يشجع الزعماء العراقيون الذين يتوقون الى وضع الحرب خلف ظهورهم أجانب على الحضور والعمل لكن أول من لبوا الدعوة ليسوا موضع ترحيب كامل.

A local employee at the port of Umm Qsar, Iraq

بغداد: أصبح وجود مغتربين من بنغلادش ونيبال ومهاجرين من دول فقيرة أخرى مشهدا مألوفا على نحو متزايد في العراق الذي ظل وقتا طويلا يعتبر مكانا غير مرغوب للاجانب بسبب سنوات التفجيرات والصراع الطائفي منذ غزو عام 2003.

ويقول بعض المهاجرين انهم يشعرون بقدر أكبر من الترحيب في العراق عن أماكن أخرى في الخليج. وقال رجل من بنغلادش يدعى عبد الستار عبد الخالق quot;أعمل 12 ساعة في اليوم في التنظيف. كنت أعمل في الخليج لكنهم كانوا يعتبروننا عبيدا رغم أن الاجر كان أفضل. الطريقة الانسانية التي يعاملنا بها العراقيون شجعتنا على البقاء على أية حال.quot;

لكن الوضع ليس مجرد مواءمة المهاجرين مع فرص العمل. ويصر المسؤولون العراقيون على أن جيش العاطلين العراقيين يجب أن تكون له الاولوية. وقال عبد الله اللامي المتحدث باسم وزارة العمل ان مليون و300 ألف عراقي عاطل عن العمل مسجلون لدى الوزارة وأن العراقيين لهم الاولوية في فرص العمل.

لكنه أقر في نفس الوقت بأن الكثير من فرص العمل حصل عليها مهاجرون. وفي بلد اعتاد العديد من مواطنيه على وظائف حكومية مريحة غالبا يبدأ العمل فيها في الثامنة صباحا وينتهي في الثالثة عصرا يكون العمل 12 ساعة في مهنة رثة نقمة.

وقال اللامي ان العراقي لا يريد أن يعمل خادما في فندق ويرغب في أن يكون عنصرا منتجا في البلد. وينتقد أصحاب الاعمال العراقيين بقوة عادات مواطنيهم في العمل ولذلك يستخدمون مهاجرين.

وقال عراقي يوظف عمالا من بنغلادش في البصرة بالجنوب حبذ عدم ذكر اسمه quot;العامل العراقي كسول وغير مهني.. أنا مستعد أن أدفع للعراقيين فالامر لا يتعلق بالمال بل باداب العمل.quot; وأضاف quot;لست مضطرا للاشراف على الاجانب. يحتاج عشرة عمال عراقيين الى خمسة مشرفين.quot;

ولا يحمل عماله تصاريح عمل شأنهم في ذلك شأن العديد من الاجانب الاخرين العاملين في مهن دنيا. وكان الزعماء العراقيون يأملون أن يروا شركات أجنبية كبيرة وعمالا مهرة لا مهاجرين فقراء. لكن هذا الوضع يأتي وفق هوى الكثير من أصحاب العمل. فعدم معرفة المهاجرين باللغة العربية وافتقارهم الى اي علاقات اجتماعية فضلا عن قبولهم أجورا أقل يعني أنهم أقل احتمالا فيما يتعلق بافشاء الاسرار ويسهل تعقبهم اذا سرقوا.

ويعتبر معظم العراقيين أنفسهم جزءا من عشيرة وهي شبكة من العلاقات الاسرية يقول أصحاب الاعمال انها ربما تتدخل اذا أقالوا موظفا عراقيا وهو أمر خطير في بلد يعج بالاسلحة. كما أن العراق يطمح الى نفس القدر من الثروة الذي تتمتع به الدول الاخرى المصدرة للنفط في الخليج حيث يعمل جيش من العمال من جنوب اسيا في خدمة العرب الامر الذي حول استخدام موظفين أجانب الى علامة على علو المكانة.

وقال الزعيم العشائري الكبير أحمد أبو ريشة ان العمال الاجانب لهم فوائد عديدة فهم أكثر طاعة وولاء لانهم أجانب كما أن مستقبلهم مرتبط بمخدومهم وليست لهم علاقات سياسية ولا عشائرية. ويقدم خدم من بنغلادش يرتدون قمصانا بيضاء قشيبة وسراويل سوداء الشاي في قاعة الاستقبال الرحبة عند أبو ريشة في محافظة الانبار بغرب العراق.

كما يغطي الكثير من عمال تنظيف الشوارع القادمين من بنغلادش وجوههم لاخفاء هوياتهم. ويتقاضون نحو 360 دولارا شهريا مقابل العمل بضع ساعات في الصباح. ويحصل أجانب يؤدون نفس العمل خلال عدد أكبر من الساعات على نحو 300 دولار.

ويقول البعض ان الحرب والحرمان قضيا على مثل هذه الوصمات. وقال شاب عاطل عمره 23 عاما عرف نفسه باسم خالد quot;الناس يبحثون عن فرصة للعمل حتى لو كان عملا بسيطا أو وضيعا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.quot; ويعيش العمال الوافدون في وضع محفوف بالمخاطر وسط شعور بالاستياء منهم لدى بعض المواطنين في بلد ما يزال يبتلى بهجمات بالقنابل والرصاص.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة ان بعضهم يهربون الى العراق دون علمهم بينما يترك اخرون بغير مال وتتقطع بهم السبل بعد أن تتبخر وعود بالحصول على عمل وهي خدعة شائعة في الشرق الاوسط. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة بمقرها في جنيف ان تمويلها الخاص بمساعدة ما يصل الى 700 أجنبي معوز على مغادرة العراق قد نفد وناشدت الدول الغنية تقديم 2.5 مليون دولار لمساندة برنامج للمساعدة يستمر عامين.

وقالت جميني بانديا المتحدثة باسم المنظمة في افادة صحفية quot;نعلم أن عدد المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في العراق يتزايد في الوقت الحالي لكن ليست لدينا فكرة عن الحجم الحقيقي للمشكلة. نتلقى المزيد والمزيد من الطلبات.quot;ودفع كثيرون رسوما باهظة لوكالات مقابل الحصول على وظائف الامر الذي تركهم وأسرهم وقد ناء كاهلهم بديون مالية ضخمة.

وقالت بانديا quot;لدى وصول العديد منهم تصادر جوازات سفرهم ويجبرون على العمل في ظروف غير انسانية.quot; وأعيد أكثر من 7000 مهاجر ينتمون الى 40 دولة الى ديارهم من العراق منذ عام 2003 ضمن البرنامج الذي تسعى المنظمة الدولية للهجرة الى تمديده. وقالت بانديا quot;الحياة في العراق صعبة بالفعل على العراقيين ويصعب جدا على العراقيين أنفسهم الحصول على عمل. تستطيعون أن تتخيلوا كيف يكون الامر بالنسبة للمهاجرين.quot;