عامر الحنتولي من الكويت: حبس الشارع الكويتي أنفاسه وهو يتابع أنباء ومعلومات المساعي الحكوميّة في التّعاطي مع أسوأ كارثة بيئيّة كادت تعصف بالأجواء الكويتيّة في وقت متأخّر أمس، إذ أدّى التوقّف المفاجئ لمضخّات قديمة ومهترئةإلى ارتفاع منسوب مياه الصّرف الصحّي في محطّة المعالجة الرئيسة في منطقة مشرف في العاصمة الكويتية، الأمر الذي جعل شوارع مهمّة ورئيسة في الكويتتمتلئ بالمياه الآسنة، كما هُدّدت الأجواء الكويتيّة بانتشار الغازات السامّة النّاتجة عن مياه الصّرف الصحّي، لكنّ آليّات الدّفاع المدني والإطفاء نجحت في السيّطرة الموقّتة على الحادث، وسط مخاوف كبيرة من أن يكون الحلّ quot;الترقيعيquot; لأجهزة وزارة الأشغال والبلديّة مجرّد بداية القضيّة لا نهايتها، باعتبار أنّ ضخّ مياه الصّرف الصحّي قد تمّ تحويله إلى ساحل البحر لحين إصلاح المضخّات المعطّلة، وإعادة تشغيل محطّة مشرف. لكن برزت أمس مخاوف بيئيّة قويّة من أن يشهد ساحل الكويت تلوّثًا بيئيًّا كبيرًا خلال الأيّام القليلة المقبلة،الأمر الذييهدّد الثّروة السمكيّة للبلاد ويؤدّي إلى نفوقها.

وبعد دقائق قليلة من الحادث، إكتشفت وزارة الأشغال أنّ أجهزة الضخّ البديلة في المحطّة متوقّفة عن العمل بسبب أعطال قديمة لمتتمّ صيانتها، والتّعاطي معها منذ عدّة أشهر، الأمر الذي اعتبرت صحف كويتيّة صادرة اليوم أنّه quot;قمّة الإهمال الحكوميquot;، لكنّ وزير الأشغال والبلديّة المهندس فاضل صفر أكّد أنّ تحقيقًا سيفتح لمعرفة المتسبّب بالإهمال، وعدم إجراء الصيانة الدوريّة لأجهزة ومعدات الضخّ، فيما قال المدير العام لجهاز الدفاع المدني والإطفاء الكويتي اللّواء جاسم المنصوري إنّ الأبخرة والغازات المتصاعدة في الجو بعد الحادث كانت خطرة جدًّا وفقًا للمعايير والتصنيفات العالميّة، إذ إنّ المسموح بهعالميًّا من انبعاث الغازات السامّة هو 30 جزءًا من المليون، لكنّ الأبخرة السامّة التي رصدت أمس في الأجواء كانت أكثر من 1200 جزء من المليون، وهي تعني أنّ كارثة كانت في طريقها إلى الأجواء الكويتيّة لولا عناية الله، مؤكّدًا أنّ رجال الإطفاء إعتمروا قبّعات ووضعوا أقنعة خاصّة خلال مساعي تصريف مياه الصرف الصحّي وخفض ارتفاعها لتمكين الأجهزة الفنيّة من معاينة الأعطاب التي أصابت المضخّات.

ووفقًا لمعلومات quot;إيلافquot;، فإنّ وزارة البلديّة والأشغال تلقّت البارحة تحذيرات من جهات مختصّة فحواها أنّالإبقاء علىمحطّة مشرف معطّلةلوقت طويل يمكنه أن يشكّل ضغوطًا على محطّات الصّرف الصحّي الأخرى المنتشرة في الكويت، الأمر الذييعني تكرار المأساة خلال المرحلة المقبلة، في حين أنّ المحطّات الأخرى قد لا تكون أحسن حالاً من ناحية الجاهزيّة والصيانة، وكذلك من ناحية سلامتها وملاءمتها ضغوطًا إضافية، وخصوصًا أنّ تحويل الجزء الأكبر من مياه الصّرف الصحّي الذي كانت تتعامل معه المحطّة المعطّلة تمّ باتّجاه محطّة مطار الكويت الدولي، وإذا ما قدّر للمحطّة الموجودة في المطار الدولي الوحيد أن تعاني الخلل نفسهمستقبلاً فإنّ ذلك من شأنه تعطيل الملاحة الجويّة وإغراق المدرّجات بمياه الصرف الصحّي، الأمر الذي يستدعي، في حال حدوث هذا السيناريو، صيانة واسعة للمدرّجات وهو الأمر الذي سيستغرق وقتًا طويلاً جدًّا.

ومساء أمس، بدت شوارع تجاريّة مهمّة في منطقة السالمية، العصب التجاري للكويت، مغمورة بمياه آسنة، الأمر الذي حال دون انسياب حركة السير المزدحمة أساسًا خلالالساعاتالتي تليالإفطار في العاصمة الكويتية، إذ شوهدت سيارات النّجدة والمرور تنظّم عمليّة السير، فيما تولّت مضخّات جوالة شفط المياه من الشوارع في مسعى لتأمين حركة السّير، لكنّ المنتظر الآن هو أن تهيّئ هذه الحادثة الأجواء أمام هجوم شامل من قبل البرلمان الكويتي ضدّ وزارة الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي خلال الساعات المقبلة على خلفيّة التقصير والإهمال الذي اتّضح للجميع أمس في المحطة التي توقفت عن العمل، ومن دون انتظار نتائج التحقيقات، علمًا بأنّ ثمّة من يرصد تحرّكات الوزير صفروسكناته منذ عدّة أسابيعبغية اصطياده ودفعه إلى منصّة الاستجواب في دور الانعقاد المقبل.

يشار إلى أنّ عدّة جهات برلمانيّةكانت قد ناشدت خلال السنوات الماضية الحكومة وضع خطط لإجراء صيانة عاجلة لمعظم محطات وشبكات الصرف الصحي، درءًا لحوادث مفاجئة قد تقع وتسبّب كوارث بيئية ضخمة.