أحمدي نجاد و أسفنديار رحيم مشائي

طهران، وكالات: نشرت رئاسة الجمهورية الإيرانية يوم أمس الخميس نص القرارات المتعلقة بتعيين مساعدي رئيس الجمهورية، والتي تضمنت اختيار أسفنديار رحيم مشائي، صهر الرئيس محمود أحمدي نجاد، نائبًا أولاً له، وذلك في وقت نشرت فيه الصحف المحلية فتوى لمرجع ديني شيعي يعلن فيها معارضته للخطوة. وأفاد الموقع الإعلامي لرئاسة الجمهورية الإيرانية عن تعيين مجموعة من الشخصيات، بينها مهرداد بذرباش وبرويز داودي ومجتبي ثمره هاشمي في مناصب مختلفة على صلة بمهام استشارية ومساعدة لنجاد، إلى اختيار إسفنديار رحيم مشائي لمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية.

واعتبر نجاد في بيان التعيين أن اختيار مشائي: quot;نابع من الإيمان والجهاد المنقطع النظير، والمشاعر الطيبة للشعب الإيراني العظيم الذي يزخر التاريخ بثقافته وحضارته وأهدافه النبيلة، والذي سقط مئات الآلاف من أبنائه الشامخين علي الأرض من اجل أن تظل راية الرفعة والعزة مرفوعة في هذه الديار.quot; ووصفت الرئاسة الإيرانية مشائي، الذي تزوج نجله من ابنة نجاد بأنه: quot;إنسان مؤمن وملتزم بوعي وعمق بنهج الولاية ومبادئ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخادم مقتدر وصديق للشعب الإيراني العزيز والمؤمن.quot;

وبالتزامن مع صدور قرار التعيين، حملت صحيفة quot;اعتماد ملليquot; فتوى لآية الله ناصر مكرم شيرازي ينتقد فيها مشائي، الذي تشن عليه المؤسسة الدينية حملة واسعة منذ أن أدلى بتصريحات وصف فيها الشعب الإيراني بأنه quot;صديقquot; لكل شعوب العالم، بما فيها إسرائيل، إلى جانب بقائه في احتفال رقصت فيه نساء بتركيا.

وقال شيرازي، بحسب الصحيفة، إن تعيين quot;شخص مماثلquot; ليس له أي شرعية، مضيفاً: أنه من الضروري إجراء تصحيحات في الانتخابات إذا كانت قد شهدت أعمالاً quot;غير صحيحة،quot; في إشارة إلى اتهامات التزوير التي رفعتها المعارضة ضد نجاد، وأطلقت موجة من الاحتجاجات التي أسفرت عن مئات القتلى والجرحى والمعتقلين.

وبرز في الشأن الإيراني أيضًا إعلان مير حسين موسوي، الزعيم المعارض الأبرز في إيران والخاسر في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في الثاني عشر من الشهر الماضي، أنه يخطط لتشكيل جبهة معارضة سياسية واسعة في البلاد، بحيث يكون لها ميثاقها الواضح وإطارها القانوني الذي ينظم تحركاتها وأنشطتها.

وقال موسوي على موقعه على شبكة الإنترنت إن الجبهة السياسية الجديدة لن تكون بديلاً البتة لحركة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، quot;لكنها سوف تكون بمثابة الطريق الذي يعطي حركة الخضر، كما باتت تُعرف، إطارًا سياسيًا قانونيًاquot;. وقد أكد موسوي على حاجة المعارضة للإبقاء على نشاطاتها وتحركاتها ضمن إطار القانون. ومن المُحتمل أن تجتذب الجبهة الجديدة ليس الإصلاحيين فقط، بل حتى الوسطيين والمحافظين الساخطين على حكومة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد وغير الموالين لنهجه السياسي.

وفي وقت لاحق اعتبر مصدر مطلع في المفوضية الأوروبية أن استمرار السلطات الإيرانية باعتقال أكاديمية فرنسية أمر لا يزال يثير القلق بالنسبة لدول الإتحاد التي ستعلن تضامنها مع باريس خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل الموحد يوم الاثنين القادم في بروكسل. وحسب المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإن quot;الدول الأوروبية ستتابع ممارسة الضغط الدبلوماسي على طهران من أجل إطلاق سراح المواطنة الفرنسية فوراًquot; والتي اعتقلتها إيران مطلع الشهر الجاري بتهمة التجسس.

وأشار إلى أن الوزراء سيناقشون خلال اجتماعهم الإثنين المقبل كيفية التعامل مع طهران في المرحلة الحالية بعد الانتخابات الرئاسية في 12 حزيران/يونيو الماضي وما نتج عنها من تداعيات، منوها بأن فرنسا ستطالب باستدعاء سفراء إيران المعتمدين في دول الاتحاد مرة أخرى، كخطوة ضغط إضافية، وتشدد السويد، الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي، على ضرورة متابعة الحوارquot; مع طهران.

وقال إن ما حصل بعد الانتخابات الرئاسية في طهران ،على خطورته، لن ينسي الإتحاد الأوروبي أهمية الاستمرار في العمل من أجل التعامل مع الملف النووي الإيراني، الذي لا يزال يثير هو الآخر قلقاً عظيماً لدى أوروبا والمجتمع الدولي، وفق المصدر وكان ممثلو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد أكدوا في وقت سابق أن خطوات الضغط الدبلوماسي على إيران تبدأ من استدعاء سفراء طهران المعتمدين لدى دول الاتحاد المختلفة وقد تمتد، في حال استمرار التعنت الإيراني، إلى سحب السفراء الأوروبيين المعتمدين في طهران، quot;وهو الأمر الذي لم يتم التطرق إليه مرة أخرى حتى الآنquot;، بحسب مصادر المفوضية

في غضون ذلك، قالت زوجة موسوي، زهرة راهنافارد، إن شقيقها كان من بين الذين اعتُقلوا أثناء الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ففي مقابلة مع وكالة quot;إيلناquot; الإيرانية للأنباء، قالت راهنافارد إنها لا هي ولا الإيرانيين سيصدِّقون أي quot;اعترافات انتُزعت بالقوةquot; من شقيقها، شاهبور كاظمي، الذي قالت إنه وُضع رهن الاعتقال لمدة شهر.

يُشار إلى أن المعارضة الإيرانية تقول إن الانتخابات، والتي فاز بها أحمدي نجاد بفارق كبير، قد جرى تزويرها. إلاَّ أن نجاد ينفي وقوع تزوير في الانتخابات، والتي اعترف بنتائجها علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران. وطالب موسوي بدوره بإعادة الانتخابات، ووصف الحكومة الحالية بـ quot;اللا شرعيةquot;. ويواصل الإصلاحيون، بمن فيهم الرئيس السابق محمد خاتمي، الضغط على الحكومة لاجراء استفتاء في كل أنحاء البلاد على الانتخابات، ويقولون إن ملاييين من الإيرانيين فقدوا الثقة بالعملية الانتخابية.

كما طالب الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، والرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام، بإطلاق سراح جميع من اعتُقلوا خلال الاحتجاجات الأخيرة على نتائج الانتخابات الرئاسية. أمَّا خامنئي، فقد اتهم من سماهم أعداء البلاد بتأجيج الأزمة المتعلقة بنتائج الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، وطالب القادة الإيرانيين بتوخي الحذر بشأن التدخل الأجنبي، معتبرًا أن الوضع السياسي الراهن يضع البلاد أمام اختبار صعب.

وكانت المواجهات بين المعارضة والشرطة قد اندلعت مجددًا في العاصمة طهران، إذ أفاد شهود عيان بأن العشرات من المتظاهرين اعتقلوا في إحدى ساحات طهران عقب ترديدهم هتافات ضد الرئيس أحمدي نجاد. يُذكر أن الخلاف على نتائج الانتخابات الرئيسية الإيرانية كان قد أدى إلى اندلاع موجة احتجاجات واسعة النطاق في المدن الإيرانية، وتسبب بمقتل ما لا يقل عن عشرين شخصًا، وإصابة العديد بجروح.