نقلتصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن مسؤول بارز من داخل جماعة الاخوانالمسلمينتأكيده على أن القمع الحكومي عمل على توسيع الخلافات داخل الجماعة في الوقت الذي تخشى فيه الأصوات المحافظة على معركة بقائها مع الاصلاحيين بشأن مزايا المشاركة السياسية. وتمضي الصحيفة لتنقل عن محللين قولهم إن تلك الفوضى الداخلية قد تكون الأكثر حدة على مدار تاريخ الجماعة المحظورة رسميا ً والممتد منذ ثمانين عاما ً. كما أنها تأتي في توقيت حرج بالنسبة للجماعة أثناء تحضيرها للاستراتيجية التي تعتزم انتهاجها تحضيرا ً للانتخابات البرلمانية المزمع اقامتها العام المقبل.

في تقرير لها تحت عنوان quot;انقسام الإخوان المسلمين حول المشاركة في العملية السياسيةquot;، تلفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في محور ذو صلة إلى أن الأداء القوي الذي أظهره المرشحون المستقلون المنتمون لجماعة الإخوان في انتخابات عام 2005، حين فازوا بـ 20 % من إجمالي مقاعد البرلمان، تسبب في إصابة النظام بحالة من الصدمة، على حد قول الصحيفة. وفي مسعى لمنع تكرار هذا السيناريو، أجرت السلطات سلسلة من التعديلات الدستورية، التي صُمِمت فيما يبدو لتهميش الجماعة والحد من الإشراف على الانتخابات، ولاسيما عن طريق التخلص من الدور الهام الذي تلعبه هيئة القضاة المستقلة إلى حد كبير. وتشير الصحيفة كذلك إلى أن الانتصارات الانتخابية التي حققها الإسلاميون دفعت بالنظام أيضا ً للشروع في موجة صارمة من الاعتقالات ضد أعضاء الجماعة، ومن ضمنهم القادة الإصلاحيين الذين يحبذون قدر أكبر من المشاركة السياسية.

وفي مقابلته مع الصحيفة، يقول محمد حبيب، النائب الأول لمرشد الإخوان :quot; تواصل السلطات حملتها القمعية، لذا يشعر أعضاء الجماعة بأن تنظيمهم في خطر وأن ذلك يؤدي لمزيد من التقشف. يريدوننا أن نبدو وكأننا منظمة منغلقة. ونحن من جانبنا نقول أننا سنظل منفتحين، لكن أعضاء آخرين لا يوافقون على ذلكquot;. فيما تقول الصحيفة إن الجماعة تحرص دائما ً على معايرة تحديها للنظام المصري، منعا ً لإثارة غضب السلطات وتهديد بقاء الخدمات السياسية والاجتماعية التي وفرتها بجميع أنحاء البلاد. ويعاود حبيب ليشير إلى أن جزءا ً من الجماعة يعتقد أن الاحتفاظ بهيئة الجماعة هو quot;هدفاً في حد ذاتهquot; وتريد هذه المجموعة تقليصا ً للمشاركة السياسية.

بعدها، تمضي الصحيفة لتقول إن إحجام الحكومات عن فتح الفضاء السياسي يتسبب في إضعاف الاصلاحيين الإسلاميين ويعمل على تقوية المزيد من القوى المحافظة. وتشير كذلك إلى أن الضغط الذي يُمَارس في مصر على جماعة الإخوان جاء ليتزامن مع توسع الجماعات السفلية، التي تدعو لنسخة أكثر تزمتا ً من الإسلام، لكن تبدو في كثير من الحالات أقل تهديدا ً للحكومات لأنها تبقى بعيدا ً عن أجواء السياسية وشؤونها. كما تسجل الصحيفة في سياق تقريرها أن تلك هي المرة الأولى التي تخرج فيها انقسامات الجماعة الداخلية إلى النور على مدار تاريخها السري الكبير. وقد ازدادت حدة السجال المحتدم حيال هذا الانقسام خلال الأسابيع الأخيرة، خاصةً بعد أن فشل المرشد الأعلى للجماعة مهدي عاكف، 81 عاما ً، في مساعيه الرامية لترقية أحد المؤيدين البارزين للمشاركة السياسية إلى مجلس الإرشاد.

وتوقع حبيب، أستاذ الجيولوجيا الذي يؤيد المزيد من النشاط السياسي ويحاول أيضا ً استيعاب مخاوف المحافظين، أنه إذا ما أجريت انتخابات الجماعة اليوم، فإن المؤيدين لتقليص نشاط الجماعة هم من سيفوزون على الأرجح. لكن التراجع الذي تشهده مصر في الحريات السياسية وكذلك الضغوطات التي تُمَارس على جماعة الإخوان أمر من شأنه أن يؤكد على أن الجماعة ربما ستلعب دورا ً أصغر في انتخابات العام المقبل. كما يعترف حبيب بأن الوضع يختلف هذه المرة عما كان عليه في 2005، ويتابع بالقول :quot; كان هناك انقلاباً ضد الدستور، وظلت تُوَّجَه الضربات صوب الجماعة بهدف احتوائها، وخفض مستوى مشاركتها السياسية، وما تبذله من جهود للوصول إلى الناس. لذا نخوض الآن حرباً على عدة جبهات. ومع هذا، فإننا سنشارك لكن ليس على نفس مستوى 2005quot;. ويختم حبيب في النهاية بقوله :quot; نحن الآن كتاب مفتوح. نحترم آراء الناس وتروج الانقسامات للأفكار جديدة. وهذا جزء من التقدمquot;.