طهران تواجه أصعب اختبار وتتحول لأكبر سجن للصحافيين
خامنئي يفقد تأثيره الساحر على الإيرانيين


نبيل شرف الدين من القاهرة: أعلنت منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; أن عدد الصحافيين والمدونين المعتقلين في إيران في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة بلغ 33 صحافياً حتى الآن، وأفاد بيان أصدرته المنظمة بأن إيران أصبحت أكبر سجن للصحافيين في العالم، مشيرة إلى أن مراسل هيئة الإذاعة البريطانية quot;BBCquot; في طهران جون ليين تلقى أمراً من السلطات الإيرانية بمغادرة البلاد خلال 24 ساعة. ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى حشد جهوده من أجل الإفراج عن كافة الصحافيين المعتقلين في إيران سواء قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية.. مشيرة إلى أن طرد وسائل الإعلام الأجنبية من إيران يعد سببا إضافيا لعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات المتنازع عليها في البلاد.

أنصار مير حسن موسوي في مسيرة في طهران

من جهة أخرى شارك قرابة 400 من الأميركيين من ذوي الأصول الإيرانية في تظاهرة أمام مقر رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن، احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران. وذكرت شبكة quot;فوكس نيوزquot; الأميركية أن المشاركين في التظاهرة رددوا هتافات معادية للنظام الإيراني مثل quot;تسقط الدكتاتوريةquot; وquot;الديمقراطية لإيرانquot; وquot;أين ذهبت أصواتناquot;، وأضافت أن التظاهرة جرت بشكل سلمي، وشارك فيها أشخاص من شتى الأعمار وقد ارتدوا ملابس تحمل ألوان العلم الإيراني.

من جانبه قال نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفوفيتز إن دعم الخيار الانتخابي في إيران لا يعني بالضرورة أن تختار واشنطن الاصطفاف مع تيار معين، ولكن يستطيع أوباما أن يبعث برسالة قوية فقط عبر وضع وزنه الشخصي الكبير وراء التصرف السلمي للمتظاهرين ومطالبهم بالإصلاح والتغيير السلمي. وتحدى آلاف المتظاهرين الإيرانيين التوجيه الصارم الذي أصدره المرشد الأعلى علي خامنئي بوقف التظاهرات، ونزلوا إلى شوارع طهران ومدن أخرى واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لفض التظاهرات - وفقا لشهود عيان.

أصعب اختبار

وفي التعليقات الصحافية الأميركية فقد رأت صحيفة quot; نيويورك تايمزquot; الأميركية أن نظام الحكم الإيراني بات يواجه حاليا أخطر وأصعب اختبار منذ اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979، معتبرة ان السيد علي الخامنئي المرشد الأعلى لإيران والشخصية الأكثر أهمية في هذا النظام قد فقد رونقه وتأثيره الساحر على الجماهير.

وأضافت الصحيفة - في سياق تقرير بثته عبر موقعها الإلكتروني - أنه على الرغم من تحذيرات الخامنئي في خطبة صلاة الجمعة من استمرار التظاهرات الاحتجاجية في الشوارع فإن شوارع طهران حملت رداً عملياً لم يكن يتوقعه quot;قائد الثورة الإسلاميةquot; عندما تدفقت جماهير المحتجين مجددة رفضها لنتائج الانتخابات الرئاسية.

حرائق في شارع رئيس في طهران في الساعات الأولى من يوم الاثنين 15 يونيو 2009

ورأت الصحيفة أن المرشد الأعلى علي الخامنئي عرض مكانته الرفيعة وموقعه بالغ الأهمية في نظام الحكم الإيراني للخطر، حين انحاز لجانب الرئيس نجاد في مواجهة منافسه مير حسين موسوي الذي يعد بدوره أحد أبناء النظام ورموزه وسبق أن شغل منصب رئيس الوزراء في مرحلة بالغة الحساسية إبان الحرب الإيرانية - العراقية.

وذكرت الصحيفة في تقريرها الميداني أنها رصدت مشاهد تؤكد أن رجال الشرطة لا يرغبون في إيذاء الجماهير التي تتدفق للشوارع احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورصدت في هذا السياق توسل احد رجال الشرطة للجماهير المحتجة على مقربة من مستشفى كوماك في طهران بالانصراف والعودة لمنازلهم فيما راح يناشدهم بقوله: quot;استحلفكم بالله.. لديّ أبناء وزوجة ولا أرغب في إيذاء أحد منكمquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من قيام بعض المحتجين برشق رجال الشرطة بالحجارة فإنهم لم يفقدوا أعصابهم ولم يعمدوا لإلحاق الأذى بجماهير شعبهم فيما كان من بين الهتافات التي رددها المحتجون نداءات لرجال الشرطة والأمن بالانضمام لهم في تحركهم الاحتجاجي ضد نظام الحكم الإيراني.

ولاحظت الصحيفة الأميركية أن أعمدة الدخان كانت تخيم بكثافة في أجواء مناطق تقع في قلب العاصمة الإيرانية فيما كانت قد كشفت عن أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقاوم ضغوطا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء للرد بشكل أكثر تشددا على نتائج الانتخابات المختلف عليها في إيران وذلك في وقت تواجه فيه إيران موقفا صعبا بعد أسبوع من الاحتجاجات المتزايدة على نحو مطرد. لكن الصحيفة نسبت في موقعها على الإنترنت إلى مسؤولين في واشنطن إنه في حال تنفيذ السلطات الإيرانية تهديدها الأخير باتخاذ إجراءات قمعية أوسع نطاقا، فإن البيت الأبيض سيعيد النظر في موقفه المتفرد المحسوب بعناية إزاء إيران وسياساتها عموماً.

دراما طهران

بهذا العنوان صدرت quot;واشنطن بوستquot; افتتاحيتها التي توقعت فيها اندلاع ثورة شعبية في كافة الدول المتسلطة، ورأت أنه منذ ثورة المجر عام 1956، وquot;ربيع براغquot; عام 1968 وأحداث تياننمين عام 1989 وما جرى في بورما عام 2007 وساسة واشنطن يجدون أنفسهم في وضع يجعل من المستحيل عليهم تحقيق سياسة متزنة حيال تطورات من هذا النوع، ففي عام 2009 تجوب شوارع طهران تظاهرات حاشدة، لرفض إعادة انتخاب أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية، في تظاهرات تعد هي الأكبر منذ ثورة 1979، وراح ضحيتها سبعة أفراد.

إيراني يبتعد عن حافلة تحترق خلال التظاهرات المستمرة في طهران

وبدلاً من إدانة بصوت عالٍ للقمع والتزوير، انتظر أوباما يومين قبل أن يدلي بتصريحات أعرب خلالها عن احترام السيادة الإيرانية وقلق واشنطن من رد فعل الحكومة العنيف على التظاهرات. الصحيفة تتفهم صعوبة اتخاذ موقف صارم تجاه إيران، ولدى أميركا وسائل قليلة لدعم المعارضة، وربما سيتعين على واشنطن التعامل مع أي تيار يربح في الصراع الراهن في إيران. لكن بغض النظر عما ستؤول إليه الأزمة الراهنة، فإن الأمر يستلزم إعادة التفكير في الاستراتيجية الأميركية تجاه إيران.

أما المعارضة الإيرانية فيبدو أنها تحاول تغيير مسار quot;الثورة الإسلاميةquot; بدلاً من الإطاحة بها، كما أن حسين موسوي المرشح المنافس لنجاد في هذه الانتخابات، واحد من المحاربين القدامى في ثورة 1979، ووعد بأن تستعيد هذه الثورة مبادئها الحقيقية.

وقال مسؤولون أميركيون إن أوباما يعتزم الرد على هذه الأحداث عندما تتكشف نتائجها على نحو واضح، بدلاً من التصريحات التي ربما يكون لها تأثير سياسي جيد، غير أنها تعرقل أهداف سياسته الخارجية على المدى البعيد.