إعداد أشرف أبوجلالة: تحت عنوان عريض سطرته في سياق حديثها بكثير من الحذر، يقول :quot;هل لاكويلا هي المكان المناسب الذي يمكن أن يجتمع فيه قادة كبرى الدول الصناعية تحت سقف واحدquot; ، كتبت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا ً انتقدت فيه اختيار الحكومة الايطالية لمدينة لاكويلا كي تكون ساحة ً لاستضافة فعاليات قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى التي بدأت فعالياتها اليوم، وذكَّرت الصحيفة في البداية بذلك الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة في أبريل الماضي، وأودى بحياة 296 شخص وتسبب في تشريد عشرات الآلاف. وقالت الصحيفة أن تلك المدينة غير المستقرة جيولوجياً تعاني منذ ذلك الحين من سلسلة من التوابع الزلزالية - وهو ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول سر اختيار تلك المدينة تحديداً لاستضافة فعاليات القمة، وسط مشاعر متنامية من القلق حيال درجات الأمان التي كان من المفترض أن تتوافر في المكان الذي سيستضيف حدثا ً كبيراً تشارك فيه مجموعة من أبرز قادة دول العالم.

وأردفت الصحيفة بقولها أنه وبغض النظر عن السبب الذي دفع بحكومة بيرلسكوني لاستضافة القمة في تلك المدينة ndash; وهو لفت الانتباه العالمي لجهود إعادة الاعمار التي تحتاجها المدينة جراء الزلزال ndash; إلا أن ذلك أدى لإثارة الشكوك حول جدوى الاستعانة بمدينة تحيط بها الأخطار بمثل هذا الشكل كي تستضيف حدثاً كبيرا ً كهذا. ولم تمضي الصحيفة بعيدا ً عن هذا السياق، بل أشارت إلى هذا الزلزال الذي ضرب المدينة يوم الجمعة وبلغت قوته 4.1 درجة بمقياس ريختر، حيث أدى إلى رجرجة البنايات وأثار أجهزة الإنذار الخاصة بالسيارات. وبرغم عدم وقوع إصابات أو حدوث تلفيات، إلا أن مسؤولين من الدفاع المدني قالوا أن مركز هذا الزلزال كان يبعد بنحو نصف ميل تقريبا ً عن ثكنات الشرطة في لاكويلا، حيث سيتم عقد اجتماعات القمة الرئيسية.

وقد دفعت تلك الهزة الأرضية بالسلطات الإيطالية للاعتراف ndash; للمرة الأولى ndash; بأنهم قاموا بإعداد خطة إجلاء لنقل القادة المشاركين في القمة جوا ً من لاكويلا إذا لزم الأمر أثناء القمة التي ستستمر هناك على مدار ثلاثة أيام اعتبارا ً من اليوم. من جانبه، قال غويدو بيرتولاسو، رئيس وكالة الدفاع المدني الإيطالية :quot; كي تحدث مشكلات، ستكون هناك حاجة إلى وقوع زلزال لم يسبق وأن سُجِل مثيل له في تاريخ لاكويلا quot;. ومن الجدير بالذكر أن الزلزال الذي ضرب لاكويلا في أبريل الماضي وبلغت قوته 5.8 على مقياس ريختر، قد نتج عنه انهيار الآلاف من المباني حول المنطقة، وتشريد نحو 55 ألف شخص، يعيشون الآن في معسكرات من الخيام بلاكويلا والمنطقة المحيطة بها، أو في فنادق تبعد عن المدينة بنحو 70 ميل، على امتداد البحر الأدرياتيكي.
وقد نقلت الصحيفة في هذا الشأن عن مواطن يدعى دومينيكو بيسينيني ، صاحب حانة، ويعيش إلى جانب 1070 شخص آخر في إحدى المخيمات التي تقع على بعد ميل واحد فقط من المكان الذي سيستضيف القمة، حيث قال :quot; عليهم أن يعتنوا بنا قبل دخول فصل الشتاء. فقضاء شهر ديسمبر داخل خيمة بلاكويلا أمر غير ممكن. كما أن إقامة تلك القمة بالقرب من هنا أمر قد أدى إلى تباطؤ خطى الإنعاش. فعمليات إعادة الاعمار كانت معقدة بما فيه الكفاية، حتى قبل أن يبدؤوا في التحضير لهذا المؤتمر الدولي الكبير. وبغض النظر عن ذلك، يمكنني أن أؤكد أن أحدا ً إذا كان قد اقترح قبل وقوع الزلزال فكرة استضافة قمة الدول الثمانية في لاكويلا، لكان الناس قد وصموه بالجنون. فلم يكن باستطاعتهم حتى أن ينظموا حفلاً موسيقياً كبيراً هنا quot;.

وقالت الصحيفة في النهاية أن مقر انعقاد القمة الأصلي كان من المفترض أن يكون في منتجع ''لامادالينا '' السياحي الواقع على الساحل الشمالي بجزيرة سردينيا. لكن المسؤولين الإيطاليين رؤوا أن ذلك قد يبعث برسالة خاطئة لزعماء العالم بأن يجتمعوا في مثل هذا المكان الفاخر، بينما يبقي ما يزيد عن 50 ألف إيطالي مشردين في تلك المنطقة. ومن ناحية أخرى، حاولت السلطات الإيطالية أن تستفيد من استضافة القمة بتلك المدينة الجبلية النائية، بغرض زيادة الأمور صعوبة على المتظاهرين المناهضين للعولمة الذين سيحاولون التشويش على أجواء القمة. وكإجراء احترازي، تم قطع الطريق المؤدية إلى لاكويلا هذا الأسبوع، مع إقدام الشرطة على زيادة الحراسات على نقاط التفتيش.