تصحيح مسار الإدارة الأميركية في علاقتها بالعالم الإسلامي
بعد مرور شهر على خطاب أوباما: التداعيات والتأويلات

رضا فخار من نيويورك: كان ذلك هو جوهر الخطاب التاريخي الذي اختار الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يوجهه للمسلمين عبر العالم من القاهرة كمدينة لها وزنها التاريخي ورمزيتها على مستوى الخلافات العربية - الإسرائيلية.ما زالت التداعيات والتأويلات مستمرة، بعد مرور شهر على إلقاء هذا الخطاب، وما زال الترقب هو سيد الموقف... أسئلة كثيرة أثيرت، صاحبت خطوة أوباما هذه، خصوصا بعد الحرب التي خاضتها أميركا على الإرهاب في أكثر من منطقة في العالم، والتي قلصت بشكل كبير من شعبية الولايات المتحدة في العالم الإسلامي والعربي، وعمقت أسباب الأزمة المتراكمة وبالتالي أصبحت تؤثرفي مستقبل العلاقات السياسية ككل..

لم يكن خطاب أوباما قرارا رئاسيا إنما ارتبط بظروف وخلفيات مختلفة، فقد بدأ التحضير لهذه الخطوة منذ سنتين، قبل تولي أوباما للرئاسة، حيث كان قد تم تشكيل لجنة عليا مكونة من شخصيات كبيرة مثل مادلين أولبرايت ودينيس روس... تتكون هذه اللجنة العليا من 34 أميركيا، منهم السياسيون والجامعيون، 11 شخصية منهم مسلمون من مجالات العلاقات الدولية ومتخصصون في الأمن القومي، من السياسة، الإقتصاد، التربية، الدين، وقضايا الرأي العام..

وخلصت هذه اللجنة عبر تقريرها إلى أن أسباب الخلاف بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي العربي تعود إلى السياسات التي اتبعتها منذ هجومات 2001، وتدعو الإدارة الأميركية أن تشتغل جنبا إلى جنب مع المسلمين في إطار تحالف ضد الإرهاب، في هذا السياق تبين لأميركا أن المقاربة العسكرية قد استنفذت مقوماتها، ولم تحد من تنامي حدة الإرهاب، لهذا اليوم ومع مجيء أوباما الذي اتخذ خطوات من قبيل تحديد آجال الخروج من العراق، وكذا دعوته لإقفال سجن غوانتانامو، إضافة إلى خطابه الذي ألقاه من قلب العالم العربي، يظهر أن للإدارة الأميركية هندسة أخرى لمقاربة تنبني على مبادئ الحوار وحسن الجوار والقبول بالاختلاف...

وللوقوف على عمل هذه اللجنة والتوصيات التي اقترحتها وقدمتها علنيا في سبتمبر 2008، قامت إيلاف بزيارة جامعة نيويورك، لمحاورة واحد ممن كانوا ضمن هذه اللجنة، يتعلق الأمر بالسيد مصطفى طليلي مدير ومؤسس مركز الحوارات بين الغرب والعالم الإسلامي، فمن بين التوصيات التي خلص لها التقرير حسب طليلي هي: quot;أن الرئيس المنتخب الجديد، جمهوريا كان أم ديمقراطيا، عليه أن يتوجه خلال الثلاثة أشهر الأولى من انتخابه، بخطاب للعالم الإسلامي، وذلك من مكان مهم بالنسبة إلى المسلمين، لكي يحاول أن يمكن العلاقات بين أميركا والعالم الإسلامي من انطلاقة جديدة... لقد جاء هذا الخطاب ليعبر عن عمق الأزمة وعن مواجهتها، خصوصا أنها أصبحت تشكل خطورة على الأمن القومي الأميركي، وأي رئيس أميركي واع بمسؤولياته لا يمكنه إلا القيام بذلك.quot;

كان تغيير الخطاب إذا مقدمة طبيعية لتغيير مرتقب مفعل بخطوات عملية على المستوى السياسي، على اعتبار أن quot;التغييرquot; كان هو شعار الحملة الانتخابية لأوباما، وهو المنتظر اليوم، ليس فقط على مستوى إيجاد حلول لتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة داخل أميركا، بل أيضا على مستوى العلاقات بالمسؤولين والدول الإسلامية.

زارت، إيلاف، عبر مدينتي نيويورك وواشنطن العديد من الشخصيات الفاعلة والمهتمة بالقضايا الراهنة المطروحة على طاولة النقاش الدولي، استفسرتها عن فحوى أول خطاب رسمي أميركي موجه إلى العالم الإسلامي والعربي، والتأويلات الممكنة التي قد تنير بعض تفاصيله، وكذا الكيفيات الكفيلة بتجسيد المقاربة الجديدة للإدارة الأميركية تجاه عالم تكرست فيه الصور السلبية والتي يصعب القضاء عليها بمجرد خطابات ووعود إن لم تفعل على أرض الواقع..