إنتهاكات الماضي وسيادة القانون تقلق أوباما

واشنطن: سيحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما اصلاح صورة الولايات المتحدة أمام العالم الاسلامي يوم الخميس في الوقت الذي يتطلع فيه الى حشد الدعم لاستئناف عملية السلام في الشرق الاوسط واحباط الطموح النووي لايران. وفي كلمة يترقبها الكثيرون سيلقيها أوباما في العاصمة المصرية القاهرة سيحاول الرئيس الأميركي التواصل مع أكثر من مليار مسلم في شتى أنحاء العالم مع سعيه الى رسم مسار جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة والمسلمين التي تضررت بشدة خلال الحرب على الارهاب التي شنتها ادارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش.

وقال أوباما الاسبوع الماضي بعد اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في واشنطن quot;أريد استغلال هذه المناسبة في توصيل رسالة أوسع نطاقا عن أن الولايات المتحدة قادرة على تغيير علاقتها مع العالم الاسلامي للافضل.quot; ولكن محللين يقولون ان أوباما سيحاول استمالة المسلمين في الشرق الاوسط حيث يواجه بعضا من أكبر التحديات التي تواجهه في السياسة الخارجية من حرب العراق والازمة النووية مع ايران والصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

وأثار الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لافغانستان والعراق ومعاملة السجناء في سجن جوانتانامو العسكري وفي سجن أبو غريب بالعراق وانحياز ادارة بوش لاسرائيل مشاعر مناهضة للولايات المتحدة في المنطقة كما أذكى كل ذلك الارهاب. وقال اليوت ابرامز وهو زميل في مجلس العلاقات الخارجية شغل مناصب رفيعة في السياسة الخارجية تحت قيادة اثنين من الرؤساء الأميركيين الجمهوريين quot;أفضل ما يمكنه انجازه هو تغيير الرأي العام العربي تجاه الولايات المتحدة وتسهيل على حكوماتهم ( الدول العربية) العمل مع واشنطن. نحتاج هذا النفوذ العام في المنطقة.quot;

ويأتي الخطاب في الوقت الذي يسعى فيه أوباما لبناء تحالف مع دول مسلمة معتدلة للضغط على ايران حتى توقف برنامج تخصيب اليورانيوم الذي تخشى واشنطن أن يكون ستارا لصنع أسلحة نووية ولكن طهران تقول انه للاغراض السلمية. كما أنه يحتاج الى مساندتها لصالح تجدد المساعي الأميركية للسعي الى التوصل لحل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

وتبنت ادارة أوباما اقتراحا من المملكة العربية السعودية يعرض تطبيع العلاقات مع كل الدول العربية مقابل انسحاب اسرائيلي كامل من الاراضي التي احتلتها في حرب 1967 واقامة دولة فلسطينية والتوصل quot;لحل عادلquot; لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. ومن المرجح أن يتطرق أوباما في محادثاته الى هذه المسألة مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في الرياض يوم الاربعاء وهو في طريقه الى مصر.

وقال ستيف جراند الخبير في العلاقات الأميركية الاسلامية في معهد بروكينجز quot; طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الصراع تحدد الطريقة التي من المرجح أن ينظر بها مواطنو المنطقة للولايات المتحدة.quot; وأمضى أوباما الاسبوع الماضي في العمل مع المساعدين لصياغة الخطاب الذي قال انه سيتناول فيه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ولكن ربما لا يكون ذلك بالتفاصيل التي يتطلع اليها الكثير من المسلمين. ونفى البيت الابيض بالفعل تكهنات بأنه سيكشف النقاب عن مبادرة سلام جديدة للشرق الاوسط.

ولكن المسلمين ينتظرون من أوباما تخطي مجرد الخطب الرنانة ليقول لهم كيف يعتزم تحسين العلاقات والى أي مدى يتبنى حملة الرئيس السابق بوش لتحقيق الديمقراطية في المنطقة. وقال جراند quot;كان رائعا على المستوى الخطابي ولكن عليه أن يقدم تفاصيل بشأن ما الذي ستقوم به الولايات المتحدة بشكل ملموس من أجل التواصل مع العالم الاسلامي.quot; ولكن ضياء رشوان وهو محلل في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة كان أكثر تشككا.

وقال رشوان quot;سيتحدث فقط بعبارات فضفاضة حتى يعطي الانطباع بأن أميركا ليست عدو العالم العربي والاسلامي. لن يتحدث عن تفاصيل.quot; ولكن المكان الذي يدلي فيه أوباما بالخطاب لا يقل أهمية عن محتوى هذا الخطاب. فقال دانييل برومبرج من المعهد الأميركي للسلام ان من خلال اختيار أوباما لمصر وهي أحد بلدين عربيين وقعا معاهدة سلام مع اسرائيل وحليف استراتيجي منذ فترة طويلة للولايات المتحدة في المنطقة فانه يبعث بذلك باشارة مهمة عن مدى التزامه تجاه احياء محادثات السلام المتعثرة في الشرق الاوسط.

وأضاف برومبرج quot;اختيار القاهرة رسالة.quot; وسيتعين على أوباما توخي الحرص البالغ في كلمته حتى لا يبدو وكأنه يدعم الرئيس حسني مبارك الذي توجه لحكومته اتهامات بانتهاك حقوق الانسان وقمع المعارضين السياسيين. وأغضبت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس الحكومة المصرية عندما ألقت كلمة في مصر عام 2005 تحدثت فيها عن وضع حقوق الانسان.

وقال مسؤولو ادارة أوباما ان الرئيس الأميركي لن يتردد في تناول quot;مسائل المجتمع المدني والديمقراطيةquot; خلال المحادثات مع مبارك في الوقت الذي سيتناول في خطابه quot;المجموعة الكاملة من القضاياquot; مثل أهمية الرخاء والحرية. كما دافع البيت الابيض عن اختيار القاهرة قائلا ان الخطاب ذاته أهم من مكان القائه. وسيلقي أوباما خطابه في جامعة القاهرة في حدث تشارك في استضافته جامعة الازهر التي تعد مركزا للدراسات الاسلامية والعربية في العالم. وقال مسؤولو الادارة ان من بين المدعوين quot;أطراف سياسيةquot; في مصر ولكنهم رفضوا تحديد ما اذا كان نشطاء المعارضة وحقوق الانسان سيكونون من بينهم.