كابول: قال قيادي عسكري رفيع المستوى في حركة طالبان الأفغانية رفض كشف اسمه إن مقاتلي الحركة باتوا عند مواقع على تخوم العاصمة كابول، وهم على استعداد لمهاجمتها أو ضرب أي منطقة منها، في إشارة جديدة إلى صعود قوة الحركة واتساع قدراتها العسكرية.

وقد أكد مسؤولون في الشرطة الأفغانية صحة ما أورده القيادي quot;الطالباني،quot; إذ قال الضابط محمد دود أمين، مسؤول أمن منطقة كابول التي تضم القصر الجمهوري ومراكز الوزارات الأساسية: quot;نحن نعمل على إستراتيجية أمنية جديدة للعاصمة، وإذا لم ننجزها بشكل صحيح، فإن طالبان قد تهاجمنا في أي لحظة.quot;

وقال خبراء، إن ما يؤكد صحة التهديدات التي أطلقها القيادي في حركة طالبان، قيام ثمانية من عناصر الحركة مؤخراً باقتحام ثلاثة أبنية حكومية وسط العاصمة، حاملين الرشاشات والسترات المفخخة، وقد تمكنت الشرطة من قتلهم قبل تفجير أنفسهم في مواجهات أدت لمقتل 20 شخصاً وجرح العشرات. وقد شكل الهجوم أول عملية تستهدف بشكل مباشر المؤسسات الحكومية التابعة لسلطة الرئيس حميد كرزاي، ومؤشر أكيد إلى أن العاصمة الأفغانية باتت جزيرة معزولة وسط محيط تعمل فيه طالبان بكل حرية.

وقد استعرض أمين بعض الصور لعملية اقتحام وزارة العدل الأفغانية، مشيراً إلى صور القتلى من بين طاقم الوزارة، كما نوه إلى أن جهوده وجهود عناصره حالت دون تحويل الهجوم إلى عملية احتجاز رهائن طويلة ومكلفة. غير أن حالة التذمر تتسع بشكل كبير بين الشرطة وقوى الأمن الأفغانية، وذلك بسبب انتشار الفساد وتراجع الأجور.

وقد تحدث الشرطي أحمد زاهر، الذي شارك في مواجهة الهجوم على الوزارات، كيف أنه تصدى لعناصر طالبان ببسالة، غير أن الحكومة لم تقدم له مكافأة مناسبة، في بلد لا يتجاوز فيه راتب الشرطي 200 دولار، وهو مبلغ بالكاد يكفي للعيش بالعاصمة. يشار إلى أن قوات حلف شمال الأطلسي quot;ناتوquot; ستنقل معظم صلاحيات الأمن وحماية العاصمة إلى الشرطة الأفغانية نهاية العام الجاري، ويعتبر خبراء أن ذلك سيمثل التحدي الأكبر أمام قوات الأمن المحلية في مواجهة حركة طالبان الجاثمة على أبواب المدينة.

يذكر أن الإدارة الأميركية تدرس عدة خيارات للتعامل مع الوضع في أفغانستان، بينهم زيادة عدد القوات المنتشرة هناك، إلى جانب ما كشف عنه الرئيس باراك أوباما مؤخراً، من أن إدارته قد تحاور المعتدلين في حركة طالبان، التي أطاح بها الغزو الأميركي لأفغانستان في 2001.

وقال أوباما، في حديث لصحيفة quot;نيويورك تايمزquot; إن إدارته تراجع إستراتيجية الحرب الراهنة في أفغانستان، وأن الوقت ربما حان للتفاوض مع الحركة. وأقر الرئيس الأميركي بفشل قوات بلاده في مواجهة الحركة المتشددة قائلاً: quot;نحن لا ننتصر الآن.. قواتنا تقوم بجهود استثنائية في ظروف شاقة للغاية، إلا أننا نرى تدهوراً في الوضع.. أعتقد أن طالبان أكثر جراءةquot;، وفق التقرير.

وكان الرئيس الأميركي قد أعلن مؤخراً إرسال 17 ألف جندي إضافي لأفغانستان، وسط إجماع مسؤولين ومحللين أن الزج بالمزيد من القوات المقاتلة، في الحرب الدائرة منذ سبع سنوات، خطوة محدودة التأثير ما لم يتبن التحالف الدولي إستراتيجية جديدة في دولة اكتسبت، بعد ألفي عام من النزاعات، لقب quot;مقبرة الإمبراطوريات.quot;