تشهد العاصمة البلجيكية بروكسل على مدى يومين اجتماعًا يضم 29 عضوًا لمناقشة عدد من القضايا أبرزها التطورات في أفغانستان، وسيناقش الاجتماع الاستراتيجية التي اقترحها ستانلى ماكريستال.


بروكسل، وكالات: يبدأ وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يضم 28 عضوًا اليوم اجتماعًا يستغرق يومين لمناقشة عدد من القضايا أبرزها التطورات في أفغانستان. ويأتي اجتماع الناتو بعد يومين فقط من اعلان الرئيس الأميركي باراك اوباما ارسال 30 ألف جندي اضافي الى أفغانستان. كما تضم أجندة أعمال الاجتماع مناقشة quot;سياسة الباب المفتوحquot; والعلاقات مع روسيا وأوكرانيا وجورجيا وملف الدفاع الصاروخي والمفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الأطلسي.

وقال بيان لحلف الأطلسي ان اجتماع اليوم سيبدأ بعقد جلسة للجنة الناتو -أوكرانيا تليها جلسة للجنة الناتو-جورجيا لمناقشة التقدم الذي أحرزه البلدان في تنفيذ البرامج القومية السنوية ومسائل الأمن الاقليمي. كما سيركز عشاء عمل على quot;سياسة الباب المفتوحquot; التي يطبقها حلف الأطلسي فيما يتعلق برغبة البوسنة والهرسك والجبل الأسود في الانضمام الى quot;خطة عمل العضويةquot; وهي الخطوة الأولى للحصول على عضوية الناتو.

وسيعقد السكرتير العام لحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن مؤتمرا صحافيا عقب عشاء العمل في وقت متأخر الليلة. ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الناتو غدًا مع نظرائهم من الدول الأخرى التي تشارك بقوات في اطار مهمة قوة المساعدة الأمنية الدولية (ايساف) التابعة لقيادة حلف الأطلسي في أفغانستان.

كما سيشارك في اجتماع الغد وزير الخارجية الافغاني رانجين دادفار سبانتا والممثل الخاص للامم المتحدة الى أفغانستان كاي ايدي وممثلة الشؤون الخارجية والسياسية الامنية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. وسيناقش الاجتماع الاستراتيجية الجديدة على النحو الذي اقترحه قائد قوة المساعدة الامنية الدولية في افغانستان الجنرال ستانلى ماكريستال. وسيعقد بعد ذلك اجتماع عادي لوزراء خارجية مجلس حلف شمال الأطلسي لمناقشة عدة قضايا أبرزها المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو وملف الدفاع الصاروخي.

وسيعقد الجزء الختامي للاجتماع الوزاري في اطار مجلس الناتو-روسيا بحضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وسيناقش الاجتماع العلاقات بين روسيا وحلف شمال الاطلسي بهدف التركيز على المجالات التي يمكن ان يتعزز فيها الحوار والتعاون بين الجانبين.

الصين تتلقى بحذر اعلان اوباما

الى ذلك علقت الصين بحذر على اعلان اوباما داعية الى السلام والاستقرار في هذا البلاد الذي يعاني من الحرب، والى احترام سيادته. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية كينغ غانغ quot;اتمنى ان تتيح الجهود الدولية تحقيق سلام دائم واستقرار في هذا البلد (افغانستان) وفي جنوب اسياquot;. واضاف quot;نامل ان يتم احترام استقلال هذه البلاد وسيادتها ووحدتهاquot;. وقال المتحدث الصيني ان بلاده ستواصل quot;المشاورات والتنسيق مع الولايات المتحدة حول جنوب اسيا والمنطقةquot;.

باكستان تخشى ان تتخلى واشنطن quot;مجدداquot; عن افغانستان

اعربت الصحف الباكستانية الخميس عن مخاوفها من ان تؤدي استراتيجية سحب العسكريين الاميركيينالى quot;التخليquot; مجددا عن هذا البلد كما حصل بعد انسحاب السوفيات منه في 1989، ما سيفسح المجال امام الاسلاميين في المنطقة للتحرك. وكتبت صحيفة quot;دايلي نيوزquot; مقالا بعنوان quot;الرحيلquot; في اشارة الى quot;الاستراتيجية الاميركية الجديدةquot;.

وجاء في المقال quot;يبدو ان الغرب بمجمله بقيادة الولايات المتحدة مستعد مرة اخرى للتخلي عن افغانستان التي تشهد وضعا صعباquot;. وحذرت الصحيفة من ان quot;العالم باسره قد يندم مجددا على ذلكquot; في اشارة الى افغانستان ما بعد الحقبة السوفياتية، محذرة من انه quot;لم يعد امام الملا عمر ورجاله الان سوى انتظار انسحاب القوات الاميركية وقوات حلف شمال الاطلسي وان يسقط نظام الرئيس الافغاني حميد كرزايquot;.

من جهتها كتبت صحيفة quot;دايلي اكسبرسquot; ان quot;المغامرات الاميركية الدامية في العراق وافغانستان دمرت السلام في العالم وخيم شبح الارهاب على باكستان ودول اخرى، وعلى حكومة وشعب الولايات المتحدة ادراك ذلكquot;. يشار الى ان قسما كبيرا من الرأي العام الباكستاني معاد للولايات المتحدة اذ يعتبر انه تم quot;استيراد الارهابquot; بعد فشل القوات الدولية في هزم طالبان والقاعدة في افغانستان. اما صحيفة quot;جانغquot; الصادرة بالاوردو فترى ان نشر التعزيزات الاميركية ثم سحبها quot;سيعقد عمل الجيش الباكستاني ويزيد النفقات العسكريةquot;.

طالبان تتحدى قرار أوباما

في المقابل اعلنت حركة quot;طالبانquot; أن إعلان أوباما عن سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان بحلول يوليو عام 2011 ليس إلا quot;كميناquot; لطمأنة الشعب الأميركي. وذكرت وكالة الأنباء الاسبانية quot;EFEquot; نقلاً عن تصريح رسمي نشرته quot;طالبانquot; ان الحركة تشكك في انسحاب القوات الأجنبية من البلد وتعلن عن مضاعفتها للهجمات على الجنود الأميركيين ردًّا على قرار أوباما.

وأشارت حركة quot;طالبانquot; إلى أن إرسال جنود جدد إلى أفغانستان سيؤدي إلى إضعاف الاقتصاد الأميركي. بدوره، قال قيادي في طالبان في تصريحات لـ بي بي سي إن الحركة مستعدة لمواجهة أي زيادة في عدد القوات الأميركية. وأشار القيادي إلى أن إعلان إرسال تعزيزات إضافي يعني أن المزيد من الجنود الأميركيين سيلقون حتفهم.

الى ذلك، رافع روبرت غيتس عن إستراتيجية البيت الأبيض الجديدة في أفغانستان، وأكد أمام لجنة الدفاع لمجلس الشيوخ على ضرورة محاربة quot;طالبانquot; في أفغانستان في خطوة لإلحاق هزيمة حاسمة بتنظيم quot;القاعدةquot;. وقال غيتس إن الولايات المتحدة تسعى من خلال سياساتها في أفغانستان وباكستان لـquot;تفكيك شبكات طالبان في كلا البلدين واستئصال جذورها، وذلك للحؤول دون عودة تنظيم أسامة بن لادن إلى البلدينquot;.

وبرر وزير الدفاع الأميركي خيار إدارة واشنطن بقوله إن تحقيق مثل هذه الأهداف يتطلب من الحلفاء المزيد من الدعم العسكري للتوصل إلى استقرار الأوضاع في أفغانستان. وحذّر من أي فشل في سياسة الولايات المتحدة وحلفائها، معتبرا أن هذا الاحتمال quot;قد يؤدي إلى سيطرة طالبان على جزء كبير من البلاد، وجرها في حرب أهليةquot;.

هذا وانشغلت الادارة الاميركية في بذل جهود لطمأنة حليفتها باكستان التي تخشى ان تشهد تدفق مقاتلين اسلاميين جدد بعد الاعلان عن ارسال تعزيزات اميركية الى افغانستان. وبعد الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الثلاثاء، وعدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الولايات المتحدة لن تتخلى عن باكستان التي تدفع ثمنًا باهظًا في الحرب على القاعدة وطالبان. وقالت كلينتون امام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الاميركي quot;على العالم اجمع ان يدرك ان الولايات المتحدة وحلفاءنا وشركاءنا سيقطعون تعهدًا دائمًا في افغانستان وباكستان والمنطقة خلافًا للماضيquot;.

واعلنت كلينتون التي استطاعت ان تلاحظ مباشرة حجم فقدان الثقة اثناء زيارة استغرقت ثلاثة ايام الى باكستان في نهاية تشرين الاول/اكتوبر، زيادة quot;كبيرة في الدعم الرامي الى المساعدة في تطوير قدرة باكستان وقدرة سكانهاquot;. وقالت quot;ان علاقتنا مرتبطة باهدافنا المشتركة: حكومة مدنية وتنمية اقتصادية قوية وهزيمة من يهددون باكستان وافغانستان والسلام في العالمquot;.

وبإعلانه الثلاثاء ارسال تعزيزات الى افغانستان، شدد الرئيس الاميركي على الطابع الاساسي للتنسيق مع اسلام اباد. واعتبر ان باكستان عنصر اساسي لنجاح الحرب في افغانستان ساعيًا بذلك الى الحصول على تأييد حليف يشعر دائمًا بالريبة تجاهه.

وقال الرئيس الاميركي quot;ان تحركنا سيكون مع ادراك تام بان النجاح في افغانستان مرتبط ارتباطا لا ينفصم بشراكتنا مع باكستانquot; وذلك لدى اعلانه للاميركيين ارسال 30 الف جندي اضافي الى افغانستان.

موعد الانسحاب ينطوي على مجازفة كبيرة

الا ان الموعد الذي حدده الرئيس الاميركي لبدء انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مجازفة محسوبة لها هدفان هما تذكير حكومة كابول بأن الدعم له حدود وطمأنة المتشككين بشأن الحرب في الداخل. ويرى محللون مخاطر جسيمة على اوباما اذا لم تتمخض خطته عن نتائج في غضون الاشهر الثمانية عشر بالنظر الى التحديات الضخمة التي تواجهها قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي (الناتو) في افغانستان.

وفي اختلاف حاد عن سلفه الرئيس جورج بوش الذي رفض وضع جدول زمني للانسحاب من العراق قال اوباما يوم الثلاثاء ان استراتيجيته الجديدة التي تشمل ارسال 30 الف جندي اضافي quot;ستمكننا من بدء نقل قواتنا خارج افغانستان في يوليو تموز من عام 2011.quot;

وقال بروس ريدل المحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي.اي. ايه) الذي قاد مراجعة اوباما لسياسته في افغانستان في مارس اذار من العام الحالي quot;انها مقامرة كبيرة. ربما اكبر مقامرة في الخطاب والاستراتيجية ككلquot;. وأضاف ريدل الذي يعمل الان بمعهد بروكينجز quot;في غضون 18 شهرًا سنعرف ما اذا كانت هذه الاستراتيجية ناجحة... اما سنكون قد كسرنا زخم طالبان او لاquot;.

وانتقد جمهوريون - وقد رحب كثير منهم بزيادة القوات - الجدول الزمني البالغة مدته 18 شهرًا قائلين ان أي أهداف صريحة للانسحاب ستشجع متشددي طالبان والقاعدة على الانتظار الى أن تنسحب الولايات المتحدة. وأشار ريدل الى أنه اذا أحرز تقدم في غضون الاشهر الثمانية عشر فانه سيصبح من الممكن بدء نقل المسؤولية عن الامن للافغان. وتابع أنه اذا لم يحدث هذا فان الاستراتيجية على الارجح ستسوجب quot;تغييرا جذريا للمسار.quot;

وقال روس بيكر المتخصص في العلوم السياسية بجامعة راتجرز quot;من غير الواقعي توقع حدوث المعجزات بمعنى الكلمة خلال 18 شهرًاquot;. وأضاف quot;هذه ليست دولة متقدمة ولو حتى بمقدار تقدم العراق... ليست دولة حديثة بمعنى الحداثة الذي ينطبق على العراق. أعتقد أن مشاكل التغلب على الفساد وتدريب الجيش وقهر طالبان خلال 18 شهرًا (هدف) طموح للغاية وأعتقد أنه طموح غير واقعي على الارجحquot;.

إسلام آباد

إلى ذلك اعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الخميس في لندن ان بلاده تنتظر quot;توضيحاتquot; حول استراتيجية الرئيس الاميركي باراك اوباما الجديدة في افغانستان.

جنود إيطاليون

من جانبها افادت وزارة الدفاع الايطالية الخميس ان ايطاليا سترسل ما بين 500 و1500 جندي اضافي الى افغانستان في 2010 لدعم الاستراتيجية الاميركية الجديدة في هذا البلد.

وصرح ممثل للوزارة quot;ما زلنا ندرس الارقام التي تتراوح ما بين 500 و1500 رجل. ان رقم 1000 هو الاقرب الى العدد النهائي لهذه التعزيزاتquot;.

وفي حديث لصحيفة quot;ال كورييريه ديلا سيراquot; اكد وزير الدفاع الايطالي اينيازيو لا روسا ان المعلومات الصحافية التي تحدثت عن احتمال ارسال 1500 جندي ايطالي اضافي كتعزيزات الى افغانستان مجرد quot;تكهناتquot;.

واضاف quot;انه رقم مرتفع لن نتوصل اليه في كل الاحوالquot;.

وقال الوزير quot;في الاشهر الستة الاولى من السنة لن تكون التغييرات التي ستطرأ على عديد الكتيبة الايطالية مهمة. فلنقل ان القسم الاكبر من التعزيزات سيصل خلال النصف الثاني من السنةquot;.

وتنشر ايطاليا حاليًا في افغانستان 2800 جندي.

وقال الوزير ان التعزيزات لا تعني ارسال عسكريين جدد وبالتالي نفقات جديدة بل تقتصر على عملية اعادة انتشار جنود يقومون بمهمات في بلاد اخرى.

وقال لا روسا ان quot;حوالى الف جندي سيعودون من كوسوفو في 2010 و200 على الاقل من لبنانquot;.

وقال الوزير للصحيفة quot;المهم ليس زيادة عديد القوات او خفضها ب100 عنصر بل الاستراتيجية الجديدة. كان الاميركيون يظنون انه يجب اولا ضمان امن منطقة قبل اعادة اعمارها في حين انهم مقتنعون الان ان الامرين مرتبطان كما كان يؤكد العسكريون الايطاليون على الدوامquot;.

وشدد لا روسا على وجوب ان يحارب الرئيس الافغاني حميد كرزاي بجدية الفساد وانتاج المخدرات.

وقال الوزير quot;من مسؤوليته الان محاربة الفساد وانتاج الافيون بجدية. هذه المسؤولية تقع على عاتق الافغان انه واجب كرزايquot;.

ورأى رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني الاربعاء ان مصداقية حلف شمال الاطلسي ومحاربة الارهاب على المحك في افغانستان.

وقال برلوسكوني quot;ان ايطاليا ستقوم بواجبها مدركة انه في النزاع في افغانستان ليس مستقبل الشعب الافغاني وحده على المحك بل ايضا مصداقية الحلف الاطلسي ومحاربة الارهاب وبالتالي امنناquot;.

وكان برلوسكوني قد إمتنع عن اعطاء ارقام عن المساهمة الايطالية في اطار تعزيز القوات الدولية في افغانستان.