خارج الضفة الغربية وقطاع غزة لا يشعر بلد بالاحباط نتيجة فشل سنوات من جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة لاقرار السلام في الشرق الاوسط أكثر من الاردن.

عمان: قال طاهر المصري وهو رئيس وزراء أردني سابق من أصل فلسطيني وهو الان نائب رئيس مجلس الاعيان بالمملكة quot;الفلسطينيون في مأزقquot;. وأضاف quot;عليهم البحث عن بدائل أخرى بخلاف الدعوة لاجراء المفاوضات. هذا لا يعني ان عليهم خوض الحرب لكن الاعتماد على اخلاص الاميركيين أو الاوروبيين أو على رد فعل اسرائيلي ايجابي انتهى الان.quot;

والاردن الدولة الصغيرة المعتمدة على المساعدات والتي يشكل الفلسطينيون نسبة كبيرة من بين سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة ظل لسنوات يراهن على واشنطن على أمل أن تحث الولايات المتحدة حليفتها اسرائيل يوما على قبول المطالب العربية بانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية مقابل السلام.

ولم تحظ معاهدة السلام التي وقعها الملك حسين العاهل الاردني الراحل مع اسرائيل عام 1994 بالشعبية قط بين المواطنين وبعد مرور 15 عاما فان حتى من كان يؤيد عملية السلام أصبح يعتبرها بلا جدوى. وينظر في الاردن لاخفاق الرئيس الاميركي باراك أوباما في تنفيذ طلبه هو بأن توقف اسرائيل بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية على أنه مؤشر مهين على أن الدبلوماسية الاميركية لن يمكنها أبدا تحقيق الهدف الاكثر صعوبة وهو حل الدولتين.

ووصف وزير الخارجية الاردني ناصر جودة في الاسبوع الماضي وقف اسرائيل لاعمال البناء في بعض المستوطنات بالضفة الغربية مع استثناء القدس الشرقية لمدة عشرة أشهر بأنه غير كاف. وأثارت كلمة أوباما التي ألقاها في القاهرة في يونيو حزيران امالا بين بعض العرب في أن الرئيس الجديد أدرك متاعبهم وربما يتبنى سياسة أقل انحيازا لاسرائيل من سلفه. وقال نواف التل وهو مسؤول بوزارة الخارجية ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية quot;الاحباط.. خيبة الامل.. بلغا أكبر مدى في الاردن.quot; وأضاف quot;لكن الاردن سيواصل الاستثمار في جهود سلام جادة بغض النظر عن أي شيء. ليس أمامنا خيار اخر.quot;

وفي عام 2002 انضم الاردن لكل الدول العربية وعرضت على اسرائيل بشكل جماعي السلام الكامل مقابل الانسحاب الى حدود 1967 واقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية وحل عادل للاجئين. وما زال العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني يصر على أن أساس السلام هو اقامة دولة فلسطينية جنبا الى جنب اسرائيل.

وصرح لوفد من لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية وهي جماعة ضغط اسرائيلية هذا الشهر quot;انه على اسرائيل أن تختار بين السلام الذي يحقق الامن والقبول في اطار السلام الشامل وفقا لمبادرة السلام العربية.. وبين البقاء في عقلية القلعة في منطقة متوترة تواجه احتمالات تفجر الصراع بشكل مستمر.quot;

غير أن صناع السياسات في الاردن يدركون بشدة مخاطر تأييد السعي الذي تقوده الولايات المتحدة لحل الدولتين الذي يبدو منفصلا عن الواقع أكثر من أي وقت مضى. وقال التل quot;كل المعتدلين وكل من يستثمرون في جهود السلام أضعفتهم الممارسات الاسرائيلية...لا اعتبر هذه نقطة ضعف يختص بها الاردن.quot; ويعتقد الاردن الذي يضم 1.7 مليون لاجيء ونازح فلسطيني أن اسرائيل لا ترغب في مبادلة الارض مقابل السلام بل الانخراط في مفاوضات لا نهاية لها تستثمر فيها الوقت لتقوية قبضتها على القدس الشرقية والضفة الغربية.

وأحيى تولي حكومة اسرائيلية يمينية -دعا وزير خارجيتها في الماضي الى نقل أو طرد سكان الضفة الغربية- كابوسا رهيبا لدى الفلسطنيين وسكان الضفة الشرقية في الاردن الذين يخشون من أن يؤدي هذا التدفق الى جعل الفلسطينيين يفوقونهم عددا. ويطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوقف كل أنشطة بناء المستوطنات قبل استئناف المفاوضات. وقررت ادارته المدعومة من الغرب في رام الله بدلا من ذلك السعي الى دعم من مجلس الامن التابع للامم المتحدة لاقامة دولة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. وتقول حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة ان هذه الخطة مضيعة للوقت.

ويقر ساسة أردنيون بأن مثل هذه الخطوة من المرجح أن يكون محكوم عليها بالفشل لكنهم يتعاطفون مع مشاعر الاحباط التي أفرزت مجموعة من الافكار للخروج من حالة الركود في صنع السلام. ومن ضمن هذه الافكار حل السلطة الفلسطينية التي تأسست بموجب معاهدة أوسلو عام 1993 أو اعلان قيام دولة من جانب واحد استنادا الى حدود 1967 أو المطالبة بالجنسية الفلسطينية في دولة واحدة تقوم على كل أرض فلسطين التي كان مفروضا عليها الانتداب البريطاني قبل عام 1948 .