أشرف أبوجلالة من القاهرة: في مقال للرأي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بعددها الصادر اليوم الأربعاء تحت عنوان quot;التعايش مع طالبانquot;، أكد علي دايان حسن، الباحث بمنظمة هيومن رايتس ووتش، على أنَّ باكستان تُعرض نفسها لخطر الخضوع لرغبات الأصوليين التابعين لحركة طالبان، رغم قدرة الجيش الباكستاني على مواجهتهم. وقال مستهلاً حديثه quot; خلال حضوري للحفل السنوي الذي تنظمه مدرسة ابنتي بمناسبة يوم الآباء في لاهور، كانت أعمال العنف ملموسة هناك. وتحولت تلك المناسبة السنوية الحميدة إلى عملية أمنية قصوىquot;.

وأضاف :quot; على مدار مئات السنين، كان لابد من وجود حراس أمنيين وأجهزة للكشف عن المعادن وتفتيش الحقائب، وذلك كي يتمكن الآباء من رؤية أبنائهم وهم يتغنون. وسيكون الحال عند مجيء عام آخر هو نفس ما كان عليه العام الماضي وكما سيكون عليه العام المقبل، وهو عدم وجود يوم للآباء. وسيكون الحال بعد مرور شهر أو شهرين مثلما كان في الأشهر الماضية، وهو أن المدرسة قد لا تبقي مفتوحة. وربما يخشي الباكستانيون من مستقبل يشتمل على جرعات يومية من عمليات الجلد، والذبح، وتقطيع الزهور، والغارات التي تتم بواسطة الطائرات الآلية؛ لكنَّ إذا لم يتمكن أبناءك من الذهاب إلى المدرسة، فلن يكون هناك مستقبلquot;.

كما أشار حسن في سياق حديثه إلى أن باكستان تواجه خلال هذه الأثناء أزمة قائمة على مستويات متعددة. فقد نجحت طالبان بالفعل في الاستيلاء على أجزاء كبيرة من المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية. كما تمكنت من فرض سيطرتها على وادي سوات والمناطق المجاورة من خلال عمليات الإعدام التي تقوم بتنفيذها بواسطة إجراءات موجزة ndash; من بينها قطع الرؤوس ndash; للمسؤولين الحكوميين والخصوم السياسيين، وتخويف الشعب. بعد أن تم إغلاق مدارس البنات، ولم يعد يسمح للسيدات بمغادرة منازلهن ما لم يرافقهن ذكورا ً من أفراد أسرهن، كما تم وقف برامج التحصين ضد مرض شلل الأطفال، وتم طرد المنظمات غير الحكومية. كما تم فرض حالة من الحظر على الموسيقي والأفلام، ودُمِرَت المحلات التي تتاجر فيها. وُطلِبَ من جميع الرجال أن يُطلقوا لحاهم. وتتواصل الانفجارات في ضرب جميع أنحاء البلاد.

كما أكد حسن على أنَّ خُطوط الصدع الطبقية والطائفية والعرقية باتت تنتشر بصورة واضحة في مختلف أنحاء باكستان. كما أنَّ طالبان وباقي وكلاء الجيش المسلحين والمنوعين يعملان الآن في تحالفٍ فضفاض، مستشعرين أنَّ هناك فرصة تاريخية غير مسبوقة لتعزيز نفوذهم في مختلف أنحاء البلاد. وتستمر وسائل الإعلام اليمينية ذات الأغلبية الساحقة في تعظيم طالبان حتى العبادة، وتقديم الإرهاب على أنَّه وظيفة لفشل الدولة في التوصل إلى اتفاق مع المواطنين الباكستانيين. إلا أن الأخطار المشار إليها أعلاه، ورغم خطورتها، تقدم فقط نصف الصورة. ويسيطر على عدد كبير من الأشخاص هاجس quot;سيادة القانونquot; والدستورية كما بدا واضحا ً في حركة المحامين لاستعادة القاضي المخلوع افتخار تشودري.

وتابع حسن quot; في الوقت الذي تتعرض فيه النساء للحبس داخل منازلهن في المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية، فإن ذلك من المستبعد حدوثه في الرقع الحضرية والصناعية الشاسعة التي تمتد ما بين إسلام آباد إلى لاهور. وعلى الطرف الآخر من باكستان، في كاراتشي، تسهب القوة السياسية الرئيسية بالمدينة وهى ( منظمة الحركة القومية المتحدة ) في بث السموم عن (الشريعة القبلية) لطالبانquot;. وتبقي مقاطعة سندة الريفية والمناطق المجاورة لأجزاء من جنوب ولاية البنجاب تحت التأثير السياسي شبه الكامل لعبادة بوتو. وهو لا يعني أنَّ معدلات التسلح في سندة والبنجاب ستتزايد ضد طالبان. وستستمر طالبان في شن حملة إرهابية بالبر الرئيسي لباكستان، وسوف يرد الأشخاص ndash; وبخاصة في ولاية البنجاب ndash; من خلال محاولة استرضائهم. ومع ذلك، فإن هناك حدودا ً اجتماعية وسياسية وثقافية واضحة للغاية بالنسبة لهذا الاسترضاء.

لكن وبالرغم من التطور الذي طرأ على حركة طالبان، إلا أن أيديولوجيتهم ستحتاج لإيقاف أقل من ذلك الذي يمكن مشاهدته في أفغانستان أو المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية. أما على الصعيد السياسي، فيجب على العالم ndash; وبخاصة الهند ndash; أن يقوم بوضع تدابير تسمح للجيش الباكستاني باستبدال سياسته المتعلقة بالتركيز على الهند بأخرى تركز على مواجهة طالبان. وإلى أن يتحقق ذلك، سوف يبقي باكستان والعالم شأنهم شأن الرهائن لدى حركة طالبان وتداعياتها القبيحة وغير المرغوب فيها.