لندن: لن يلق نداء من تنظيم القاعدة بالقيام بانتفاضة اسلامية في الصومال أذنا صاغية اذ ان تشدده الذي يتسم بالعنف ينفر المواطنين العاديين وهناك أمل الان في أن يستطيع الزعيم الجديد للبلاد انهاء 18 عاما من الفوضى.
ويقول محللون ان نداء زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الذي وجهه يوم الخميس للصوماليين للاطاحة بالرئيس شيخ شريف احمد محاولة لرفع الروح المعنوية بين المقاتلين المتعاطفين مع القاعدة الذين يفقدون شعبيتهم بشكل متزايد وليس خطة عمل سياسية واقعية.
وذكر خبراء أنه بينما يمثل حلفاء ابن لادن المحليون تهديدا عسكريا حقيقيا يبدو أن معظم الصوماليين مقتنعون بقدر اكبر بالمعلم السابق (42 عاما) وتحقيقه للاستقرار في المجتمع اكثر من قناعتهم برسالة الحرب التي يروج لها تنظيم القاعدة.
وقال رشيد عبدي خبير الشؤون الصومالية بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات quot;ليس هناك احتمال باندلاع هذه الثورة. هذا يهدف في الاساس الى رفع الروح المعنوية لحركة الشباب.quot;
وأضاف quot;يظهر البيان أن القاعدة لها طموح في الصومال لكن سياسيا معظم البلاد في صف شريف احمد.quot;
وحركة الشباب جماعة قوية من المقاتلين الاسلاميين المتعاطفين مع تنظيم القاعدة يسيطرون على أجزاء كبيرة من الارض وتقود الى جانب حركات تعتنق نفس الفكر تمردا ضد الادارة حديثة العهد وداعميها الغربيين.
لكن في مقابل هذا التهديد العسكري شعور عميق بين المواطنين الصوماليين العاديين بأن احمد وهو اسلامي معتدل انتخب في محادثات استضافتها منظمة الامم المتحدة في جيبوتي في يناير كانون الثاني يعد أفضل فرصة امام البلاد منذ سنوات لمستقبل جديد.
ويرى محللون أن احمد لديه احتمال حقيقي برأب بعض أسوأ الخلافات بين السكان البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة نظرا لجذوره الاسلامية وشعور في الغرب بأنه يجب منحه الان فرصة لمحاولة تحقيق الاستقرار للبلاد الواقعة بمنطقة القرن الافريقي.
ويقول عبدي سماطار وهو باحث في شؤون الصومال واستاذ الجغرافيا والدراسات العالمية بجامعة مينيسوتا ان quot;ابن لادن يستطيع أن يقول كل ما يشاء لكن هذا لن يغير هذا المشهد السياسي المتعلق بحركة الشباب.quot;
وأردف قائلا quot;ارادة الناس هي أن يقولوا (لا) للحرب وهذه عقبة كبرى امام ابن لادن.quot;
وكان العدو الرئيسي للشباب حتى نهاية يناير كانون الثاني قوة احتلال اثيوبية أرسلت الى البلاد بموافقة اميركية ضمنية عام 2006 لسحق الانشطة المفترضة لتنظيم القاعدة.
ووفر وجود اثيوبيا سببا وطنيا للوجود فهمه الكثير من الصوماليين.
لكن محللين يرون أن استكمال الانسحاب الاثيوبي قضى على سند سياسي أساسي وفيما يبدو تسعى حركة الشباب جاهدة لتظل قوة متماسكة في غيابه.
والمخاطر الكبيرة التي يواجهها احمد كثيرة أبرزها المجازفة بالتعرض للاغتيال على يد حركة الشباب التي ما زالت تتلقى تمويلا من مصادر خارجية وتحافظ على أسرارها جيدا وهي ليست مسألة سهلة في مجتمع ثرثار يتناقل فيه الناس الاخبار بسرعة وكفاءة عالية.
وحتى الان لا يملك احمد الكثير في طريق القوة العسكرية اذ ان القوات الحكومية وقوة حفظ سلام افريقية قوامها نحو 3500 فرد لا تسيطر الا على بضع مناطق من مقديشو.
كما يواجه الزعيم الجديد تحديات كبيرة تتمثل في وقف العنف والقرصنة وبناء العلاقات مع الادارة الاميركية الجديدة واعادة بناء الطرق والموانيء ومحاصرة قادة الميليشيات ورجال الاعمال الجشعين الذين لهم مصلحة في تقليص سلطة الدولة.
لكن التغييرات واسعة النطاق التي طرأت على المشهد السياسي في الاشهر الستة الماضية تعني تحسن احتمالات التعامل مع هذه المهام وانهاء الفوضي التي غذتها النزعة العشائرية على مدار الاعوام الثمانية عشر الماضية.
واكبر تطور هو وصول احمد الى الحكم وهو يدعو للثقة لانه قاد اتحاد المحاكم الاسلامية الذي هزم قادة الميليشيات القوية في مقديشو وحقق بعض الاستقرار للعاصمة ومعظم جنوب الصومال عام 2006 .
وحينذاك لم يدم نجاحه طويلا واتهم الغرب اتحاد المحاكم الاسلامية بالارتباط بصلات بجماعات ارهابية وأرسلت اثيوبيا جنودا لطرد الاسلاميين من السلطة.
وفر احمد من البلاد وأنشأ جماعة معارضة مناهضة لاثيوبيا. والان عاد من المنفى ويحاول اعادة ترسيخ القيادة على الارض والتواصل مع المقاتلين الاسلاميين الذين كانوا جزءا من المحاكم الاسلامية التي تزعمها.
وربما تكون جذور احمد الاسلامية المعتدلة مفيدة في تلك المهمة وفي جهود موازية لاقناع بعض الدول العربية بتوفير التمويل لادارته.
وقد قال انه يدعم تطبيق الشريعة الاسلامية في الصومال وهو تصريح قد يخفف من حدة المعارضة له بين الجماعات الاسلامية على الرغم من أن رؤيته للشريعة لا تشبه الاتجاه الاكثر تشددا الذي يفضله متمردو حركة طالبان بأفغانستان.
وانسحب الاثيوبيون لينهوا احتلالا كثيرا ما نظر اليه في واشنطن على أنه جزء من quot;الحرب ضد الارهابquot; لكنه اعتبر محليا انتهاكا صارخا للسيادة الصومالية.
ويقول محللون ان المخاوف بشأن دور اثيوبيا لا تزال قائمة. ولطالما اتهمت اثيوبيا بانها تفضل وجود حكومة صومالية ضعيفة تستطيع الهيمنة عليها. وتقول اثيوبيا ان العكس صحيح