مستبقاً زيارة والده الأولى من نوعها لواشنطن بعد انقطاع دام 5 أعوام
جمال مبارك يعرض رؤيته لأهم القضايا المصرية والعربية عبر CNN

جمال مبارك يستبق زيارة والده إلى واشنطن بجولة تمهيدية

جمال مبارك يدحض الانتقادات حول الاستفتاء

جمال مبارك يحدد 5 تحديات تواجه مصر

جمال مبارك يؤكد أن الشريعة ستبقى المصدر الرئيسي للتشريع

نبيل شرف الدين من القاهرة: يختتم نجل الرئيس المصري جمال مبارك ـ الذي يشغل منصبا رفيعاً في الحزب الوطني الحاكم ـ زيارته للولايات المتحدة، وهي الأولى من نوعها له منذ العام 2006، وقد وصفت بأنها تستبق زيارة والده المتوقعة خلال نيسان / أبريل المقبل وتمهد لها. وخلال مقابلة أجراها مع برنامجquot; Global Public Square quot; الذي تبثه شبكةquot; السي أن أن quot;الأميركية، قال جمال مبارك إن حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق، من أجل تحقيق السلام والتعايش في منطقة الشرق الأوسط، ومضى قائلاً : quot; إن رسالتي للإسرائيليين هي أن نافذة حل الدولتين هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق من أجل تحقيق التسوية والسلام والتعايش في المنطقة، وأن هذه النافذة هي الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق إسرائيل آمنة تعيش داخل حدودها ودولة فلسطينية آمنة تعيش داخل أراضيها quot;، وحذر مبارك الابن من أن quot; هذه النافذة ربما تغلق سريعا quot;، على حد تعبيره.

ويقول محللون سياسيون إن زيارة مبارك الابن تعكس رغبة مصرية ـ أميركية متطابقة لبدء صفحة جديدة مع إدارة أوباما بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق جورج بوش، الذي تدهورت علاقاته مع مبارك فامتنع الأخير عن زيارة الولايات المتحدة طوال الأعوام الخمسة الماضية، ومن المقرر أن يزور مبارك الأب الولايات المتحدة خلال نيسان (أبريل) المقبل، وبالتالي فإن المراقبين يرون أن زيارة جمال مبارك وقبله وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إنما تصب في اتجاه السعي لحل العديد من القضايا العالقة مع أميركا تمهيدا لزيارة الرئيس مبارك التي تأتي بعد انقطاعه عن القيام بها خلال الولاية الثانية لجورج بوش.

والتقى جمال مبارك مع كل من نائب وزيرة الخارجية الأميركية جيمس ستاينبرغ، ووكيل الخارجية للشئون السياسية وليام بيرنز، فضلاً عن لقاء عدد من أعضاء الكونغرس من الحزبين وهم: السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والنائب هاوارد بيرمان رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب، والسيناتور جو ليبرمان، والسناتور دايان فاينشتاين عضوة لجنة الإعتمادات بمجلس الشيوخ، والنائب غاري آكرمان رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط بمجلس النواب، والنائبة نيتا لوي عضو لجنة العمليات الخارجية بمجلس النواب.

القاهرة وواشنطن

وحول سياسة الرئيس الأميركي quot;باراك أوباماquot; إزاء الشرق الأوسط، أعرب جمال مبارك عن اعتقاده بأن أوباما quot;ملتزمquot; حيال التوصل إلى حل لقضية الصراع في منطقة الشرق الأوسط. وقال إن الرئيس أوباما ومنذ الأيام الأولى له في البيت الأبيض، بدأ يتعامل مع القضايا العالمية على الرغم من التحديات التي تواجهه داخليًا، حيث أرسل مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط ووزيرة خارجيته للمنطقة، وهو ما يعد أمرًا غير مسبوق على الأقل خلال السنوات الخمس عشرة أو العشرين الماضية. ووصف جمال مبارك الانتخابات الأميركية بأنها تاريخية، وأن العالم العربي والإسلامي بشكل عام يراها كذلك.

وفي ما يتعلق بالمقابلة التي أجراها أوباما مع فضائية العربية بعد تنصيبه، أعرب جمال مبارك عن دهشته من بعض التعليقات التي اعتبرت أن سبب اختيار أوباما للعربية واختياره مخاطبة العالم العربي والإسلامي ومحاولته إبداء الاحترام له قد تكون علامات ضعف، حيث أكد أن ما فعله أوباما خطوة مهمة للغاية. وحول أداء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أشاد جمال مبارك بأدائها خلال أول زيارة لها لمنطقة الشرق الأوسط، حيث قال إنها quot;أصابت الهدف عندما أعربت عن قلق بلادها بشأن عملية السلام ككل وحل الدولتين والمضي قدما مجددا نحو السلام، وذلك خلال زيارتها لمصر للمشاركة في مؤتمر دولي حول إعادة إعمار غزة والذي عقد في منتجع شرم الشيخ.

وأضاف أن تصريحات كلينتون تركزت على الوضع المأساوي في غزة ، والتزامات واشنطن بإعادة الإعمار بحكم مشاركتها في مؤتمر حول غزة. وبالنسبة لإدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، قال جمال مبارك إن العالمين العربي والإسلامي كانا يتعاطفان مع ما تعرضت له الولايات المتحدة خلال الأشهر الأولى التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001 وأبديا استعدادهما لدعمها ، إلا أنه ومع تطور الأحداث أدت الحرب على الإرهاب في النهاية إلى مزيد من الانقسام والتوتر والمواجهات.

وأكد جمال مبارك أن إدارة بوش حولت اهتمامها من القضايا الرئيسية إلى المواجهة والكراهية وإشاعة اليأس في المنطقة، حيث أهملت القضية الرئيسية في المنطقة وهي القضية الفلسطينية، وحاولت فقط مع نهاية ولايتها العودة مجددا لهذه القضية عبر مؤتمر أنابوليس ، إلا أن الوقت كان متأخرا للغاية.

جمال مبارك و سلام فياض وايهود باراك وطوني بلير في المنتدى الاقتصادي حول الشرق الاوسط في شرم الشيخ في 19 مايو 2008- أ ف ب

ملف التطرف

وحول تزايد التطرف الإسلامي خلال الأعوام الأخيرة قال مبارك الابن إن الإسلام لا يدعو للعنف، معربا عن اعتقاده في إمكانية مواجهة التطرف عبر مسارين، يتمثل الأول في أن يتحدث العالم الإسلامي بوضوح في هذه القضية وألا يترك الساحة للعناصر المهمشة التي تزعم أنها تتحدث نيابة عن الإسلام، كما شدد جمال مبارك على ضرورة أن يعمل العالم الإسلامي على مواجهة الحركات والأفكار المتطرفة.

وأوضح جمال مبارك أن المسار الثاني يتمثل في التعاون بين العالمين العربي والإسلامي من جانب والولايات المتحدة والغرب من جانب آخر عن كثب، وذلك للتعاطي مع بعض المشاكل الصعبة في منطقة الشرق الأوسط والتي تكون بمثابة وقود لجماعات تروج للعنف والتطرف وتسعى لإعادتنا إلى قرون مضت. وأشار جمال مبارك إلى أن بعض التوترات الناجمة عن الحرب على الإرهاب أو بعض القضايا المتشابكة أو الصعبة للغاية والتي من بينها القضية الفلسطينية تولد العنف والإحباط واليأس لدى البعض.

ومضى جمال مبارك قائلاً: quot;حينما يكون لديك خليط من تلك القضايا فإن بعض هذه القوى التي لديها أفكار راديكالية تجد الفرصة لملء الفراغ في المجتمعات، واتباع أساليب أكثر عدوانية في محاولة لقمع المجتمعات الإسلامية والحديث نيابة عنهم، وأنهم فقط لديهم إجابات عن مشاكلهم، وأن هذه الإجابات والحلول تتمثل في العديد من الحالات في المواجهة والعنفquot;. وحول بعض مشاكل منطقة الشرق الأوسط التي تغذي الأصولية والراديكالية، ومدى إمكانية حل القضية الفلسطينية اليوم مع وجود سلطة فلسطينية منقسمة بين فتح وحماس ، تساءل جمال مبارك عن السبب في الوصول إلى النقطة التي أصبحت القضية عندها اليوم، وأضاف quot;أن قضايا المنطقة المتداخلة والمعقدة تتطلب نظرة شاملة من أجل التعاطي معها، وإلا فإن الجهود ذات الصلة ستكون صعبة للغايةquot;.

أما في القاهرة فإن طيفاً واسعاً من القوى والحركات الشعبية والأحزاب المعارضة في مصر واصلت انتقاداتها الحادة للنظام الحاكم، متهمة إياه بالسعي إلى إعداد جمال مبارك لرئاسة الجمهورية خلفاً لوالده، والكثير من تلك الأحزاب والتيارات المعارضة تتحدث عما تصفه بـquot;مخطط التوريثquot;.

جمال مبارك
النجل الاكبر للرئيس المصري ينتظر في صالة خلال قمة دولية تركز على الأزمة في غزة وشرم الشيخ في 18 يناير 2009

إسرائيل والفلسطينيون

وردًا على سؤال حول التطبيع مع إسرائيل ووجود قطاعات عديدة في المجتمع المصري ترفض التطبيع، شدد جمال مبارك على أن جهود القيادة المصرية وأصحاب الفكر من الصعب أن تنجح في إقناع الشعب بالتطبيع مع إسرائيل في ظل ما يحدث على صعيد القضية الفلسطينية والفظائع التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وأضاف أنه على مدار السنوات الثماني الماضية ، لم تشهد القضية الفلسطينية أي تقدم من أي نوع ، بل كل ما شهدناه عبارة عن محاولات فاشلة. وأعرب عن اعتقاده في ظهور مؤشرات مع الإدارة الأميركية الجديدة، تستدعي الانتظار لمتابعة سبل تشكل سياستها تجاه هذه القضية.

أما في ما يتعلق بالمفاوضات التي تجريها مصر مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، ومدى التقدم الذي تحقق، أكد مبارك الابن أنه لا يريد القفز إلى أي نتائج، وأوضح أن الجولة الأولى من المحادثات التي عقدت قبل نحو عشرة أيام في القاهرة، شاركت فيها جميع الفصائل الفلسطينية، وهو ما يعد في حد ذاته خطوة جيدة، مشيرًا إلى أن هذه المفاوضات كان مخططا لها نوفمبر الماضي قبل هجوم غزة الدموي، إلا أن حماس انسحبت.

وأكد أنه بعد انعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، فإن كلمات وتصريحات بعض ممثلي الفصائل المشاركة تشير إلى أن هذه الجولة كانت quot;بداية جيدةquot;. وبالنسبة لارتباط فكرة لدى الأميركيين عند نظرهم إلى مصر بأن قيادات من تنظيم القاعدة أمثال أيمن الظواهري من مصر، قال جمال مبارك إن مصر واجهت حربها الخاصة ضد الإرهاب قبل الولايات المتحدة والعالم، وأن الرئيس حسني مبارك اعتاد في أكثر من مناسبة توجيه رسالة تحذيرية بأن هذا الإرهاب سوف يهدد مع مرور الوقت العالم بأسره إذا لم يتم اتخاذ إجراء مشترك لمواجهته.

وأضاف أن بعضهم اعتبر حينها أن هذه مشكلة داخلية تتعلق بالمعارضة السياسية في مصر، لافتًا إلى أن الوقت أثبت أن الرئيس مبارك كان على صواب في تحذيراته، وأن هذه الجماعات التي كانت تشن عمليات عنف في التسعينات راهنت على أن المصريين سوف يساندونهم، إلا أنهم أخطأوا في ذلك الأمر. وفي ما يتعلق بإيران اعترف جمال مبارك بوجود اختلافات عميقة في وجهات النظر بين الجانبين بشأن المنطقة، وسبل تحقيق تقدم على مسار عملية السلام، وتوجه المنطقة نحو التسوية السلمية وكيفية الوصول إلى هذه النقطة.

وأشار جمال مبارك إلى أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتخذ خطوة تاريخية في سبعينات القرن الماضي ودفع ثمنها، وكانت رؤيته حينها أن الحل الوحيد لتقدم المنطقة هو السلام والتسوية والحل القائم على دولتين، وهو ما نتحدث عنه حاليًا، مما يؤكد أنه كان على صواب، وأضاف أن الرئيس مبارك حين تولى مقاليد السلطة استمر على النهج نفسه، وواجه تحديات على مدار سنوات، لكنه ظل على هذا المسار لإيمانه بأنه السبيل الوحيد لإحراز تقدم.

مصر وإيران

وحول فرص تأييد مصر لضربة عسكرية أميركية لمواقع إيران النووية، قال جمال مبارك quot;أعتقد أنه من واقع خبرات سابقة مع العراق، فلا أعتقد أن المنطقة أو العالم أو الولايات المتحدة يجب أن يقفز إلى نتائج وتقديرات تقود إلى صراع عسكري آخر في المنطقةquot;. وأضاف أن quot;هناك المزيد من الأعمال التي يمكن انجازها عبر الدبلوماسية، وأعتقد أن الولايات المتحدة والإدارة الجديدة بدأت على المسار الصحيحquot;، داعيا إلى الاستفادة من الأخطاء ومحاولة الوصول إلى حل لبعض القضايا الشائكة عبر المفاوضات والدبلوماسية.

وحول مدى تفاؤله بالنسبة للقضية الإسرائيلية الفلسطينية برغم مرور نحو ستين عاما عليها، أكد جمال مبارك على ضرورة عدم فقدان الأمل في السياسة، وأنه إذا كانت هناك رغبة في الوصول إلى الرؤية الخاصة بتحقيق الأمن والسلام والتعايش، فيجب أن يكون هناك تفاؤل مع محاولة التغلب على جميع العقبات من أجل التقدم نحو الأمام. وشدد على أنه إذا كان هناك تحرك في هذا الاتجاه، فلأن هناك دولا قيادية في منطقة الشرق الأوسط ومن بينها مصر التي تعمل بلا كلل من أجل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة في التعايش سويا وتوفير مستقبل سلمي لهم.

وحسب مرافقين له في زيارته فقد عرض جمال مبارك خلال هذه اللقاءات رؤية الحزب الوطني (الحاكم) في مصر وسياساته تجاه قضايا المنطقة والتحديات المتمثلة في الأزمة الاقتصادية العالمية وسبل مواجهتها، واستشراف مستقبل العلاقة المصرية - الأميركية في ظل تولي الإدارة الأميركية الجديدة، وفي هذا السياق اطلع جمال مبارك على رؤية الدوائر الأميركية لهذه القضايا وتصورها للتطورات في السياسة الأمريكية، خاصةً فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط. وتتباين آراء المصريين ونظرتهم للتغييرات التي تجري على الحزب الحاكم، ما بين مؤيدين ومتفائلين أغلبهم من أعضاء الحزب، ومعارضين يرفضون مجرد ظهور جمال مبارك على المسرح السياسي أساساً.