكمته امام محكمة عسكرية خاصة.

عدا ذلك سيجد المدعوون الفيدراليون صعوبة في استخدام اعترافات متنزعة باستخدام اساليب تحقيق كانت موضع جدل شديد مثل الايهام بالغرق. ونقلت quot;شبيغل اونلاينquot; عن توماس دوركن عضو فريق الدفاع عن بن شيبة قوله ان quot;من الصعب ان نتصور كيف يمكن للحكومة ان تقدم حجة ضد بن شيبة في حين ان قسما كبيرا من دعوى الحكومة لن يستند الى أدلة جُمعت في المانياquot;.

يفسر هذا سبب القلق الذي شعرت به وزارة العدل الالمانية في برلين ومكتب العدل الاتحادي في بون ، المسؤول عن المعونة القانونية المتبادلة مع الولايات المتحدة ، من اعلان وزير العدل الاميركي عن اجراء محاكمة المتهمين في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر في نيويورك العام المقبل.