من 3 مدارس عمانية إلى أكثر من 1100 مدرسة


حيدر عبدالرضا من مسقط: يستعد أولياء أمور الطلبة وأسرهم في عمان هذه الأيام كسائر الدول العربية الأخرى بإنهاء وتوفير جميع المستلزمات والإحتياجات التعليمية الخاصة لأبنائهم استعدادا لبدء الموسم الدراسي لعام 2005/ 2006 والذي سيبدأ إعتبارا من يوم السبت الموافق 3 من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. وتزامنا مع هذا الحدث السنوي بدأت المراكز والمحلات التجارية بعرض مختلف اللوازم والمنتجات المدرسية وإجراء بعض التصفيات عليها لتمكين الأسر من شرائها لأبنائهم سواء من الملابس أوالدفاتر أوالمستلزمات الطلابية الأخرى.
وتتناول إيلاف في هذا التحقيق التطور التلعيمي في عمان ومختلف جوانب التعليم في المدارس، بالأضافة

يعود اليوم ملايين الطلاب في العالم العربي إلى مقاعد الدراسة بعد عطلة الصيف. وتتجه الانظار صوب مناهج التعليم في الاقطار العربية التي لم تصل بعد إلى معظمها ريح التحديث منذ عشرات السنوات، وماتحتويه هذه المناهج من تحريض على كره الآخر واهتمامها بالتاريخ وإن كان غير منصف، والتغني به إلى حد نسيان الحاضر والتطورات التي طرأت في العالم اقتصاديا وسياسيا ومعرفيا. فما زال الطالب غير المسلم في عدد من الاقطار العربية يجد نفسه مجبرأ على مغادرة قاعة درس التربية الدينية لتلاحقه عبارة امتحانية تقول (يجيب غير المسلمين على جميع اسئلة النحو العربي) بسبب اعفائهم من امتحان التربية الدينية، رغم أن المدارس التي يتلقى العلم فيها غير دينية، وحرة من حيث تسميتها. ومازال هذا الطالب غير المسلم ، مسيحيا كان أم يهوديا يقرأ الشتائم العنصرية في مادة التاريخ ضد (الصليبيين واليهود) باعتبارهم اعداءً أزليين للعرب والمسلمين ، وعليه ان يحفظ ذلك ويجيب به أمام استاذه وزملائه، ومثله أبناء طوائف المسلمين من غير الطائفة الحاكمة التي تصر على انها الفرقة الناجية والصادقة إسلاميا. ناهيك بتحول المدارس الابتدائية في هذه الاقطار الى مفاقس للمذهبية يقودها المعلمون بقصد او بسذاجة ، بعيدا عن اي رقابة حكومية (بقصد او بدونه أيضا) كما في بعض دول الخليج والعراق. وقد شهدنا ماتعرض له الدكتور أحمد البغدادي في دولة الكويت من حملات تكفير وتهديد لمجرد أنه طلب التقليل من دروس التربية الدينية في المدارس الخاصة وزيادة دروس تعليم الموسيقى أو اللغات الاجنبية.

اقرأ أيضا:

التعليم في لبنان رائد عربيا رغم كثرة ثغراته

استنفار في سورية استعداداً للعام الدراسي الجديد

الطلبة الفلسطينيون يستقبلون عامهم باحتفالت التحرير

التعليم في مصر ملاّكي

اصلاح المنظومة التربوية في الجزائر

5 ملايين طالب سعودي الى مقاعد الدراسة

إىل التقائها مع بعض المدرسة من المدراء والطللاب والمسؤولين عن السياسة التعليمية في عمان.

مسيرة التعليم في عمان

وحقيقة القول بأن مسيرة التعليم الحديثة في عمان ربما يجهلها الكثير من المتابعين ذلك أن إنطلاق هذه المسيرة بدأت في منتصف السبعينات فقط، حيث لم تكن في عمان قبل يوليو عام 1970 سواء ثلاثة مدارس إبتدائية فقط للذكور إحداهما في العاصمة مسقط، والثانية في مدينة مطرح التي تعتبر الميناء التجاري، والثالثة في مدينة صلالة بمحافظة ظفار، بينما لم يتعد مجموع الطلاب حينذاك ألف طالب، في الوقت الذي حرمت فيه المرأة العمانية من نعمة التعليم قبل فترة السبعينات. وكانت تنشر الأمية بن أبنائها جميعا إلا اللمم منهم. وبهدف استيعاب المجاميع الكبيرة من الأطفال العمانيين في السبعينات اضطرت الحكومة العمانية أن تبدأ خططها التعليمية في المناطق النائية تحت ظلال الأشجار الباسقة والخيام التي تم استيرادها لهذا الغرض بحيث لا تفوت فرصة التعليم على أي من أبنائها.
وخلال العقود الثلاثة الماضية شهدت مسيرة التعليم في عمان طفرة كبيرة سواء على مستوى المدارس أو المعاهد أو الكليات والجامعات. وأولت الحكومة العمانية لقطاع التعليم اهتماما كبيرا ادراكا منها ما لهذا القطاع من دور كبير في تنمية المواطن العماني والرقي بقدراته وامكانياته المختلفة بجانب القضائ على الأمية. وقد بلغ حجم الانفاق على التعليم في العام المنصرم 2003ـ2004 حوالي 386.4 مليون ريال عماني (1.004 مليار دولار أمريكي)، كما شهدت المنظومة التعليمية نموا متسارعا ومطردا في اعداد المدارس والطلاب والمعلمين والاداريين.
وفي هذا الصدد يقول يحيى بن سعود السليمي وزير التربية والتعليم حول خطط وبرامج وسياسات الوزارة ورؤيتها للعملية التربوية والتعليمية في عمان: "لقد شهدت المنظومة التعليمية في عمان نموا كبيرا ومتسارعاً ومطرداً في أعداد المدارس والطلاب والمعلمين، والإداريين، مشيرا أنه في عام 2004/2005م بلغ عدد المدارس في عمان 1103 مدرسة حكومية وخاصة منها مدارس للتعليم الأساسي وأخرى للتعليم العام بجانب 142 مدرسة خاصة".
وفيما يتعلق بأعداد الطلاب فقد بلغ عدهم بالمدارس الحكومية في العام الدراسي الحالي2004/2005 (572864) طالبا وطالبة منهم 24031 طالبا وطالبة يدرسون في المدارس الخاصة، في حين قفز عدد عدد المعلمين العاملين في المدارس الحكومية ليصل إلى 34380 معلما ومعلمة، وبلغ نسبة المدرسين العمانيين أكثر من 81.5%، في الوقت الذي وضعت الوزارة للوصول بهذه النسبة إلى 100% وذلك بإحلال العناصر والكفاءات العُمانية المؤهلة في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى.


استراتيجية تطوير التعليم

ويؤكد الوزير أن استراتيجية تطوير التعليم في عمان للفترة (2006ـ2020) تهدف إلى مواكبة التطورات العلمية والتقنية، والمستجدات التربوية التي يشهدها العالم، واحتياجات المجتمع العماني وتطلعاته المستقبلية وثقافته وهويته الوطنية، موضحا أن الوزارة في هذا الإطار تشارك بفعالية وبدور أساسي ضمن فريق العمل الوطني المكلف بإعداد استراتيجية جديدة لتطوير التعليم ومواجهة التحديات التي كانت تواجه النظام التعليمي آنذاك، حيث قامت الوزارة بإجراء بعض الدراسات المحلية سواء بشكل منفرد أو تلك التي تمت بالاستعانة ببيوت خبرة عالمية، والدراسات الإقليمية التي أعدها مكتب التربية العربي لدول الخليج، حيث نفذت الوزارة مشروع تطوير التعليم في اتجاهين يمثل الاتجاه الأول في تطبيق نظام التعليم الأساسي، وتطوير مدارس التعليم العام، ووضع أهداف جديدة للتعليم تتناسب مع طبيعة المجتمع العماني واحتياجاته وطبيعة العالم المعاصر وتحدياته، وتطوير الخطط الدراسية المعمول بها بمدارس التعليم العام، والتخلص من مدارس الفترة المسائية، وإضافة مواد دراسية جديدة؛ كتقنية المعلومات، والمهارات الحياتية، والعلوم الاقتصادية والإدارية، والحاسوب، فضلا عن تطوير المناهج الدراسية والاهتمام بالتدريب والتأهيل أثناء الخدمة، وتطوير نظم التقويم التربوي ونظم الإشراف التربوي، واستخدام الأنظمة والأساليب التكنولوجية الحديثة في العمل الإداري، وتطوير دور الإعلام التربوي، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار بقطاع التعليم. أما الاتجاه الآخر فقد تلخص في قيام الوزارة بإعادة النظر بالهيكل التنظيمي لها وإعادة هيكلة المديريات والدوائر المختلفة، وإعطائها صلاحيات واختصاصات مباشرة لتقوم بدورها في خدمة العملية التعليمية، بالإضافة إلى استحداث دوائر إدارية وفنية لم تكن موجودة بها من قبل بهدف التخلص من المركزية وتسهيل انسيابية الأعمال وضمان سلامة الأداء. مع تراعي الوزارة ظروف الطلبة العلمية من خلال التأكد من صدق وواقعية الدرجات الممنوحة للطلاب من قبل معلميهم حيث أدخلت الوزارة ما يسمى بنظام الفحص والتدقيق وهو نظام معمول به في كثير من الأنظمة التربوية العالمية، إذ يقوم مجموعة من المتخصصين بالمناطق التعليمية أو الوزارة بزيارة المدارس وفحص درجات الطلاب لضمان استخدام المعلمين لمعايير ومستويات تقويمية موحدة في قياس أداء طلابهم وتقويمهم، بجانب تطوير المناهج الدراسية باعتبارها ضرورة حتمية تمليها العديد من الظروف أهمها التطور المتسارع في العلوم والمعارف الحياتية وكذلك تغير متطلبات المجتمع المحلي وتجدد حاجات سوق العمل من فترة إلى أخرىجعلها مواكبة لكافة المستجدات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، وإجراء البحوث والدراسات العلمية لإثراء هذا القطاع الحيوي.

حنين الأطفال إلى الطابور الصباحي

وينتظر الأطفال بشوق دق جرس المدرسة للعودة إلى الحياة العملية لهم بعد انقضاء ثلاثة أشهر استمتعوا فيها بين السفر، والترفية والمتعة ومشاهدة التلفزيون واللعب وممارسة الرياضة بمختلف أنواعها.
ويؤكد الطلية الذين التقت بهم "إيلاف" أن المدرسة هي بمثابة البيت الثاني لهم كون أن الطالب يقضي فيها اثنى عشر عاما ينتقل من مرحلة دراسية إلى أخرى. ويقول حسين اللواتي الذي سينتقل إلى الصف السادس الابتداءي بمدرسة الغرة الخاصة بمسقط لإيلاف أنه مهتم بأن يكون من المتفوقين في الدرسة، مؤكدا على عنصر المثابرة ومراجعة الدروس في وقتها ومن ثم متابعة مسيرة النجاح والتفوق وتحقيق الأماني والأهداف والالتقاء بالمعلمين الذين يعتبرهم أولياء أمور بجانب الوالدين.
كما يحنون الطلاب الذي التقت بهم "إيلاف" إلى حضور الطابور الصباحي ومن ثم الحصص الدراسية والالتقاء بالزملاء في الفسحة المدرسية التي تعتبر أحسن فرصة للتحدث في مختلف الأمور التي مروا بها في فترة الصيف.

تهيئة الأجواء اللازمة للعام الدراسي الجديد

أما الفاضلة أمل حبيب التي تشغل مديرة بإحدى مدارس مسقط فتقول لإيلاف أن الكادر التعليمي بجميع المدارس يأتي مبكرا إلى المدرسة قبل افتتاحها بأسبوعين لتهيئة الأجواء الجيدة للطلبة قبل حضورهم الدوام اليومي، حيث تقوم المديرة وبمساعدة الكادر الاداري والتعليمي بوضع الترتيبات اللازمة وتوزيع الحصص عليهن بالإضافة إلى توفير جميع الاحتياجات اللازمة للممارسات الطلابية اليومية للنشاط التعليمي والثقافي والرياضي لهم بحيث يتمكن الطالب أو الطالبة من أداء دورها بالصورة المطلوبة.
وتؤكد لإيلاف بأن المدرسة تقوم أيضا ببعض الأعباء الاجتماعية تجاة الطلاب والطالبات وتوفير الاحتباجات اللازمة لهم، بحيث لا يشعر الطفل المحتاج بأه اقل مسوى من غيره من الطلبة الآخرين.

وعموما ما يلاحظه المرء في عمان أنه بالرغم من زيادة عدد المدارس الحكومية في البلاد فان القطاع الخاص بدأ من جانبه للدخول في مثل هذه المشاريع حيث تم مؤخرا إنشاء بعض الشركات المساهمة المقفلة، والعامة، لإدارة المؤسسات التعليمية من المدارس والكليات وحتى الجامعات، في الوقت الذي تحصل مثل هذه المؤسسات على الدعم اللازم من الحكومة العمانية من حيث توفير الكتب المجانية للطلبة في القطاعين العام والخاص، بجانب توفير قطع الأراضي اللازمة لإقامة مدارس خاصة
حديثة مزودة بكافة المنشآت المطلوبة من المختبرات والمكتبات وفصول دراسة الحاسب الآلي، بالإضافة إلى توفير المسارح والصالات الرياضية المطلوبة، والتعامل مع أحسن الكوارد التعليمية التي تأتي معظمها من العمانيين بجانب مدرسين يأتون من الدول العربية والآسيوية والأوروبية.