الرئاسة العراقية تدعو لتطويق الأزمة

نائب سني يستبعد ضلوع بعثيين في تفجيرات الاربعاء

اعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: تنفرد مجلة quot;غلوبال بوليتيشانquot; الأميركية، المتخصصة في الشؤون الدولية، بمقال تحليلي مطوّل لها حول تفجيرات الأربعاء الدامي التي هزت العاصمة العراقية بغداد في التاسع عشر من شهر أغسطس/آب الماضي، وراح ضحيتها أكثر من مئة قتيل، وتشير من خلاله إلى أن تأكيد الحكومة العراقية على تحميل دمشق مسؤولية هذا الحادث أعاد جذب الانتباه إلى طبيعة السياسة السورية في مواجهة جارتها الشرقية. كما رأت المجلة في السياق ذاته أن ما يدور في الكواليس والعلن من صراع بين الجارتين قد أضحى سببًا أو مبررًا لوجود النظام السوري الحالي. وهو السبب الذي طالبت من أجله المجلة بضرورة دراسة سياسة دمشق تجاه العراق عن قرب. في حين رأت في محور آخر أن الميزة الأبرز في العلاقة السورية بالبعثيين العراقيين والجهاديين تكمُن على وجه الخصوص في ظلمتها وغموضها. (على عكس علاقتها بباقي العناصر الإسلامية المحلية مثل حزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي ).

من تفجيرات quot;الاربعاء الداميquot; في بغداد..


ومضت المجلة بالقول إنّ التساؤل الذي يدور حول ما إذا كانت تلك التفجيرات قد تم تنفيذها من قبل البعثيين العراقيين، أو الإسلاميين العراقيين، أو فريق يمزج بينهما، سيظل أبد الدهر سؤالاً بلا جواب. وتشير المجلة أيضًا إلى أن اعتقاد المسؤولين العراقيين بـأن إعلان إحدى الجماعات المنتمية إلى تنظيم القاعدة مؤخرًا مسؤوليتها عن هذا الحادث الدموي، لم يكن إلا محاولة تهدف إلى تشتيت الانتباه عن وجود صلة للبعثيين السوريين بالمسألة. في حين رأت أن حقيقة التأكيد بصورة عملية على الاتهامات التي وجهها نوري المالكي إلى سوريا بشأن هذه التفجيرات تبرز عددًا من الحقائق الهامة.

فسوريا قامت، على مدار الستة أعوام الماضية، بدور حيوي في رعاية المسلحين البعثيين والإسلاميين العراقيين المنتمين للطائفة السنية وإيوائهم. وقد زعم المالكي غاضبًا، وهو يشير بأصابع الاتهام إلى سوريا، أن 90 % من الإرهابيين الذين يدخلون إلى العراق للمشاركة في أعمال التمرد المسلحة يُهرِّبون أنفسهم إلى داخل البلاد عن طريق سوريا. كما سبق لدمشق في أعقاب الغزو الأميركي للعراق وسقوط نظام صدام حسين أن قدمت المأوى للمسؤولين السابقين بحزب البعث العراقي. وفي بدايات ظهور حركات التسلح في العراق، استضافت سوريا الخط الرئيس للمجاهدين السنة الشباب المتطلعين لمقاتلة الأميركيين في وسط العراق. وقد كان يتم تسريب هؤلاء المجاهدين مباشرةً إلى الحدود ثم عبورها، لدى وصولهم إلى مطار دمشق.

وتؤكد المجلة من جانبها أن البعثيين العراقيين، المتورطين بصورة كبيرة في أعمال التمرد، ما زالوا موجودين في سوريا. وما زالت الحدود مفتوحة على مصراعيها. وتشير المجلة في محور ذي صلة إلى أن مساهمة دمشق بشكل مباشر في مساعدة أعمال التمرد السنية كانت من العوامل الرئيسة التي أدت إلى حدوث أزمة في العلاقات السورية ndash; الأميركية قبل ستة أعوام. لكن ومنذ قدوم الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض في يناير / كانون الثاني الماضي، وهو يحاول جاهدًا أن يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين العاصمتين، وترى المجلة أن رغبته هذه تتولد من خلال أهمية الدور السوري في إجمالي الطموحات التي تبدو كبيرة لأوباما في منطقة الشرق الأوسط.

في حين اعتبرت المجلة أن النتيجة التي أسفرت عن تلك المبادرات الإيجابية التي بدأت في تقديمها واشنطن مؤخرًا إلى دمشق تتجلى بوضوح في تلك التفجيرات التي هزت بغداد الشهر الماضي وكذلك الاتهامات الغاضبة التي وجهها المالكي إلى النظام السوري. وتمضي المجلة لتلقي الضوء على جزئية أخرى في غاية الأهمية، يمكن للمتمعّن الجيد في ملف الشرق الأوسط وبخاصة سوريا أن يتلمسها، وهي عن الأسباب التي من الممكن أن تجعل سوريا تتخلى عن أداة ضغط مفيدة مثل هذه على الولايات المتحدة وكذلك العراق، وهي تلك الأداة المتمثلة في دعم وتشجيع أعمال التمرد ؟ فترى المجلة أن دمشق قد تحقق أرباحًا من وراء ذلك، وهي الأرباح التي ستزداد في قيمتها مع استمرار انسحاب القوات الأميركية من العراق. كما ترى المجلة أن تلك الأداة تعد أداة نموذجية في موضوعية تحقيقها للأهداف السورية، فهي من جهة لا تبدو مكلفة على الإطلاق، ومن جهة أخرى، تعد وسيلة مُثلى لوضع العراقيين والأميركيين تحت رحمتهم وفي الوقتنفسه لإعلان إلتزامها بالحوار.

ورأت المجلة في ختام حديثها أن وصف الأسد لاتهامات المالكي بأنها quot;غير أخلاقيةquot; هو مجرد مثال كلاسيكي على الطراز البعثي السوري الذي يتألف: من تخويف واقعي مقترن بسخط متزمت يتيح لأي شخص أن يشتبه بهم في شيء من هذا القبيل. وفي الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون الأميركيون إلى حل سلسلة من المشاكل المترابطة والصراعات في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يؤمنون فيه بـ quot;المباريات النهائيةquot;، تقول المجلة إن مسار الأحداث في العراق ينبغي أن يشير للإدارة الأميركية بأن اللعبة لا نهاية لها بالنسبة لسوريا. وتؤكد في النهاية على أن الصراع يوفر سبب الوجود بالنسبة للنظام السوري، ووسائله الخاصة بالحكم، وكذلك الطريقة التي يتواصل بها مع جيرانه.