إيلاف من غزة: لا يزال القرار الذي اتخذته الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، التي تقودها حركة حماس، والقاضي بالزام المحاميات في القطاع بارتداء الحجاب أثناء مثولهن امام المحاكم، يثير استنكارا متواصلا ورفضا قاطعا من معظم المؤسسات الاجتماعية والحقوقية، فيما تصر حكومة حماس على تطبيقه مع بداية سبتمبر المقبل، دون تغير كل تلك الاعتراضات من موقفها.

وفي جديد البيانات المنددة، استنكر الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية بالقرار، وقال إنه يعد انتهاكا للحريات العامة التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 لا سيما المادتين (10 و11)، ويشكل تدخلا غير مبرر في شؤون المحامين ومساسا خطيرا بالحريات الشخصية وحقوق المرأة.

ورأى الاتحاد العام للمرأة أن تحديد كسوة مخصصة للمحاميات أمر مخالف لنظام كسوة المحامين، وينطوي على تمييز ضد المرأة ومساس بالحريات الشخصية المكفولة دستورياً، ومناقضا لنظام سنة 1930 الذي أوضح ماهية كسوة المحامين.

وأكد الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أن قرار الإلزام بالحجاب مخالفة دستورية، موضحا أن القرار quot;صادر عن مؤسسة غير دستورية هي مجلس العدل الأعلى الذي تم تشكيله من قبل الحكومة في غزة خلافاً للدستورquot;، وطالب حكومة حماس بالتراجع عن قرارها، ووقف ما أسماه quot;مسلسل الانتهاكات المستمر، واحترام الحريات التي كفلها الدستورquot;.

وكانت فصائل ومؤسسات حقوقية فلسطينية قد اجمعت على ادانة القرار، وطالبت بالغاءه بشكل فوري، وقالت الجبهة الشعبية quot;إن القرار مخالف للقانون ويحد من الحريات الشخصية والعامة للمواطنين الفلسطينيينquot;.

وطالبت المجلس بالتراجع عن قراره quot;الذي يعكس توجها لفرض رؤية واحدة، خصوصا في ظل الحديث عن توجهات لفرض الحجاب والجلباب على طالبات المرحلتين الإعدادية والثانوية في القطاعquot;، وعبرت الجبهة عن دعمها الكامل للمؤسسات الحقوقية في التصدي لهذا القرار quot;غير القانوني والمتنكر للحقوق والحريات العامةquot;.

من جهتها، أكدت جبهة التحرير الفلسطينية رفض قرار مجلس القضاء الأعلى، موضحة بأنها ستتصدى لأي محاولات تمس بالحريات العامة، وأي إجراءات تمييزية ضد المرأة الفلسطينية، كما دانت مؤسسات حقوقية قرار مجلس القضاء الأعلى، وعدّت القرار بمذكرة مشتركة quot;انتهاكا واضحا للقانون الفلسطيني لأنه مخالف للأصول الدستورية والقانونية الفلسطينيةquot;.

وخلصت المذكرة إلى التأكيد على بطلان القرار وعدم قانونيته، لمخالفته نص المادتين (10 و 11) من القانون الأساسي وتعديلاته لسنة 2003، المتضمنين ضمان السلطة الفلسطينية احترام الحريات الشخصية والعامة، ومخالفته نص الفقرة الرابعة من المادة (26) من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم (03) لسنة 1999، التي أحالت صلاحية تحديد رداء وكسوة المحامين والمحاميات إلي نظام نقابة المحامين.

وطالبت المؤسسات الحقوقية رئيس مجلس العدل الأعلى عبد الرؤوف الحلبي بالتراجع الفوري عن هذه الخطوة لما تمثله من مساس بالحريات الشخصية، ومخالفتها الواضحة للقانون، كما طالبت المؤسسات الحكومة المقالة في غزة ممثلة بوزير العدل القيام بواجباته من خلال حث مجلس العدل الأعلى للتراجع عن هذا القرار كونه يتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعاته.

ورغم سيل الانتقادات التي أعقبت القرار، فإن المستشار عبد الرؤوف الحلبي رئيس المحكمة العليا في غزة نفى ان quot;بشكل مطلقquot; أن يكون القرار يمثل اعتداء على الحرية الشخصية للمحاميات، quot;لكنه إضافة إلى فرض الهيبة المعهودة على قاعات المحاكم، وقال quot;إنه من باب الحرص على مظهر الزميلات المحاميات أمام القاضي ومن يمثلون أمامهquot;، كما نفى أن تكون المحكمة قد فرضت قرار توحيد الكسوة بذاتها، موضحا أن نقابة المحامين -وهي الوحيدة المخولة بإصدار القرار- قررت توحيده عام 1999 ولم ينفذ حتى اللحظة.

وتسود الخشية في غزة من أن يكون هذا القرار مقدمة لتضييق أكبر على حريات النساء، خصوصا في ظل الدعوات المتزايدة في أوساط حركة حماس لفرض الحجاب على جميع النساء في القطاع، ولا سيما في الجامعات والأماكن العامة، التي تبدو رغم سيطرة حركة حماس ذات التوجه الاسلامي غير مكترثة بتلك الدعوات باستثناء الجامعة الاسلامية المحسوبة على الحركة، والتي تلزم طالباتها بارتداء الحجاب.

ونص القرار الذي أصدره المستشار عبد الرؤوف الحلبي رئيس المحكمة العليا في غزة، على على أن يرتدي المحامون النظاميون لدى ظهورهم أمام المحاكم النظامية زيا خاصا، وكذلك بالنسبة للمحاميات، ويتكون الزي الخاص بهن من كسوة من القماش الأسود المعروفة بـ (الروب)؛ وسترة قاتمة اللون المعروفة بـ (الجلباب ndash; الطقم ndash; البالطو)؛ وغطاء يحجب الشعر (المنديل) أو ما يماثله على ان يسري مفعول القرار اعتبارا من الأول من سبتمبر القادم، وسيكون هذا القرار ملزما لجميع المحاميات الناشطات في غزة، ويقدر عددهن بمئة وخمسون محامية، من بينهن مسيحيات.