اسطنبول: بدأت محاكمة جنرالين تركيين متقاعدين ضمن مجموعة من 56 شخصا متهمين بالانتماء لجماعة يمينية غير معروفة تتامر للاطاحة بحكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان. وعد مؤامرة جماعة quot;ارغينيكونquot; عاملا من عدة عوامل تسببت في توتر شديد في العلاقات بين حكومة حزب العدالة والتنمية بجذوره الاسلامية والقوات المسلحة العلمانية في الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي. المحاكمة بدأت يوم أمس الاثنين.

وفيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة عن القضية :

ماهي قضية quot;ارغينيكونquot;؟

يتهم الادعاء الجماعة التي تحمل اسم واد اسطوري سكنه الاتراك القدماء بالتامر لنشر الفوضى من خلال تفجيرات واغتيالات عبر تركيا لاجبار الجيش على التدخل والاطاحة بحكومة رئيس الوزراء إردوغان.

وكشف النقاب عن القضية قبل عامين حين عثرت الشرطة على مخبأ به متفجرات في منزل متهالك في اسطنبول. واتهم نحو 200 شخص بينهم ضباط متقاعدون وعاملون بالجيش ومحامون واكاديميون وساسة بالانتماء للجماعة. قد تستغرق القضية شهورا او حتى اعواما.

ما أهمية القضية؟

ابرزت القضية الصراع بين حكومة حزب العدالة والتنمية والصفوة العلمانية وتضم جنرالات وقضاة واساتذة بالجامعة. ويتهم علمانيون متشددون الحزب بمحاولة تقويض مباديء العلمانية التي قامت عليها الدولة من خلال ادخال الاسلام الى الحياة العامة. وينفي الحزب الذي يلقى مساندة من طبقة متوسطة لديها وازع ديني اخذ في التزايد بمنطقة الاناضول بوسط البلاد الاتهام ويشير الى ما أقره من اصلاحات ليبرالية منذ توليه السلطة في عام 2002 بهدف ضمان الفوز بعضوية الاتحاد الاوروبي.

واجتذبت تركيا استثمارات بفضل احتمالات انضمامها لعضوية الاتحاد الاوروبي ولكن عدم الاستقرار السياسي والمؤسسي من ان لاخر اثر على اقتصادها البالغ حجمه 740 مليار دولار. يجري حاليا تداول الليرة التركية عند أعلى مستوى في سبعة أشهر وتقترب الاسهم التركية من أعلى مستوياتها للعام الجاري.

ولكن من الصعب التنبؤ بنتيجة الصراع السياسي. فقد وصلت اجراءات سنوية لتعيين قضاه ومدعين لطريق مسدود وتقول وسائل الاعلام ان القضاة العلمانيين يضغطون من احل تنحية المدعين المشاركين في قضية quot;ارغينيكونquot;. ويهدد الخلاف بتوقف العمل في المحاكم وهو ما يؤثر سلبا على المستثمرين.

ماذا يقول الجيش؟

ينفي الجيش اي صلة بجماعة quot;ارغينيكونquot; وتعاون مع التحقيق في مؤشر على انه قد يكون مهتما بالتخلص من العناصر المارقة في صفوفه. كما ينفي تقارير وسائل الاعلام بشأن تورطة في محاولة التشكيك في حزب العدالة والتنمية. ولم يسبق القاء القبض على جنرالات متقاعدين او ضباط عاملين في تركيا حيث اطاح الجيش باربع حكومات منتخبة في الاعوام الخمسين الاخيرة وتمتع لفترة طويلة بمكانة لا يمكن المساس بها بفضل المساندة الشعبية التي يحظى بها.

هل تسهم القضية في تحسين فرص انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي؟

تبدو القضية اختبارا مهما للديمقراطية في تركيا حيث يتمتع الجيش بنفوذ سياسي كبير من وراء الكواليس. ومنذ وصول الحزب للسلطة في عام 2002 حجمت تركيا سلطة الجيش وهو مطلب للانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي. وتتيح القضية فرصة للكشف عن الانشطة المشبوهة لعناصر سرية في قوات الامن واجهزة الدولة التي تعارض الاصلاحات الليبرالية والديمقراطية الرامية لاضفاء المزيد من الشفافية على المؤسسات التركية واخضاعها للمحاسبة.

غير ان الاتحاد الاوروبي اثار تساؤلات بشان عدالة المحاكمة وبصفة خاصة قضية حقوق المشتبه بهم. وقد اعتقل عدد كبير من المعارضين الذين جهروا بموقفهم ضد الحكومة في منتصف الليل وافرج عنهم بعد ايام دون ان يوجه اليهم اي اتهام. وتتعرض الحكومة لضغوط لاثبات ان الهدف من القضية ليس ملاحقة معارضيها العلمانيين كما يقول الكثير من منتقديها. وثمة انقسام شديد في الراي العام بشأن القضية.

هل ثمة خطر مواجهة كبرى؟

يبدو ان لحزب العدالة والتنمية الذي يتمتع بشعبية واسعة اليد العليا في الصراع على السلطة مع المؤسسة العلمانية القديمة. غير ان مراقبين يقولون ان القضية قد تؤدي الى زعزعة الاستقرار اذ تمادى الادعاء أكثر من اللازم. وفتح قانون أقر في اخر ايام الدورة البرلمانية الباب امام محاكمة عسكريين متهمين بجرائم ضد الامن القومي وانتهاك الدستور او محاولة الاطاحة بالحكومة امام محاكم مدنية.

وتقول بعض وسائل الاعلام التركية ان جماعات حقوق الانسان تعد لاستخدام القانون الجديد ضد رئيس اركان الجيش التركي سابقا ياشار بويوكانيت ويعد من المتشددين. وقد يستفز مثل هذا السيناريو الجيش ويدفعه لتبني موقف سياسي أكثر علانية. غير ان قلة تعتقد بان ثمة خطر حدوث انقلاب ويرجع ذلك في جزء منه لشعبية حزب العدالة والتنمية الكبيرة. والجيش من اكثر المؤسسات احتراما في تركيا منذ فترة طويلة ويمكن ان يقوض اي تدخل مكانته.