عواصم، وكالات:إنضم الرئيس السوداني عمر البشير الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف في حقه، إلى تظاهرة مؤيدة له الخميس في الخرطوم حيث تظاهر آلاف الأشخاص في وسط الخرطوم دعما له، وبلغ عدد المتظاهرين خمسة آلاف قرابة الساعة 11,00 (8,00 تغ) في ساحة الشهداء في وسط الخرطوم وكانوا يرددون شعارات مؤيدة للبشير لليوم الثاني على التوالي. وندد المتظاهرون بالولايات المتحدة وبريطانيا وquot;اليهودquot; وبالمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو.وقد تباينت ردود الفعل الدولية والإقليمية بشأن مذكرة الإعتقالامس وإن كانت في غالبيتها قد تضمنت تحذيرات من عواقب تلك المذكرة، التي تُعد الأولى من نوعها بحق رئيس في السلطة. ومن جهتها أكدت الرئاسة السودانيةأمس quot;رفضها القاطعquot; لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير، معتبرة إياه quot;سابقة تفتح نافذة على الجحيم وتهدد أمن واستقرار الشعوب الناميةquot;، في الوقت نفسه. وأشارت الناطقة الرسمية باسم المحكمة الخاصة بقضية البشير لورانس بليرون في حديث صحافي إلى أن مقررة المحكمة لن تضيع وقتها في بدء الاجراءات العملية لتنفيذ قرار القضاة، وانها ستبدأ باعلام السودان رسميًا بالقرار ثم تبليغ الدول التي وقعت وصدقت على اتفاقية روما ومن ثم الدول الاعضاء.

دعوات الى ضبط النفس في السودان بعد قرار اعتقال البشير

أوكامبو: لم ألتق البشير ولا مشكلة شخصية معه

تظاهرات حاشدة في السودان تأييدا للبشير

التحالف من أجل دارفور: كان على العرب نصح البشير

معارضون مصريون يطالبون بإعتقال قادة إسرائيليين أيضا

rlm;وزراء الخارجية العرب يحذرون من تداعيات توقيف البشير

هيومان رايتس: مذكرة إعتقال البشير إنذار للرؤساء المسيئين

الخرطوم تدعو موظفي أطباء بلا حدود إلى مغادرة السودان

ونقلت صحيفة quot;الحياةquot; اللندنية عن مصادر مطلعة في مجلس الأمن تأكيدها أن المجلس لن يتحرك في اليومين المقبلين كما تتمنى دول عربية وأفريقية لإرجاء تنفيذ قرار المحكمة الجنائية بإعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، استناداً إلى المادة 16 من ميثاقها التي تسمح بإرجاء مذكرات التوقيف لمدة عام بموجب قرار يصدره المجلس تحت الفصل السابع. وقالت ان الوفد الليبي، وهو العضو العربي الوحيد في المجلس، لن يتحرك لتلبية طلب عربي قدمه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في هذا الإطار قبل بضعة أيام.

وأشارت إلى أن quot;الوفد الصيني ووفودًا أخرى تعمل على إقناع الليبيين بعدم التسرع أو دفع الأمور بسرعة في مجلس الأمن. وعليه، فلا يبدو أن هناك حركة حتمية في اتجاه تحرك آني في المجلسquot;. وأكدت المصادر على مواقف الدول الأعضاء في المجلس أن سفراء الدول الخمس دائمة العضوية ليسوا جاهزين quot;لطبخquot; شيء حول المادة 16. وقالت الصحيفة نفسهاإن قادة الحكم في السودان أقروا خطة لمناهضة قرار توقيف الرئيس عمر البشير سياسيًا عبر quot;خطوات محسوبةquot; تضع الوجود الغربي في البلاد quot;في حال قلقquot;، وتبقي الباب مفتوحًا أمام تحرك عربي - أفريقي لتعليق تنفيذ القرار عبر مجلس الأمن، خصوصًا أن الخرطوم كانت قد تلقت وعودًا روسية وصينية باستخدام حق النقض quot;الفيتوquot; إذا طرح القرار.

من جهته، إعتبر الزعيم السوداني الجنوبي سيلفا كير الذي امضى معظم حياته جندياً في جماعة مسلحة تحارب حكومة الرئيس عمر حسن أحمد البشير التي يسودها الشماليون، أن قضية المحكمة الدولية ضد البشير ليست خطأ، إنها شيء يسعى إلى العدالة، مشيرًا إلى ان المحكمة الجنائية الدولية لن تدين الدولة بأسرها، ولكنها تنظر في شأن أشخاص محددين متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات ضد حقوق الإنسان، ومضيفاً ان قرار المحكمة يضعنا في موقع محرج كـquot;دولة رئيسها مانquot;.

واوضح انه لا يمكن أن تتسبب المذكرة في حد ذاتها في سقوط الحكومة. واعتبر ان ما تقوله المحكمة الجنائية الدولية، quot;يجب أن نتصرف في الحكومة كأشخاص مسؤولين، ولا يجب أن ندع أنفسنا تحت سيطرة المشاعر. ويجب أن نتحكم في الوضع ونحمي حقوق وممتلكات الشعبquot;.ودعامصدر مسؤول في حزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي إلى التصدي للقرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ياعتقال الرئيس البشير مع التعامل بطريقة هادئة وإجراء كل الاحتياطات اللازمة لتأمين ضيوفنا، وعدم الجنوح لأي أعمال تخريبية. وقال لصحيفة الشرق الاوسط إن الفرصة ما زالت موجودة لمواجهة القرار، مضيفًا ان laquo;هناك الكثير من الأصدقاء العرب والأفارقة يقفون مع السودان، وعلينا أن نقدر موقفهم وألا ندخلهم في حرج مع المجتمع الدوليraquo;. وأشار إلى أن الفرصة أصبحت أكبر لتوحيد الجبهة الداخلية، فيما قلل مسؤول في الحزب الشيوعي السوداني المعارض من جدوى قرارات الجنائية.

الصين تأسف لصدور المذكرة

وأسفت الصين الحليف القريب من السودان، الخميس لصدور مذكرة التوقيف وأعربت عن قلقها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين غرانغ ان الصين quot;تدعو المحكمة الجنائية الدولية الى عدم النظر في هذه القضية حالياquot;. واضاف المتحدث عبر الموقع الالكتروني للوزارة ان quot;الصين تأسف وتعرب عن قلقها حيال مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السودانيquot;. واوضح ان quot;المهمة الرئيسية للاسرة الدولية هي الحفاظ على استقرار دارفور ومواصلة دفع العملية السياسية ونشر القوة المشتركة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقيquot;.

المتمردون التشاديون يتضامنون

كما اعرب المتمردون التشاديون عن quot;تضامنهمquot; مع الرئيس معتبرين ان مذكرة التوقيف بحقه quot;ليس لها اية قيمةquot;. وقال عبد الرحمن كلام الله، المتحدث باسم اتحاد قوات المقاومة الذي يضم كافة الفصائل الرئيسية في التمرد التشادي quot;نعرب عن تضامننا مع الرئيس البشير. هذه المذكرة لا قيمة لها. لا شيء يؤكد ما نسب اليه كي تصدر بحقه مثل هذه الاحكامquot;.

واضاف في اتصال هاتفي من ليبرفيل ان quot;هذه المذكرة ظالمة وغير عادلة. ان المذنب الحقيقي في ازمة دارفور هو (الرئيس التشادي) ادريس ديبي اتنو الذي دعم ونظم التمرد (في دارفور) والذي تسبب بهذه الخسائر. لم يقم البشير الا بالدفاعquot;. وغالبًا ما يعتبر السودان، القاعدة الخلفية للمتمردين، بأنه الداعم الرئيسللمعارضة المسلحة التشادية التي لا يلقى مع ذلك كل زعماؤها تقديرًا من قبل الخرطوم، حسب مصادر مقربة من المتمردين. ومن ناحيتها، تتهم الخرطوم نجامينا بدعم المتمردين السودانيين في اقليم دارفور الذي يشهد حربًا اهلية.

كلينتون تؤيد
من ناحية أخرى قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إنه quot;إذا كان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يعتقد أنه اتهم ظلما بارتكاب جرائم حرب فإنه يستطيع الدفاع عن نفسه في المحكمةquot;. وكانت كلينتون تتحدث إلى الصحافيين في طريقها إلى العاصمة البلجيكية بروكسل من الشرق الأوسط تعليقًا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير. وقالت وزيرة الخارجية إن المحكمة قد اصدرت مذكرة الاعتقال استنادا إلى تحقيقات مكثفة، وإن القضية الآن أمام النظام القضائي وquot;هذا حقquot;. وأعربت كلينتون عن أملها في ألا يؤدي إجراء المحكمة إلى quot;أعمال عنف جديدة أو اتخاذ حكومة البشير إجراءات عقابيةquot;.

البشير سيشارك في قمة الدوحة

إلى ذلك اكد وزير الدولة للشؤون الخارجية السوداني علي احمد كرتي الاربعاء ان الرئيس عمر البشير سيحضر قمة الدوحة العربية ويقوم بمهامه وواجباته رغم صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه. وقال الوزير السوداني قبيل انعقاد جلسة استثنائية لوزراء الخارجية العرب للخروج بموقف من مذكرة توقيف البشير، ان قرار المحكمة الجنائية quot;لن يكون له اي اثر على الرئيس السوداني الذي سيواصل مهامه بشكل طبيعي وسوف يسافر الى الدوحة لحضور القمة العربيةquot; المقررة نهاية اذار/مارس الحالي. واضاف الوزير في تصريح صحافي ان البشير quot;سيقوم بمهامه وواجباته كلما اقتضت الضرورةquot;.

واكد الوزير السوداني في بيان وزع على الصحافيين quot;ان السودان ليؤكد من جديد موقفه الرافض للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، فالسودان ليس عضوا فيها وليس لها ولاية عليهquot;. واعتبر اصدار مذكرة التوقيف quot;تعديا سافرا على سيادة السودان وتدخلا ماكرا في شؤونه الداخليةquot;. وقال quot;تكررت اليوم اكذوبة اسلحة الدمار الشامل باصدار محكمة الجنايات الدوليةquot; قرارها في حق الرئيس البشير، في اشارة الى مزاعم الادارة الاميركية التي استخدمتها حجة لغزو العراق في 2003.

واكد التزام حكومة بلاده باتفاق السلام للعام 2005 الذي أنهى الحرب الاهلية مع الجنوب، quot;وغيره من الاتفاقيات، والتزامها بالحصانة والامتيازات الخاصة بالمنظمات الدولية والاقليمية والسفارات الاجنبيةquot;.

وكانت أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال ضد البشير يوم أمس بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور. وقرار الإتهام وأمر الإعتقال اللذان يمكن أن يثيرا المزيد من التوترات في المنطقة المضطربة يجعلان البشير أرفع مسؤول تلاحقه المحكمة ومقرها لاهاي منذ تأسيسها عام 2002. والبشير الذي ينفي هذه المزاعم متهم بأنه الرأس المدبر وراء بدء حملة أعمال عنف في دارفور غرب السودان عام 2003 . وكان المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو قال ان 35 ألف شخص قتلوا على الفور في حين لقي مئة ألف على الاقل حتفهم نتيجة للجوع والمرض.

الغارديان: العدالة ليست فقط للدول الصغيرة

بدورها خصصت الصحف البريطانية، ولليوم الثاني، جزءا كبيرا من صفحاتها الدولية للشأن السوداني ومذكرة التوقيف وتداعياتها المحلية والاقليمية والدولية. فقد انفردت الغارديان بمقال افتتاحي حول الموضوع تحت عنوان: رقصة الفالس مع البشير، قالت فيه ان استصدار مذكرة كهذه كانت محل شكوك لاكثر من عام، ليس لان هناك من يشكك بضلوعه في جرائم الحرب بدارفور، بل هو الجدال القائم بين الواقعيين من جهة، والمبدئيين الاخلاقيين من جهة اخرى.

وتقول الصحيفة ان من شأن صدور مذكرة كهذه ايقاع الضرر بذات الناس الذي قدمت القضية باسمهم في المحاكم الدولية، في حين يقول آخرون ان تغيير مسار العدالة الدولية استهدف حماية هؤلاء والحفاظ على سلامتهم. وتقول الصحيفة ان المحكمة استبعدت الصاق ثلاث تهم تتعلق بالابادة الجماعية ضد البشير، اذ سيكون دائما من الصعب اثبات انه واصل انتهاج سياسة التصفية الجسدية ضد الدارفوريين لاربعة اعوام.

لكن المحكمة، حسب الصحيفة، صاحبة سجل quot;مختلطquot; في افريقيا، فهي لم تنجح في ملاحقة زعيم جيش الرب في اوغندا، لكنها نجحت في اعتقال ومحاكمة زعيم ليبيريا السابق تشارلز تيلور.

موقف انعزالي

وتشير الصحيفة الى انه على الرغم من استهزاء البشير بمذكرة المحكمة، وباحتمال تعرقل عمليات الاغاثة الانسانية في دارفور، هناك توتر داخل الحزب الحاكم في السودان بسبب الاساليب التي يتبعها البشير، الى جانب الانتخابات المتوقعة في وقت لاحق من هذا العام. وتقول الصحيفة ان المحكمة الدولية وقراراتها قد تدفع بحزب المؤتمر الوطني الى موقف اكثر انعزالية، لكنها قد تعطي دفعة للجناح البراجماتي لمعاودة التفكير الجدي، خصوصا اذا ما وضع قلقهم من التهديد الذي قد تواجهه ايراداتهم النفطية في الحسبان.

وترى الصحيفة ان المحكمة محقة في تصميمها على الدفع باتجاه توقيف البشير، لان المذكرة ستكون اداة ضغط اخرى على النظام الحاكم في السودان لايقافه عن تحدي الجميع. وترى الغارديان ان العدالة الدولية يجب ان تدعم وتحظى بالتشجيع، وما يطبق على رئيس السودان يجب ان يطبق على رئيس الولايات المتحدة الاميركية، فالعدالة الدولية ليست خاصة او مصممة للدول الصغيرة.

كما كتبت صحيفة التايمز تغطية بعنوان: محكمة جرائم الحرب بدارفور تأمر بتوقيف البشير، وان الاخير صار quot;هارباquot; من وجه العدالة ابتداء من صدور تلك المذكرة، وتقول انه اصبح اول رئيس دولة يعمل في منصبه تصدر في حقه مذكرة توقيف. وتقول الصحيفة ان هناك من في الغرب من اعتبرها نصرا لحقوق الانسان، في حين نظر اليها آخرون على انها quot;عدالة الرجل الابيضquot; التي من شأنها اضاعة اي فرصة لتحقيق السلام في اقليم دارفور.

اما صحيفة الاندبندنت فقد خرجت بتغطية موسعة للموضوع السوداني لكن بعنوان اكثر اثارة يقول: البشير المطلوب رقم واحد في العالم، والمتهم بالابادة الجماعية في دارفور.

في حين كان عنوان التايمز: منظمات الاغاثة تطرد من دارفور مع صدور مذكرة توقيف الرئيس، حيث خصصت صفحتين من صفحاتها الدولية للشأن السوداني مشفوعة بصورة كبيرة للاجئة دارفورية وراء قضبان احد مخيمات اللجوء.

البشير وأنصاره

هذا وجاب الرئيس السوداني عمر حسن البشير الليلة شوارع العاصمة السودانية على متن سيارة مكشوفة بعد ساعات من صدور قرار اعتقاله من قبل المحكمة الجنائية الدولية. وهتف آلاف من السودانيين احتشدوا على جنبات الطرق والشوارع الرئيسة في مدينة (ام درمان) اكبر المدن السودانية كثافة بتأييد البشير ورددوا شعارات (بالدم بالروح نفيدك يا بشير) و (سير سير يا بشير).

وخرجت مسيرات التنديد بقرار المحكمة في مختلف المدن والبلدات السودانية كما اعلنت النقابات العمالية والمنظمات الشعبية انها ستخرج غدا في مسيرة غضب كبرى ضد القرار. واعلن نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه في مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع لمؤسسة الرئاسة السودانية ان الرئاسة اكدت رفضها للقرار ورفض الاستجابة له بتسليم الرئيس واثنت على الموقف الشعبي العفوي برفض القرار.

واكدت الرئاسة السودانية التزامها بكافة القوانين الدولية الخاصة بحماية البعثات بجانب التزامها باتفاقياتها مع الامم المتحدة الخاصة ببعثات السلام في الجنوب ودارفور كما جددت التزامها بجميع اتفاقيات السلام الخاصة بالجنوب والشرق ودارفور.

وقال طه ان قرار المحكمة شهد اولى علامات انهياره في الساعات الاولى لصدوره لان من يقف خلفه كانوا يراهنون على انه سيحدث بلبلة وانقساما وسط الشعب وقيادته واطراف اتفاقيات السلام لكنهم صدموا بجبهة موحدة وقوية وخاب ظنهم في حدوث اي تفلتات امنية او فوضي في البلاد. واكد طه ان البشير سيظل هو الرئيس يمارس كافة صلاحياته ولن يؤثر القرار بأي شيء. وقال ان بلاده تمتلك حق الرد على قرار المحكمة الجنائية بكل السبل المتاحه لها على الصعيدين الاقليمي والدولي.