بعد أن نفت مصر أمس تقرير صحيفة quot;معاريفquot;..
النيويورك تايمز: المصريون يتحسسون مستقبل بلادهم الرئاسي

اعداد أشرف أبوجلالة: يبدو أن حلقات مسلسل التكهنات والتسريبات الذي يظهر بين الحين والآخر عن قضية توريث الحكم في مصر ستظل أبدا ودائما إحدى حلقات النقاش المحتدمة على المشهد السياسي في البلاد. ففي الوقت الذي بادرت فيه مصر يوم أمس بنفي تقرير quot;إسرائيليquot; أشار إلى قرب تنحي الرئيس حسني مبارك، وتوريث الحكم لنجله جمال، معتبرةً التقرير تدخلًا غير مقبولاً في شؤونها الداخلية، وإقدام السيد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى المصري والأمين العام للحزب الوطني الحاكم، على وصف هذا التقرير الذي نشرته صحيفة معاريف العبرية بأنه quot;كاذب وسخافات لا أساس لها من الصحةquot;، خرجت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية بتقرير آخر ذو صلة بنفس الموضوع، حيث قالت أن هناك عدة عوامل قد ساهمت في إثارة موجة من التكهنات الخاصة بإمكانية تنحي الرئيس قبل انتهاء ولايته رسمياً، وكذلك في حالة إقدامه على ذلك، تدور التكهنات أيضاً حول هوية الشخص الذي سيخلفه.

ومع أن الصحيفة قد أشارت في بداية حديثها إلى أن الرئيس مبارك، البالغ من العمر الآن 81 عاما ً، والذي يترأس البلاد منذ عام 1981، لم يعط أي مؤشرات عن أنه يخطط لاعتزال الحياة السياسية، كما أن حلفاءه يتحدثون عن احتمالات ترشحه لولاية رئاسية جديدة عندما تنتهي ولايته الحالية في عام 2011، إلا أنها حرصت على إبراز تصريحات عدد كبير من المعلقين المصريين بأن الرئيس بدا ضعيفا ً وبخاصة خلال لقائه الشهر الماضي بالرئيس الأميركي الشاب باراك أوباما في القاهرة. كما تنقل الصحيفة عن الصحافي المصري حسام عبد البصير جزءا ً من مقالة كتبها بصحيفة الوفد اليومية المعارضة، والتي قال فيها :quot; تأتي قوانين الحياة بتلك اللحظة التي لم يعد من الممكن تأخيرها، ما يرغمنا على مناقشة موضوع البديلquot;.

ورات الصحيفة ndash; وفقا لوجهة نظرها ndash; أن إحدى العوامل التي أدت لإثارة كل هذا الجدل حول إمكانية تنحي الرئيس عن منصبه، هي تلك الحملة التي مارستها الحكومة على مدار الشهرين الماضيين ضد عناصر وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، حيث تم اعتقال ما يزيد عن 130 عضوا ً ، من بينهم ثلاثة من قيادات الحركة التي تعتبر أكبر حركات المعارضة داخل البرلمان المصري، ووجهت إليهم اتهامات بالانتماء لإحدى التنظيمات المحظورة. وتدور الشبهات الآن ndash; حسب الصحيفة ndash; عن أن الحكومة تتحرك في سبيل تحييد وإضعاف الجماعة حتى تمارس تأثيرا أقل في مسألة توريث الحكم.

كما أشارت الصحيفة إلى أن هناك موجة كبرى أخرى من التكهنات ndash; التي تعززها تقارير في وسائل الإعلام المصرية ndash; وتتحدث عن أن بعضا ً من أعضاء الحزب الوطني الحاكم يضغطون من أجل استصدار مرسوم رئاسي بحل البرلمان من أجل تشكيل سلطة تشريعية أكثر توافقا ً قبل أن تطفو مسألة الخلافة على السطح. ويدور الحديث الآن عن احتمالين رئيسيين لتوريث الحكم في مصر، أحدهما متعلق بنجل الرئيس الأصغر، جمال، والآخر خاص باللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية. ومع هذا يؤكد مسؤولون حكوميون أنه لا سبيل لمعرفة الاحتمالية التي ستحظى بدعم الجيش، أو إذا ما كانت هناك شخصية قوية لازالت محتجبة فيما وراء الكواليس.

وتنقل الصحيفة في هذا السياق عن المفكر الليبرالي المرموق أسامة الغزالي حرب، قوله :quot; هذه اللحظة ليست بالعادية بالنسبة للناس، فالجميع يترقب ماذا سيحدث بعد مبارك، لكن الحقيقة هي أن أحدا ً لا يعرف ماذا سيحدثquot;. وفي نفس الشأن، تنقل الصحيفة عن أحد المحللين السياسيين المصريين الذي طلب عدم نشر اسمه خوفا ً من أن يتعرض للملاحقة، قوله :quot; يخشى الناس من أن تسير البلاد باتجاه انتخابات رئاسية في أي لحظة، وذلك نظرا للحقيقة التي تقول أن الرئيس يبلغ من العمر الآن 81 عام، وهناك دلائل تشير إلى انه قد لا يكون في أحسن حالاته الصحيةquot;. هذا وقد أشارت الصحيفة أيضا ً إلى أن الرئيس مبارك لم يسبق مطلقا ً وأن قام بتعيين نائباً له. ما يعني أنه في حالة حدوث شيء، سيعمل رئيس مجلس الشعب المصري، دكتور أحمد فتحي سرور، وأحد أبرز قيادات الحزب الوطني، كرئيس مؤقت لحين إجراء انتخابات.

وتؤكد الصحيفة على أنه وفي الوقت الذي لا توجد فيه أحزاب سياسية حقيقية في البلاد، فإن الانتخابات ستجرى على نحو فعال كإجراء صوري لتثبيت المرشح الذي سيختاره حزب الرئيس مبارك. ومع هذا، يرى مراقبون أنه لم يعد هناك أي ضمان بأن يبدي مخضرمو النظام أو الجيش مرونة بالنسبة لإمكانية توريث الحكم لجمال مبارك، الذي يعتبر أحد أرفع مسؤولي الحزب الوطني. هذا فضلا ً عن أن الرئيس مبارك نفسه، وهو الوحيد الذي يمتلك السلطة في الوقت الحالي لاتخاذ قرار بشأن خلافته، لم يدل بأية تصريحات عامة بخصوص الاعتقالات الأخيرة أو التكهنات التي حامت حول استصدار مرسوم رئاسي بحل البرلمان.

وتنقل الصحيفة في النهاية عن مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، قوله :quot; يعتبر النظام السياسي المصري واحدا ً من الأنظمة شديدة الخصوصية الذي تلعب فيه شخصية الرئيس دورا ً مهما ً للغاية. كما أن القرار الخاص بهوية الشخص الذي سيصبح رئيساً لمصر يُتخذ بداخل دائرة محدودة للغاية، وغالبا ً ما يكون هذا القرار قرارا ً فرديا ً يتخذه الرئيس الحالي بنفسهquot;.