مع الحديث عن إمكانية استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين
حكومة نتنياهو... فرص السلام واحتمالات الحرب
خلف خلف من رام الله:
طرأ في السنوات الأخيرة تآكلاً على مكانة القيادة السياسية في نظر الجمهور في إسرائيل، إلى جانب التصاعد في قوة وسائل الإعلام، التي تعظم التأثير النفسي للاحداث، وتضاف إلى هذه التطورات حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي يعاني من تصدعات عميقة، من شأنها أن تضعف مناعته وصموده في وجه التحديات الخارجية التي تحدق به، يتزامن كل ذلك مع شق الحكومة الإسرائيلية الجديدة طريقها من نقطة أزمة عسيرة، تتميز بالأرتباك الشديد فيما يتعلق باستمرار طريق إسرائيل في المجال السياسي- الاستراتيجي، وباحساس انعدام الرؤية المستقبلية، النابع أساسًا من المواقف والتجارب السابقة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كذلك عدم اتضاح معالم سلم أولويات الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة باراك أوباما.
تقارير تناقلتها وسائل الإعلام اليوم السبت تتحدث عن إمكانية استئناف الحكومة الإسرائيلية الجديدة للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية قبل نهاية الشهر الجاري، وتتوازى هذه المعطيات مع جولة يعتزم مبعوث الرئيس الأميركي جورج ميتشل القيام بها إلى منطقة الشرق الأوسط منتصف هذا الشهر، سبقها تأكيدات الرئيس أوباما بأن إداراته ستقوم بدور نشط بهدف التوصل إلى سلام أمن بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهي تحركات وتصريحات يستشف منها أن الإدارة الأميركية تحاول السير قدمًا في المسيرة السلمية في الشرق الأوسط، في ضوء أهمية هذا الإجراء لمنع نشوب نزاع اقليمي، فمشاكل الشرق الاوسط مرتبطة الواحدة بالاخرى، وتشكل جملة واحدة.
كما ويحتمل أيضًا أن يؤدي نهج الادارة الأميركية الجديدة، والذي يقضي بالنظر إلى المسيرة السلمية في سياق أقليمي واسع، بالذات الى دور متجدد في المسيرة السلمية، في ظل استخدام وسائل النفوذ على إسرائيل، وذلك بغية تحقيق الأهداف الأخرى للولايات المتحدة في الساحة.
لكن مفاوضات بين الفلسطينين أو حتى السوريين مع الإسرائيليين لن تكون سهلة، إذ أن هامش مناورة نتنياهو ضيق للغاية، بسبب تركيبة ائتلافه الحكومي المعقد الذي لن يسمح له على الأغلب بإجراء محادثات جوهرية على تسوية دائمة مع الفلسطينيين، كما ان آمال نجاح المفاوضات على تسوية انتقالية، أو على تسوية دائمة جزئية ليست عالية، وهو ما ينطبق تمامًا على المسار السوري المرصوف بالمطبات.
على سبيل انعدام البديل يحتمل أن تذهب الأمور في المنطقة نحو التصعيد العسكري، لا سيما أن اقطاب الحكومة الإسرائيلية ميولهم يغلب عليها طابع التطرف واللجوء إلى الحلول العسكرية، فوزير الخارجية افيغدور ليبرمان، معروف بمواقفه المتطرفة، وقد أعلن مؤخرا أنه ليس مع مقررات مؤتمر انابوليس، أي أنه يعارض خارطة الطريق، وهي الرؤية القائمة عليها المفاوضات لحل النزاع منذ نحو سبع سنوات، يضاف لذلك أن إيهود باراك، بقي في وزارة الدفاع، وخلال ولايته السابقة في المنصب ذاته، حدثت حربان، احدهما في لبنان عام 2006، والأخرى في غزة 2008- 2009.
ما تقدم يدفع الجانب الفلسطيني إلى القلق والخوف من طبيعة المرحلة المقبلة، وهو ما عبر عنه الرئيس محمود عباس، حين صرح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو ldquo;لا يؤمن بالسلامrdquo;. ودعا عباس، الاسرة الدولية الى الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد لقبول دولة فلسطينية. كما أصدر النائب الفلسطينيمصطفى البرغوثي، بيانًا صحافيًا، قال خلاله: quot;أن حكومة نتنياهو ليبرمان باراك، تشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار في المنطقةquot;، مشددًا على أن اجندة هذه الحكومة تفتقر للغة السلام، وتدفع باتجاه تأجيج المنطقة، وأكد البرغوثي على أن السلام لن يتحقق في ظل التطرف الذي يسيطر على الحكومة الاسرائيلية.
إن مخاوف السلطة الفلسطينية ممثلة في الرئاسة، نابعة اساسًا من عدم إعلان نتنياهو لحتى اللحظة موافقته على مبدأ دولتين لشعبين، حيث تفادى الأخير التطرق لذلك في خطاباته منذ فوزه في الانتخابات الإسرائيلية. السلطة الفلسطينية أكدت على أن العملية السلمية سيكون محكوما عليها بالموت إذا لم تعترف الحكومة الإسرائيلية بحل الدولتين والاتفاقات السلمية الموقعة بين الجانبين.

وقد وجهت السلطة بيانًا إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية شرحت خلاله موقفها المذكور، وهو على ما يبدو ما دفع بريطانيا إلى حث نتنياهو إلى المشاركة بشكل بناء من اجل تحقيق الحل القائم على دولتين فلسطينية واسرائيلية، وهو ما سينادي به أيضاً مبعوث الرئيس الأميركي جورج ميتشل خلال زيارته القريبة إلى إسرائيل والمنطقة. ويبقى السؤال، هل فعلاً نتنياهو يريد السير في العملية السلمية في ثلاثة اتجاهات كما قال في خطابه الأخير، وإن كان فعلاً محق، فما هي خططه، وقبل ذلك، ما مدى قدرته على تحقيقها في ظل ائتلاف حكومي يكبله بقيود حديدية ثقيلة؟