صادقت محكمة التمييز العراقية اليوم على أحكام المحكمة الجنائية العراقية العليا فيما يخص قضية إعدام 41 تاجراً عام 1992 والقاضية بإعدام شقيقي صدام سبعاوي إبراهيم الحسن وزير الداخلية وسبعاوي إبراهيم الحسن مدير الأمن العام والسجن 6 مدى الحياة على عبد حمود السكرتير الشخصي لصدام وأحكاماً بالسجن تتراوح بين 6 و15 عاماً ضد مسؤولين آخرين كبار وتبرئة محافظ البنك المركزي عصام رشيد حويش وإطلاق سراحه.

لندن: في جلسة عقدتها المحكمة الجنائية العليا قرار القاضي قرار محكمة التمييز بالمصادقة على الأحكام التي كانت اصدرتها في الحادي عشر من اذار (مارس) الماضي لكنها نقضت قرار مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة للمتهمين للتحقق مما اذا كانت تلك الاموال محصلة او غير محصلة من الجريمة.

وكانت المحكمة قد بدأت بمحاكمة المتهمين الثمانية في 24 نيسان (ابريل) عام 2008 وهم : طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي في عهد النظام السابق والأخوين غير الشقيقين لصدام حسين وطبان إبراهيم الحسن الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية وقت الحادث وسبعاوي إبراهيم الحسن مدير الأمن العام بين عامي 1991 و1995 وعلي حسن المجيد ابن عم صدام ومزبان خضرهادي عضوا مجلس قيادة الثورة وقيادة الحزب المنحلان وعبد حميد محمود سكرتير صدام وأحمد حسين خضير وزير المالية بين عامي 1992 و1995 وعصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي بين عامي 1994 و2003.

وكان هذا اول حكم بالسجن على علي حسن المجيد بعد ثلاثة احكام بالاعدام سابقة في قضايا الدجيل والانفال وانتفاضة مدينة الصدر. يذكر ان الرئاسة العراقية وافقت مؤخرا على تنفيذ حكم الاعدام بالمجيد واحالت الامر الى وزارة العدل للتنفيذ حيث يتوقع ان يتم ذلك قبل الانتخابات البرلمانية العراقية في السابع من اذار المقبل.

تفاصيل قضية إعدام التجار

وتعود قضية اعدام التجار العراقيين الى صيف عام 1992 عندما كان العراق يرزح تحت حصار دولي مشدد بسبب دخول القوات العراقية الى الكويت حيث شهدت الاسعار في ذلك الوقت ارتفاعا حادا مما دفع بالنظام السابق الى اعتقال هؤلاء التجار واعدامهم بتهمة مساهمتهم في زيادة الاسعار وتخريب الاقتصاد الوطني وهي تدخل ضمن الجرائم ضد الانسانية. ورأس المحكمة في هذه القضية القاضي عبد الرحمن الذي حكم بالإعدام على صدام حسين عام 2006 بتهم اعدام 148 مواطنا من سكان بلدة الدجيل شمال بغداد الذين اتهمهم بمحاولة اغتياله. وقد اعدم صدام في 30 كانون الاول (ديسمبر) من العام نفسه كما اعدم نائبه طه ياسين رمضان وبرزان ابراهيم الحسن الاخ غير الشقيق لصدام وعواد احمد البندر رئيس محكمة الثورة بعد فترة قصيرة لثبوت تورطهم في القضية ذاتها.

حيثيات قضية إعدام التجار

وقد حمل قرار الاعدام الذي وقعه رئيس النظام السابق صدام حسين في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 فيما اطلق عليها مذبحة التجار تهم رفع الاسعار وعدم التبرع للمجهود الحربي والمضاربة في السلع في وقت كان العراق فيه تحت حصار اقتصادي لكن مصادر عراقية اشارت الى ان هذه التهم كانت غطاء لاتهامات وجهت للتجار بحشد المواطنين ضد السلطة من خلال اقامة مآدب طعام يومية لفقراء الناس والتبرع للمساجد مما اعتبر توجها معاديا لها.. بالاضافة الى عدم دفع عمولات لعدي صدام حسين الذي كان يهيمن على الحياة التجارية في العراق عن تعاملاتهم التجارية حيث كان يتقاضي نسبة من ارباح الشركات والتجار.

وقامت سلطات النظام السابق قبل صدور قرار الاعدام باقتياد التجار من بيوتهم ومحالهم الى جهة مجهولة بعد ان ابلاغهم ان اجتماعاً ينتظرهم مع شخصيات مسؤولة في الحكومة وبعد يومين اعادت جثثهم الى عائلاتهم بعد تنفيذ حكم الاعدام بهم من دون ذكر أي اسباب لذلك لكنه تم تحذير العائلات من اقامة مجالس للفاتحة على ارواحهم لأنهم quot;متهمون بالخيانة العظمى كونهم من التجار الجشعينquot; على حد قول السلطات. وقد تم اعدام عدد منهم وتعليقهم على اعمدة الكهرباء في بعض مناطق بغداد. وكان من بين المعدومين تاجرين كبيرين هما الحاج رعد طبرة والحاج لطيف السامرائي اللذين عرفا يتوزيعهما معونات شهرية على عدد كبير من العوائل الفقيرة اضافة الى مساهمتهما في تأمين مصاريف حج بيت الله الحرام لعدد كبير من الناس.

نوع الجريمة التي حوكم بها المتهمون

وتقع الجريمة التي حوكم وفقها المتهمون تحت مسمى جريمة ضد الانسانية وان زمان وقوع الجريمة كان ضمن سياسة منهجية لاعتقال التجار استمرت بين عامي 1992 و 1995 متضمنة أصدار أحكام بالاعدام وقطع الايادي والوشم بين الحاجبين ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة.quot; والادلة المتحصلة لادانة المتهمين هي أقوال المشتكين والمدعين بالحق الشخصي والشهود ووثائق وكتب رسمية واضابير خاصة باعدام التجار وقرارات أحكام قطع الايادي والوشم بين الحاجبين وكذلك شهادات الوفاة وهويات الاحوال المدنية وشهادات الجنسية العراقية فضلاً عن ألاقراص الصوتية والمرئية المدمجة وتدوين اقوال المتهمين مع افادات الشهود الناجين والمشتكين التي زادت على 300 شكوى وافادة.

وقد تبين من مجريات المحاكمة ان صدام حسين أصدر توجيهاته في الخامس والعشرين من تموز عام 1992 الى وزير الداخلية ومدير الامن العام لتنفيذ حملة كبيرة لاعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وجميلة في بغداد وهو ما اسفر عن اعتقال اكثر من مائتي شخص تم اختيار 42 منهم ارسلوا عصر اليوم نفسه الى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية انذاك واستمرت المحكمة حتى بعد منتصف الليل وانتهت باصدار احكام الاعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم او توديعهم وبدون حضور ممثل عن الادعاء العام او رجل دين.