كامل الشيرازي من الجزائر: شهد شهر فبراير/شباط الجاري سقوط 25 قتيلا و10 جرحى بهجمات إرهابية، ما يجعله الأكثر عنفا في الجزائر منذ سلسلة الهجمات التي نفذتها القاعدة في أغسطس/آب الماضي، وخلّفت آنذاك ما يزيد عن المائة ضحية بين قتيل وجريح.

وبعد مرحلة محدودة من الاسترخاء الأمني النسبي والهدوء الحذر، عادت فرق الموت لتضرب مرة أخرى بقوة في مناطق متعددة من البلاد على نحو يطرح معه مراقبون للمشهد المحلي مزيدا من الأسئلة حول مدى استقرار الوضع الأمني في الجزائر عشية دخول انتخابات الرئاسة هناك شوطا حاسما.

وكانت تواريخ 12 و15 و21 من الشهر الجاري الأشد دموية، حيث شهدت الأولى مقتل سبعة أشخاص وجرح آخرين إثر تفجير قنبلتين تقليديتين بضاحية quot;فم المتلاغquot; التابعة لولاية تبسة (630 كلم شرق العاصمة)، وأتى ذاك الحادث المزدوج ساعات بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لانتخابات التاسع أبريل/نيسان المقبل.
وبعدما أكّد وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني بأنّ القوى الأمنية تحاصر المتمردين في معاقلهم، وأنّ المسلحين باتوا في طريق مسدود لا مخرج منه سوى الاستسلام، ردّ هؤلاء بطريقتهم الخاصة 24 ساعة بعد ذلك، بقتلهم خمسة عسكريين وإصابتهم أربعة آخرين بمكان ليس بعيدا عن الأول، كما أقدموا بالتزامن على الفتك بثلاثة عسكريين إضافيين إثر نصبهم حاجزا وهميا ببلدة أولاد عامر المجاورة لولاية بومرداس (50 كلم شرق العاصمة).
وعاد المتمردون ليصعّدوا لهجتهم مرة ثالثة قبل أسبوع، حينما هاجموا مقر مؤسسة أمنية متعاقدة مع شركة سونلغاز الحكومية بمنطقة quot;زيامة منصوريةquot; التابعة لولاية جيجل (400 كلم شرق)، ما أدى إلى مصرع عشرة أشخاص وجرح آخرين.
ويمثّل ما حصل خلال هذا الشهر رسالة صريحة من المتمردين، فحواها رفضهم العملية السياسية في البلاد، كما يؤشر بشكل ما على عزم غلاة التمرد لـquot;إفسادquot; الاستحقاق الرئاسي المقبل، علما أنّ الجزائر شهدت في سائر مواعيدها الانتخابية السابقة تصعيدا إرهابيا تحتدم منحنياته عادة في الساعات الأخيرة التي تسبق أي مناسبة هامة أو في الأيام التي تعقبها.
وشهد العام الماضي مقتل 281 شخصا على الأقل في أعمال العنف بالجزائر، ما مثّل أعلى حصيلة ضحايا مسلسل الاحتقان الأمني منذ إقرار خطتي الوئام والعفو العام في الجزائر، وأوردت السلطات أنّ 112 مسلحا قتلوا وغالبيتهم ينتمون إلى ما يسمى (قاعدة بلاد المغرب الإسلامي) وبدرجة أقل تنظيم (حماة الدعوة السلفية)، كما أدت مختلف الهجمات والكمائن التي نصبها متمردون إلى مصرع 69 من أعوان القوى الأمنية (شرطة، درك، حرس بلدي، جمارك، وكذا الجيش) وقضى هؤلاء خصوصا في التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مراكز أمنية وثكنات للجيش.
بينما ذكر وزير الداخلية الجزائري quot;نور الدين يزيد زرهونيquot; أنّ القوى الأمنية قضت على النواة الصلبة في تنظيم القاعدة، مشيرا إلى مصرع قدامى المجموعات الإرهابية في بلاده، بينما أشارت بيانات غير رسمية إلى مصرع 631 مسلحا منذ انقضاء آجال العفو في 31 أغسطس/آب 2006، بينهم مجندون أجانب من جنسيات ليبية، تونسية، مالية ونيجرية.
وقال زرهوني إنّ قوات الأمن قضت على عدد من قدماء العمل الإرهابي، لكنه لم يكشف عن أي معلومات بشأن عدد الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم، مثلما تحفظ عن ذكر أسماءهم، في وقت أشار إلى أنّ هؤلاء مارسوا العنف منذ نحو 16 سنة، وجرى القضاء عليهم بولاية بومرداس (50 كلم شرق) وكذا ولايتي عين الدفلى (170 كلم غرب) ومغنية (800 كلم غرب)، بينهم عشرة أمراء و17 من كبار رؤوس الإرهاب، بينهم quot;حارك زهيرquot; المكنّى quot;أبو حيدرquot; (32 سنة)، بجانب أمراء مناطق محورية للقاعدة كالصحراء quot;أبو الدرداءquot; والقبائل quot;لمين شعيبquot; والوسط quot;حلوان عمرانquot; والشرق quot;العتروسquot;، ناهيك عن quot;أبي ترابquot; أمير كتيبة quot;الفاروقquot;، ومساعده quot;أسامة أبو إسحاقquot; مسؤول تجهيز السيارات المفخخة وتفجيرها عن بعد، إضافة إلى مصرع أمير القاعدة الجهوي quot;صغير مرادquot; المكنّى (البومبي)، فضلا عن quot;حران محمدquot; المدعو quot;أبو ليث القعقاعquot; وشقيقه quot;حران عبد الجليلquot; المكنّى quot;أبو البرّاءquot;.