نجلاء عبد ربه من غزة: لم تغفو عين الطفلة سمر، بحسب ما قالت لإيلاف أمس الأول، بعدما إقتلعت الأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة، معظم الخيام التي نصبها الفلسطينيون فوق أنقاض منازلهم التي دمرتها إسرائيل، ومن ضمنها خيمة أسرتها، الأمر الذي أصابها بالرشح مباشرة في ظل عدم وجود مسكن ومأوى ملائم لها ولأسرتها..
وقالت الطفلة بينما كان جسدها الرقيق يرتعد من شدة البرد quot;لم أنم طيلة ليلة أمس، فالجو برد جداً هنا، لأننا نعيش في خيمةquot;. وتساءلت ببراءتها: لماذا هدمت إسرائيل منازلنا، ماذا فعلنا لهم كي يهدموا بيتنا!!؟.
وعلى الرغم من إشعال والدها محمد طافش النار في موقد خاص به، في محاولة لتدفئة الخيمة التي ينامون فيها، إلا أن العواصف الشديدة التي صاحبها هطول أمطار وثلوج خفيفة، إقتلعت تلك الخيام، وبات الفلسطينيون المشردون تحت رحمة السماء الماطرة بشكل مباشر.
وقال طافش لإيلاف quot;يبدو أنه، حتى الخيام لم تتقبل وجودنا، فإسرائيل من جهة هدمت منازلنا ودمرت حياتنا بالكامل ومصادر رزقنا، ومن جهة ثانية فإن الأمطار والعواصف لم تبقِ على خيامنا التي نصبناها بجوار منازلنا المهدمةquot;.
وأعادت حالة العواصف الأمطار الشديدة التي غزت قطاع غزة يوم أمس الأول، حال المشردين الفلسطينيين والبالغ عددهم ما يقرب من 36 ألف فلسطيني. وبات مطلب إعادة إعمار منازلهم ملحاً أكثر من قبل.
وقال علاء الريفي، احد الساكنين في الخيام quot;لا يوجد مفر لنا غير قبول الواقع المرير الذي نعيشه، ولن نلجأ إلى مكان آخر، لأنه لا يوجد بديل عن ذلكquot;. وأضاف لإيلاف quot;نرفع أيادينا للسماء كل ليلة بأن يخفف عنا مصيبتنا وآلامنا بعد النكبة التي أصابتنا جراء تشريدي وتشريد أطفالي وزوجتيquot;.
وقالت هيام، سيدة تسكن في خيمة من مئات الخيام التي نُصبت بجوار بعضها البعض في منطقة السلاطين، شمال غزة، quot;لعل تلك العواصف أن تلين قلوب الفلسطينيين، فيتوحدوا ويشكلوا حكومة تلبي إحتياجات الناسquot;، في إشارة منها للسجال الحاصل بين حركتي فتح وحماس المتناحرتين.
وأضافت السيدة لإيلاف quot;لقد حاول زوجي إستئجار شقة، وبحث مطولا، لكن أصحاب الشقق والبيوت إستغلوا الوضع ورفعوا من سعر إيجارها. لقد وصل سعرها لـ 300 دولار، بعدما كانت في السابق بـ 150 دولارquot;.
وأدى الجو العاصف والماطر الذي يسود قطاع غزة والمنطقة، إلى اقتلاع العشرات من خيام المشردين الفلسطينيين، الذين فقدوا منازلهم جراء الحرب الأخيرة على قطاع غزة، خاصة في عزبة عبد ربه والعطاطرة والسلاطين وبلدة جباليا شمال قطاع غزة، مما أضطر هؤلاء الناس لمغادرة تلك الخيام واللجوء إلى أقارب لهم من أجل الاحتماء عندهم.
وناشد المشردون الجهات المختصة والمانحة بضرورة توفير شقق أو منازل مؤقتة لحين إعادة بناء منازلهم التي دمرتها الدبابات الإسرائيلية حتى يعيشوا حياة كريمة ولا يظلوا مشردين بهذه الطريقة.
وبدا الإرهاق والتعب على وجوه المشردين الفلسطينيين. وقال جمال المشهراوي من شمال غزة، أحد هؤلاء المشردين quot;لم أعرف أين نذهب، فلا أحد يعيرنا أية إهتمام بالشكل الحقيقي، فكل ما وفروه لنا هو خيمة تستر عورة نسائناquot;.
وأضاف لإيلاف quot;لا بد من حل جدي وسريع، فنحن نعتبر أنفسنا نسكن في العراء. لم نتعود على خيمة أو غير ذلك، كانت لنا بيوتنا ومنازلنا، لكن الحرب أنهت كل شيءquot;.
ودمرت الدبابات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة أكثر من 20 ألف منزل بشكل كامل وجزئي، وشردت نحو 36 ألف فلسطيني، لكن معظم هؤلاء المشردين إستأجروا شقق عدا 2000 منهم إضطروا للسكن في الخيام.
وقال المهندس إبراهيم رضوان، وكيل وزارة الأشغال في الحكومة المقالة أن وزارته تعكف حالياً على توفير كرفانات quot;غرف مصنوعة من الحديد والصاج، إضافة للبحث عن شقق جديدة لإيواء هؤلاء الناس.
وأضاف لإيلاف quot;لقد طالبنا الدول العربية الشقيقة بمئات الكرفانات لتكون بديلا عن الخيام، لكن الحصار الإسرائيلي كعادته، يعيق إدخال أيٍ من المساعدات للشعب الفلسطيني المكلومquot;.
وطال المهندس رضوان من خلال إيلاف quot;كافة الدول العربية والغربية بالضغط على سلطات الإحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر والسماح بإدخال كافة البضائع والمواد الأساسية، كي نتمكن من إعادة إعمار ما هدمته الجرافات والصواريخ الإسرائيليةquot;.
وألقى وكيل وزارة الأشغال الفلسطينية في غزة باللوم على الجانب الإسرائيلي في مماطلته بإدخال ما يلزم من إحتياجات للمدنيين الفلسطينيين. وقال quot;تحاول إسرائيل إظهار إنسانيتها للرأي العالم الدولي من خلال موافقتها على إدخال المساعدات الإنسانية، لكنها في الحقيقة، تسمح بدخول مستلزمات قليلة جداً لا تكفي ما خلفته من خراب ودمار على قطاع غزةquot;.
وكان الدكتور الشيخ رمضان طنبورة عضو اللجنة المركزية للإغاثة في قطاع غزة قال أنه اللجنة تحاول جاهدةً إستئجار شقق لهؤلاء الناس المتضررين، لكنها فشلت حتى اللحظة. وأضاف لإيلاف quot;إضطررنا لإعادة نصب الخيام التي عصفت بها العواصف يوم أمس بإحكام أكبر، في ظل إمتناع إسرائيل عن إدخال كرفانات لإيوائهم بدلا من الخيامquot;.
وكشف الدكتور طنبورة عن وجود 1200 كرفان في العريش تنتظر موافقة الجانب الإسرائيلي لإدخالها للمشردين الفلسطينيين. وقال quot;حتى الخيام، لقد بحثنا موطلا فوجدنا فقط 500 خيمة في مستودعات الهلال الأحمر الفلسطيني، في حين فإن إسرائيل ترفض حتى اللحظة إدخال أكثر من 5000 خيمة موجودة في العريش، الأمر الذي يُصعّب من مهامنا إزاء إخواننا المشردينquot;.
وأكد عضو اللجنة المركزية للإغاثة في قطاع غزة أن 190 كرفان quot;عبارة عن مستشفيات متنقلة لم تستطع الوصول إلى غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهاquot;.
في السياق ذاته أكد قالت وزارة الأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة quot;أن الوزارة ورغم التضييق وقلة الإمكانات ستعمل جاهدة على الاستجابة السريعة لاحتياج الأسر المتضررة في مخيمات اللجوء الثانية من الأمطار الغزيرة التي هطلت بالأمسquot;.
وأضافت الوزارة في بيان لها، أن quot;الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي يتحملان مسئولية الكارثة الإنسانية التي تحدث في قطاع غزة، في ظل استمرار الصمت على إغلاق المعابر وتشديد الحصار الذي يحول دون وصول المعدات والآليات والوحدات السكنية الجاهزة اللازمة لإيواء الأسر الفلسطينية المتضررة والمشردة، وكذلك تدفق مواد ومستلزمات البناء والاعمارquot;.
وأكد بيان وزارة الأشغال العامة والإسكان على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالاضطلاع بدوره وخاصة المؤسسات الدولية والقانونية وفي مقدمتها مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومنظمة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وفتح المعابر، بشكل فوري وعاجل.