أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: بعد سنوات من دخولها المعترك السياسي في المغرب، كان غالبية المراقبين يراهنون على أن تحقق الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية المعتدلة تقدما في كل استحقاق انتخابي يقود إلى توسيع قاعدتها مقاعدها في البرلمان، ويعزز مكانتها على مستوى التسيير في المحافظات. غير أنه مع مرور الوقت، وعودة أحزاب تاريخية من بعيد ودخول أخرى إلى الساحة السياسية بشكل قوي، وجدت هذه الأحزاب نفسها في موقف حرج، إذ باتت شبه متأكدة أن استراتيجيتها السياسية في المستقبل يجب أن تدخل عليها تغييرات حتى تتمكن من الاستمرار. وفيما لجأت أحزاب كبرى إلى تغليب كفة تجاوز الخلافات والانخراط في مسلسل التحالفات لتقوية نفسها وتعزيز حظوظها للظفر بأكبر ممكن من المقاعد في انتخابات المحافظات، ما زال تباعد وجهات النظر يزيد طول المسافة الفاصلة بين من كانوا quot;أصدقاء الأمسquot;.

فالعدالة والتنمية، بعد الصفعات الموجعة التي تلقاها أخيرا، والمتمثلة في عزل عضو الحزب أبو بكر بلكورة، من منصب عمدة مدينة مكناس، وإعلان 71 استقالتهم من هذا المكون السياسي بسبب ما وصفوه quot;غياب الديمقراطية داخل الحزبquot;، ثم تقديم ستة أعضاء من المكون المذكور استقالتهم الجماعية للأمانة العامة، احتجاجا على quot;الحالة المزرية التي وصل إليها الحزب محليا، وجد نفسه مرغما على الاكتفاء بمشاركة محدودة بترشيح حوالي 10 آلاف عضو لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، عكس ما كان يصبوا إليه ألا وهو تغطية جميع الدوائر.

وإذا كان المراقبون السياسيون للمشهد الحزبي المغربي أجمعوا، فيوقت سابق، على أن أهم ما يميز الساحة السياسية المغربية، هو ظاهرة التفريخ الحزبي، فإن الجسم الإسلامي، الحديث النشأة، لم يشذ عن هذه القاعدة، بعد أن انتقلت إليه حاليا عدوى البلقنة، حيث كان عرف العدالة والتنمية بدوره انشقاقا تولد عنه حزب النهضة والفضيلة، الذي تحدثت أنباء عن سعيه إلى ضم نشطاء كانوا ضمن مكونات حلت أو لم يرخص لها.

غير أن هذا الحزب، حسب مراقبين، ما زال في طريق البحث عن توسيع قاعدته، إذ حقق إجمالا نتائج محدودة جدا في الانتخابات التشريعية سنة 2007. أما بالنسبة لجماعة العدل والإحسان (غير المرخص لها)، والتي تتوفر على قاعدة شعبية لا بأس بها، فما زالت على موقفها الرافض للمشاركة في أي استحقاق، وعدم دعم أي تيار في هذا الصدد.

وقال فتح الله أرسلان، الناطق باسم الجماعة، quot;موقفنا ما زال كما كان عليه. ونحن ما زلنا نقاطع العملية الانتخابية بصفة عامةquot;. وأوضح أرسلان، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;الأسباب التي قاطعنا من أجلها الانتخابات ما زالت قائمة، لكون أن الأمر يقتصر فقط على المصالح الضيقة والبحث عن امتيازاتquot;. وأضاف quot;رأينا الذي كان ينعث بأنه هامشي، وقف الجميع على مصداقيته، بعد أن أكد ذلك الناخبون عبر تسجيل عزوف لديهم في الانتخابات البرلمانية. وهذا الرأي يزدادquot;. وأكد أن الجماعة لن تساند أي تيار، وهذا القرار اتخذ على مستوى القواعد، بعد مشاروات مكثفة، وقال quot;لن نساند أي شخص، وإذا كنا سنساند أحدا فلنشارك نحن في الانتخاباتquot;.

وكانت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في المغرب بدأت تحركاتها تترجم على الساحة السياسية بعد أن حقق العدالة والتنمية، خلال استحقاقات 2002، نتائج مهمة جعلته يدخل غمار المنافسة، في انتخابات 2007، بثقة في النفس بلغت حد توقع فوزهم بالمرتبة الأولى واكتساح استحقاقات 7 أيلول (سبتمبر) الجاري، غير أن هذا الحلم تبخر في صناديق الاقتراع، إذ احتل المرتبة الثانية ب 47 مقعدا، ما جعل محللين يرجحون مواصلة العمل في صفوف المعارضة.

وكانت دراسة أنجزتها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب)، والمنظمة الدولية للتقارير حول الديموقراطية (ديموكرسي ريبورتين إنترناشيونال)، أخيرا، كشفت أن عدد الناخبين في انتخابات المحافظات المقبلة، المقرر إجراؤها في 12 حزيران (يونيو) أقل مما كان عليه في سنة 2007 بعد حذف 3 ملايين إسم من اللوائح الانتخابية، وإضافة 1.6 مليون مسجل جديد في إطار تحيين وتنقية هذه اللوائح. وتوقعت دراسة حول quot;تقييم إطار تنظيم الانتخابات الجماعية بالمغربquot;، قدمت نتائجها، في ندوة صحفية بالرباط، أن تسجل نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، ارتفاعا مقارنة مع الانتخابات التشريعية الأخيرة.