دمشق: أكّد معارض سوري بارز على وجود quot;معطياتquot; تشير إلى أن وساطة تركية وأردنية جرت مؤخراً بين القيادة السورية وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في البلاد استمرت عدة أشهر، ولم يستبعد أن تكون دمشق بصدد دراسة مشروع لإلغاء القانون 49 لعام 2000 والذي يعاقب بالإعدام منتسبي جماعة الإخوان المسلمين، وأشار إلى أن إلغاء هذا القانون هو أحد مطالب المعارضة السورية في الداخل.

وقال أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي والناطق باسم التجمع الديمقراطي حسن عبد العظيم، في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن quot;دخلت جماعة الإخوان المسلمين في سورية في حوار جدّي مع القيادة في مرحلة الرئيس حافظ الأسد، وهناك معلومات ومعطيات جديدة تشير إلى أن وساطة تركية ووساطة أخرى من قبل الإسلاميين في الأردن، تابعت في المرحلة الأخيرة الحوار مع القيادة السياسيةquot;، وأضاف quot;إن قرار الإخوان المسلمين في سورية الخروج من جبهة الخلاص المعارضة، التي كانت جبهة في الخارج وأثارت الشبهات حول التدخل الخارجي، اعتبرت مقدمة تستبق الحوار المطلوب، وبتقديري فإن ما يُقال عن تشكيل القيادة السورية للجنة قانونية لدراسة القانون 49 والتوصية بإلغائه أمر يستند إلى معطيات صحيحة، لأن هذا الحوار مستمر منذ عدة أشهر، ومن المرجح أن تكون القيادة السورية قد توصلت إلى تشكيل لجنة أو إعداد دراسة أو مشروع لإلغاء القانون، ونتمنى أن يحصل ذلكquot; وفق تعبيره.

وكان المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين البيانوني أعلن انشقاقه عن جبهة الخلاص التي يرأسها نائب الرئيس السوري المنشق عبد الحليم خدام، كما أعلن تعليق أنشطة الجماعة إبان الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة.

ووصف عبد العظيم خطوة القيادة السورية إن تمّت بأنها quot;هامة جداًquot;، وقال quot;إن تشكيل لجنة قانونية بقرار من القيادة السياسية لإعداد مشروع قانون لإلغاء قانون 49 أمر هام جداً بحد ذاته، لأن القانون 49 مضى عليه 29 عاماً والظروف تغيرت كثيراً، وكذلك تغيّر الإخوان المسلمين، وأصدروا وثائق هامة تلزمهم بنبذ العنف وبالعمل السياسي تحت سقف الوطن والحرص على الوحدة الوطنيةquot;. وتابع الناطق باسم التجمع الديمقراطي quot;من متطلبات الملفات السياسية الهامة لإعادة ترتيب البيت الوطني والوضع الداخلي إلغاء هكذا قانون والانتهاء منه وطي هذا الملف ليتمكن من ينتمي إلى هذه الجماعة في الخارج من العودة إلى الوطن وممارسة حياته الطبيعية، لأن المسألة إنسانية ويجب الانتهاء منها، ونحن كنا نطالب بإلغاء هذا القانون لإتاحة الفرصة أمام كل المبعدين من السوريين الموجودين في الخارج للعودة إلى الوطن. هذه خطوة إيجابية من خطوات الإصلاح التي إذا تكررت وتعددت يمكن أن تؤدي إلى تغيير ديموقراطي حقيقيquot; حسب تعبيره.

وكانت وسائل إعلام عربية نقلت عن مصدر quot;سياسي رفيعquot; قوله إن لجنة قانونية شُكّلت بقرار من القيادة السورية وانتهت من إعداد دراسة تهدف إلى إلغاء القانون رقم 49، ورفعت نتائج دراستها إلى الجهات المعنية تمهيداً لإصدار القرار اللازم لإيقاف العمل بالقانون المذكور.

وحول موقف المعارضة السورية من الحوار بين الإخوان والقيادة السورية، قال عبد العظيم quot;إن كل القوى المعارضة في الداخل والخارج لها انتقادات ومطالب تتعلق بسياسات النظام، وخاصة الوضع الداخلي ومسألة الحريات وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والتعديلات الدستورية، وعلينا في هذه المرحلة أن نميز بين أحزاب المعارضة وفعالياتها بشكل عام وبين الوضع الخاص لجماعة الإخوان المسلمين الموجودين تحت سيف وسقف القانون 49quot;، وهو الأمر الذي يوجد quot;حالة إنسانية تتطلب من أطراف المعارضة أن تقدّرها، لأن أي شخص منسوب للإخوان المسلمين أو ابنه أو عائلته لا يستطيع العودة إلى سورية أو حتى أن يُدفن فيها لأنه سيتعرض للاعتقال والمحاكمةquot;. وأردف quot;بالتالي على المعارضة أن تقدّر هذا الظرف، وأن لا تعترض على الحوار الجاري، ولا على أي قرارات إيجابية يمكن أن تصدر، وإن حدث وأُلغي القانون 49 فإن طلب من طلبات كل أطياف المعارضة يكون قد تحققquot; على حد قوله.

ويذكر أن السلطات السورية أقرت عام 1980 قانوناً حمل رقم (49) يحكم بالإعدام على من يثبت انتسابه لتنظيم جماعة الأخوان المسلمين، على خلفية صدامات دامية بين السلطات الأمنية والعسكرية السورية وفصيل مسلح من الجماعة (الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين)، أودت بحياة الآلاف من السوريين. الأمر الذي دفع قيادات الجماعة لمغادرة البلاد إلى المنفى.

ودخلت الجماعة عام 1985 بمفاوضات مع السلطة وطالبت بإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية، ووضع دستور جديد، وإطلاق الحريات، وإجراء انتخابات حرة، وفي عام 1998 أعلنت الجماعة أن السلطة أرادت تحميل الإخوان مسؤولية كل الأخطاء التي حصلت ورفضت مصالحة من هذا النوع وأكدت توجهها السلمي. وفي عام 2002 أصدرت الجماعة quot;ميثاق العمل الوطنيquot; الذي تبنى الحل السلمي والنظام الديموقراطي في إطار التعددية السياسية الحقيقية.

وفي عام 2005 أصدرت نداءاً تحت عنوان quot;النداء الوطني للإنقاذquot; دعت فيه إلى عقد مؤتمر وطني شامل يمثل كل التيارات والأطياف والطوائف والأعراق لبناء الكتلة الوطنية، ورأى فيه المراقبون بداية لتحول الجماعة من حزب تضامني إلى حزب تمثيلي ومن الشمولية إلى النسبية عبر القبول بالتعددية والتداول على السلطة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

كما أعلنت عام 2006 تأييدها لـ quot;إعلان دمشقquot; أكبر تجمع معارض في البلاد. وفي نفس السنة شكّلت الجماعة مع عبد الحليم خدام النائب السابق (المنشق) للرئيس السوري جبهة جديدة باسم quot;جبهة الخلاص الوطنيquot;، ووضع وثيقة تتضمن أهدافها وآليات عملها. وفي عام 2008 أعلنت انفصالها عن جبهة الخلاص، كما قررت تعليق نشاطاتها المعارضة للنظام السوري.