العراق يعطي الأقاليم الحق في دستورهم الخاص لكن بشروط
دستور إقليم كردستان العراق يثير إعتراضًا عربيًا وكرديًا

صباح الخفاجي من بغداد: أثار دستور إقليم كردستان العراق الذي صادق عليه البرلمان الكردي بتاريخ 24 يونيو / حزيران 2009 عاصفة من الإعتراضات داخل المناطق الكردية والعربية والحكومية على حد سواء. وقد تنوعت هذه الاعتراضات، فالمعارضون الاكراد داخل الإقليم الكردي اعترضوا على السلطات الواسعة التي منحها الدستور لرئيس الإقليم مما يعني الإبقاء على quot; إنفراد quot; مسعود البرزاني وجلال الطالباني وحزبيهما بالحكم والتحكم بمقدرات في الإقليم، وهددت قيادات كردية باللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا للطعن بالدستور. أما المعارضة العربية فقد تلخصت بالاعتراض على قضايا حدودية. لكن تلك الاعتراضات اقتصرت على التصريحات هنا وهناك من قبل مسؤولين حكوميين وأعضاء في مجلس النواب وقادة أحزاب وخبراء قانونيين. ولم تتخذ شكلا قانونيًا حتى الآن.

أصوات كردية: الدستور غير قانوي

الاعتراضات الكردية ركزت على رفض الدستور لأنه يركز علىالاستبداد والدكتاتورية من خلال منح صلاحيات كبيرة لرئيس الاقليم. حيث يرى مثقفون ومحللون اكراد ان مسودة الدستور تمت كتابتها قبل 3 أعوام وأنها جوبهت بنقد شديد لاذع لكن الانتقادات والاعتراضات لم تؤثر في تغيير مواد الدستور الذي صادق عليه برلمان منتهية ولايته و مدته القانونية منذ 4 حزيران الماضي، وهو أمر لا يؤهل البرلمان الكردي للمصادقة على وثيقة شديدة الأهمية كالدستور وتساءلوا لماذا لم يتم طرح المسودة خلال السنوات الماضية للاستفتاء عليه ولماذا صادق البرلمان عليه قبل أسبوع واحد فقط من انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية.

ويؤكد محللون أن إصرار الحزبين الكرديين الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني على طرح الدستور للاستفتاء في اليوم الذي ستجري فيه الانتخابات في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ما هو إلا حركة لحماية مصلحة وانفرادية الحزبان الكرديان المعنيان بغض النظر عن نتائج الانتخابات.

الاكراد ينتفضون ولا يريدون خلق دكتاتورًا صغيرًا

اذا كان العرب قد اعترضوا على قضايا حدودية. فإن المعترضين داخل الاقليم نزعوا الشرعية عن الدستور يرون أن إقراره تم على عجالة بـ96 صوتًا من أصل 97 وطعنوا بأن البرلمان الذي اقر الدستور غير شرعي لان ولايته منتهية أصلاً... إضافة إلى اعتراضهم على مواد في الدستور تبيح تغيير النظام السياسي في الإقليم، من نظام برلماني الى نظام رئاسي لورود صلاحيات واسعة منحت لرئيس الإقليم..

وحسب تصريحات له نشرتها وكالات أنباء محلية اعتبر رئيس قائمة التغيير في انتخابات الإقليم المقبلة نشيروان مصطفى أن مشروع الدستور المصوّت عليه quot;باطلquot;، وهدد باللجوء الى المحكمة الاتحادية الدستورية في بغداد للطعن في شرعيته، وطعن مصطفى بشرعية الدستور وقال quot;الدستور اقر من برلمان منتهية ولايته في وأي قانون او تشريع يصدر عنه يعد باطلاًquot;. واعترض بشدة على منح رئيس الإقليم صلاحيات واسعة في مقابل تقليص صلاحيات البرلمان في الوقت الذي يرغب الأكراد في إقامة نظام يتمتع فيه البرلمان بصلاحيات كبيرة في مقابل صلاحيات تشريفية لرئيس الإقليم. وأضاف: quot;نحن مع نظام برلماني وليس رئاسيًا ولا نريد خلق ديكتاتور صغير في كردستان quot;.

وكرر المرشح لرئاسة إقليم كردستان كمال ميراودلي الاعتراض ذاته بقوله: quot;الدستور وضع على عجالة من اجل إعطاء صلاحيات كبيرة لرئيس الإقليم. نعتقد ان ذلك غير شرعي وغير قانوني، والهدف من ورائه اقرار سلطة ديكتاتورية في الإقليمquot;.

اعتراض العرب

تعالت أصوات المعارضة العربية من أعضاء في مجلس النواب ومسئولين في الحكومة و وزعماء أقليات وخبراء على الفقرة الأولى من المادة الثانية من دستور إقليم كردستان والتي نصت على ان كردستان العراق كيان جغرافي تاريخي يتكون من محافظة دهوك بحدودها الإدارية الحالية ومحافظات كركوك والسليمانية واربيل واقضية عقرة والشيخان وسنجار وتلكيف وقرقوش ونواحي زمار وبعشيقة واسكي كلك من محافظة نينوى وقضائي خانقين ومندلي من محافظة ديالى. وبرر المعترضون سبب اعتراضهم على هذه المادة لكونها تتناقض مع المادة 140 من الدستور العراقي والذي أوكل الى لجنة خصصت للبث بالقضايا الحدودية مع اقليم كردستان واعتبروا المصادقة على هذه المادة استباقًا لتقرير اللجنة عن المناطق المتنازع عليها وخرقًا لدستور الحكومة المركزية الاتحادية الذي صوت العراقيون له.

اما النقطة الخلافية الثانية فتتلخص في إدراج الدستور لمواد تعارض دستور العراق وتجبر او تلزم الحكومة الاتحادية العراقية على استحصال موافقة الإقليم عند إبرام اتفاقات ومعاهدات واتفاقات دولية لكي تتماشى مع طبيعة اقليم كردستان.. لكن النائب كمال الساعدي عن حزب الدعوة صرح لإيلاف عن نقطة خلافية ثالثة وقال: إن من حق الأقاليم حسب الدستور العراقي كتابة دساتيرهم كما شاءوا شرط ألا يتنافى مع دستور الحكومة الاتحادية. وأضاف quot;لا يشترط ان يعبر كل ما تمت كتابته في دستور كردستان عن نزعة انفصالية. لكنه استدركquot;هناك بعض النقاط الخلافية في دستور كردستان وخصوصً ما يتعلق بالمادة التي تنص على اعتماد دستور اقليم كردستان في حل أي قضايا خلافية مع الحكومة المركزية دون الرجوع الى الدستور العراقي..

بايدن:المالكي طلب مني إقناع الأكراد إلغاء دستورهم

ومن الجدير بالذكر ان موجة الاعتراضات على إقرار دستور إقليم كردستان في طريقها للتزايد خصوصً بعد كشف نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن عن طلب رئيس الوزراء نوري المالكي له خلال زيارته للعراق بإقناع الأكراد بإلغاء دستور إقليم كردستان الذي أقره برلمان الإقليم مؤخرا. وأضاف بايدن: وطـُلب منا أن نساعد الأمم المتحدة في التوصل إلى حلول لقضية كركوك والخلاف على الأراضي المتنازع عليها. وطـُلب مني أيضً إبار القادة الأكراد أن دستورهم الذي تم تمريره في البرلمان الكردي يعيق التوصل إلى حل للخلافاتquot;.