يوسف صادق من غزة: أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، التي زعم فيها أن محضر إجتماع بين رئيس وزراء إسرائيل السابق أرائيل شارون والرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي في حركة فتح محمد دحلان، كشف عن التخطيط لقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالسم. ما أثار سخط القيادة الفلسطينية الحالية، واعتبرت كلامه يأتي لتسميم مناخ إنعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح.
ويبدو للوهلة الأولى، بحسب الكاتب السياسي الدكتور أسامه الفرا، أن كلام القدومي أمر غاية في الأهمية. لكنه تساءل: لماذا سكت فاروق القدومي كل هذه السنين!؟ في إشارة منه إلى تمرير القدومي إقتسام المناصب التي كانت بحوزة الرئيس ياسر عرفات بينه وبين القيادة الحالية. وقال الفرا quot;لكنه خرج بخفي حنين بعد تلك خمسة أعوام من رحيل الزعيم التاريخي ياسر عرفاتquot;.
وأضاف الفرا لإيلاف quot;نقر بالإختلاف في وجهات النظر حول قضايا عدة داخل الحركة، وهذا أمر يعزز من الديمقراطية داخلها (..) لكن يبدو أن القدومي الذي عارض إتفاق أسلو- ونحترم رأيه- تمادى بموقفه وخرج عن حدود اللباقة حين وصف الآخرين بفريق أوسلو وكأن مجموعة من الفرق التي تتصارع فيما بينها، وإقتصر تعامل الحركة معه على الإسترضاء وفي بعض المرات العتب الخجول. وهذا ما دفعه لمواصلة تهجمه بل وتزلفه لبعض الأنظمة التي تبحث عن إضعاف حركة فتحquot;.
وقال الدكتور الفرا quot;كنا نتمنى على الأخ فاروق القدومي أن يحافظ على إحترامه لذاته كي نواصل إحترامنا وتقديرنا له، فتصريحه الأخير يخرج عن سياق الأدب والأخلاق والإنتماء للحركة. تجاوز كل الخطوط مستفيدًا من موقعه القيادي داخل الحركة، ومحاولته المستميتة للإبقاء عليه، ولو كان ذلك على أطلال الحركة
وكان فاروق القدومي قدإتّهم صراحةً عباس ودحلان أنهما خلف جريمة قتل الرئيس الراحل ياسر عرفات. لكن تصريحه هذا اعتبره محللون لإيلاف، أنه يأتي لتفجير أزمة حركية قبيل عقد المؤتمر السادس الذي نادت به قيادات فتح الشابة. علمًا أن المؤتمر الأخير لفتح كان قبل عشرين عامًا في الجزائر.
وقال الكاتب السياسي والقيادي البارز في الجيل الشاب لحركة فتح الدكتور أسامة الفرا، أن نتائج المؤتمر المقرر عقدة في الرابع من أغسطس المقبل في بيت لحم، بالضفة الغربية، quot;ستطيح بالكثير ممن جعلوا من الحركة باب للإسترزاق ليس إلاquot; وقال لإيلاف quot;القدومي يسعى لإطالة أمده لعقد أو عقدين من الزمان، وبالتالي الكل يدرك أن تصريحاته الأخيرة، تهدف بالمقام الأول إلى محاولة يائسة منه لتفجير المؤتمر قبل أن يلتئمquot;.
وأكد الفرا أن لا احد فوق القانون. وطالب بمحاسبة القدومي على تصريحه الأخير وتخوينه لقيادات حركة فتح. وقال quot;لم يعد من الملائم أن تكتفي اللجنة المركزية ببيان تدين فيه الأقوال والتصريحات وتخفي ناظرها عن التلميحات، بل بات لزامًا عليها أن تترجم صلاحياتها بإعادة الحياة إلى محكمة الحركة ليأخذ القانون مجراه، وإن تقاعست عن ذلك وأبقت على سياستها المتمثلة في التطبيب والمداهنة والإسترضاء، فلا تعتب على المجلس الثوري إن ذهب إلى ممارسة صلاحياته بحجب الثقة عن أعضاء في اللجنة المركزيةquot;.
وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح قد أدانت تصريحات فاروق القدومي وتهجمه على القيادات الفلسطينية متمثلة بالرئيس محمود عباس والقيادي البارز محمد دحلان. وقال اللجنة المركزية في بيان لها، وصل إيلاف نسخة عنه، quot;النظام الداخلي للحركة يحظر أن يقدم عضو في اللجنة المركزية مادةً لأعداء الحركةquot; معتبراً ما فعله القدومي محالة للإنشقاق والتحريض لإفشال المؤتمر السادس للحركة.
وأكد مفوض التعبئة والتنظيم أحمد قريع، رئيس لجنة الإشراف والمتابعة العليا للتحضير للمؤتمر العام السادس، إن المؤتمر العام سيشكل تظاهرة فتحاوية وطنية كبرى. وقال قريع quot;نعمل على أعلى المستويات لأجل ضمان حضور كافة الأعضاء وخصوصا من قطاع غزة. وسندرس كل التظلمات ايجابيا من خلال لجنة العضويةquot;
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي، وسفير فلسطين في الهند، عدلي صادق، أن تفوهات القدومي الأخيرة، أخذت منحى التخوين في غير اللحظة المناسبة للتخوين. وقال لإيلاف quot;الأمر لا علاقة له بالأسرار ولا بالحقائق ولا بالمنطق العادل. فبعد أن أقدم أبو اللطف على فعل جنائي، إذ قام ببيع ممتلكات عقارية وأراض تمتلكها حركة فتح- هي بمثابة أصول ومقدرات- ووطد نفسه على أن يقايضه أبو مازن، فيمنحه السكوت عن البيع مقابل سكوت القدومي عن التفوهات. ولكنه توهم أن المناخ المشحون بالنميمة وبأقاويل الإنترنت، وبفوضى الآراء والاختلاقات ونصوص التخوين، يمكن كلها أن تساعده على أخذ المُرادquot;.
وهاجم الكاتب الفلسطيني ما اسماهم بغلمان الإنترنت. وقال quot; هؤلاء كادوا أن يجعلوا من القدومي قائداً ثورياً من عُشاق الأدغال، وممانعاً من الطراز الذي حيّر الأوساط الإستعمارية، وقامة سامقة إن انتقدها أحد، جعلوه من سكان جزيرة الأقزام التي نزل فيها الأسطوري جيلفر، وغير ذلك من المبالغات العبيطة، التي تُثقل على أبو اللطف نفسه وتنغّص عليه وتجعله يتحسس إن رآه أحد يلعب الطرنيب طويلاً وبتلذذ، فيما الناس تموت وتتعذب. بالتالي فإن الرجل توهم أن يستغيث الآخرون به وأن يطلبوا رحمتهquot;.
وتساءل صادق: هل كان القدومي يرتضي لنفسه، دور الشيطان الأخرس، في هذه القضية، متوقعًا أن يربح المنظمة والحركة والدولة، بينما السكوت عن مؤامرة بها الحجم، يعادل الخيانة؛ أم أن مسألة المحضر، جرى تلفيقها بالشكل الركيك الذي لا ينطلي على طفل محايد، لتحقيق غرضين أولهما التغطية على بيع الممتلكات، والثاني الإفلات من الملاحقة القانونية!!؟.
وقال صادق لإيلاف quot;من الطبيعي أن مؤسس أي حركة ثورية، عندما يصبح على مشارف الثمانين من عمره، يتحول إلى حكيم. وحين يُقال شيء عن التاريخ، تكون هناك نقاط يعدها المراقبون من مآثر هذا المؤسس. في إشارة منه إلى أن أحدًا لم يتحدث عن إسهامات القدومي في تأسيس حركة فتح.
وإعتبر سفير فلسطين في الهند أن تصريحات القدومي الأخيرة، تستهدف بشكل أساسي المؤتمر العام لحركة فتح. وقال quot;إن أقبح ما يفعله إنسان بنفسه، هو أن يؤذي شخصه دون أن يدري. فإن كان الشهيد عرفات إئتمنه على سر اغتياله، لماذا تحمس هو للمتآمرين المُفترضين وحاول اقتسام الإرث السياسي معهم، ثم حين اكتشف أنهم لن يعطوه ما يريد، بدأ يطرق أسماعنا بقدومياته، ثم اتجه إلى التصعيد، ثم إلى بيع الممتلكات، ليجد نفسه مضطرًا إلى الهرب من المساءلة القانونية، من خلال الترويج لكلام يُسيء إلينا جميعًا؟quot;.