خالد طه من الدوحة:اثارت المدارس المستقلة في قطر التي تم انشاؤها في الاونة الاخيرة شد وجذب بين متابعي العملية التعليمية من خبراء ومهتمين واولياء الامور وفكرة هذه المدارس ان كل مدرسة تستقل استقلالا كاملا في موازناتها ومناهجها وادارتها ويعتبر مدير المدرسة بمثابة (مدير عام مكتب) حيث خول له القانون ان تعيين المدرسين بمعرفته كما انه له حق فصل المدرس في حالة عدم كفائته او التزامه بعمله على اكمل وجه ويخضع المدرس لامتحانات عسيرة قبل التحاقه في سلك التديس في المدرسة وعلى المدرس وفقا لفلسفة المدارس المستقلة ان يضع منهج طلابه بنفسه دون الاستعانة بخبراء المناهج وعلى هذا اصبح هناك مناهج متعددة طبقا لعدد المدارس في قطر والتي يصل عددها حاليا قرابة 20 مدرسة تقريبا للاولاد والبنات وهناك خطة طموحة يتبناها المجلس الاعلى للتعليم في قطر تحت شعار ( تعليم لمرحلة جديدة) لتحويل جميع مدارس الدولة الى مدارس مستقلة في غضون السنوات المقبلة
و يمكن القول ان تجربة المدارس المستقلة التي تدار بفلسفة جديدة وفكر حديث في اطار التطوير التعليمي لا تزال هذه الخطوة الجريئة بحاجة الى جهود جبارة حتى تؤتي ثمارها المرجوة منها.
وقد حظيت فكرة المدارس المستقلة باهتمامات واسعة من قبل شرائح المجتمع القطري من خبراء ومهتمين وأولياء امور وكانت الخلاصة انقسام هؤلاء إلى مؤيدين للتجربة الوليدة ومعارض لها
ومن المآخذ على المدارس المستقلة التي يراها الفريق المعارض إن اسناد وضع المناهج للمدرسين أمر غير صائب على اعتبار ان هذا الجانب المهم يستند إلى خبراء المناهج الضالعين في التأليف واصحاب اليد العليا فيه وحسب ما يراه اصحاب هذا الرأي فإن اليابان التي حققت طفرة هائلة في نظامها التعليمي في فترة زمنية وجيزة بمقياس المنطق البشري اعتمدت على خبراء مقتدرين في وضع المناهج التعليمية خاصة واضعي المناهج للمرحلة النموذجية والابتدائية التي يحتاج فيها الطفل لعناية تعليمية خاصة، ودلل هؤلاء على أن الحكومة اليابانية تعين البروفسورات في المرحلة التعليمية الاولية بل ان راتب المدرس في هذه المرحلة يفوق راتب رئيس الوزراء الياباني.
ونتيجة لذلك – كما يرى هؤلاء- قطفت اليابان ثمار سياستها التعليمية الناجحة بان اصبحت نمراً آسيوياً جباراً ودولة صناعية متقدمة يشار اليها بالبنان.
وعارض اصحاب هذا الرأي فكرة وضع المنهج الدراسي من قبل مدرس الفصل واشاروا الى أن هذا الامر يمكن أن يؤثر على المخرجات التعليمية، في المقابل رأى الفريق المؤيد للتجربة أن المدارس المستقلة فكرة ناجحة وجديرة بالاستمرار فيها لانها تضع قطر في مصاف الدول المتقدمة في نظامها التعليمي لانها تهدف إلى بناء شخصية الطالب من البداية تعليماً وتطبيقاً الى جانب تعزيز الممارسات السلوكية الصحيحة وغرس وتنمية القيم النبيلة في نفوس التلاميذ.
يقول ناصر اليافعي أن المدارس المستقلة فكرة رائعة وتصب في مصلحة الطالب، خاصة وهو يحصل على حريته في الدراسة عن طريق تطبيق افكاره مما ينعكس على مستواه الاكاديمي.
مؤكدا ان المدارس المستقلة تخرج المواهب المحبوسة للطفل والطالب متوسط العمر باعتمادها على الوسائل المساعدة فهي - كما يقول - فكرة جديرة بالاستمرار وبسؤاله عن كفاءة المدرس في وضع المنهج قال : دون شك أن المدرس المؤهل تأهيلاً عالياً قادر على وضع المنهج لأنه يخضع ايضاً لدورات تدريبية عالية المستوى.
و قال م ط : إن المدارس المستقلة جيدة وتكسب الطالب مهارات عديدة اهمها اتقانه للغة الانجليزية بدقة لانها تعتمد على اللغة منذ البداية لجميع المواد.

من جانبه ايد جابر الكبيسي فكرة قيام المدارس المستقلة، خاصة انها تعلم الطالب اللغة المعاصرة «الانجليزية» وتخصص لذلك وقتاً اطول «تقوية» ناهيك عن الدوام الطويل لليوم الدراسي في هذه المدارس.
واشترط عبدالوهاب حسن ان يكون امتحان الشهادات «كالابتدائية والاعدادية» مثلا موحداً في المدارس المستقلة واضاف: اذا استطاعت هذه المدارس تمكين الطالب من اجتياز امتحانات المراحل بنجاح وتفوق فلا بأس فيها، اما اذا كانت امتحانات الشهادات غير موحدة فهذا في رأيه سيخلق مستويات مختلفة بين الطلبة وربما يؤثر عليهم في الدراسة الجامعية مستقبلاً وأضاف: حبذا لو يكون نظام المدارس المستقلة كنظام الشهادات العالمية البريطانية «الكامبرج» او ما يطلق عليها « IGSC» والتي تقبل شهاداتها في اي مكان في العالم.
وقال مواطن آخر: تتميز المدارس المستقلة باسلوبها الخاص في طرق التدريس مع الالتزام بمعايير المناهج التي تركز على اكساب المهارات اللازمة للنجاح والتمييز في العالم المعاصر.
وقال أحد المقيمين: ان المدارس المستقلة تهدف إلى بناء شخصية الطلاب تعليمياً وتطبيقياً إلى جانب تعزيز الممارسات السلوكية الصحيحة وغرس وتنمية القيم النبيلة في نفوس التلاميذ وغيرها من القيم التي تساعد على بناء الجيل المنشود.
من جانبه عبدالله عبدالرحمن اكد أن المدارس المستقلة تحاول جاهدة تطوير نظامها ليرقى الى المستويات العالمية المتقدمة سواء من ناحية المناهج الدراسية واعتماد طريقة الفنون المتحركة.
واضاف: كما أن عدد طلاب الشعبة الواحدة لايزيد على 25 طالباً مما يجعل الاستيعاب اعلى لدى الطالب وبسؤاله عن الخبرة والكفاءة لدى هيئة التدريس قال: اعتقد ان المدارس المستقلة تضم مجموعة كبيرة من الكفاءات والخبرات التعليمية والادارية، موضحاً ان هناك اجتماعات دورية بين المديرين لمتابعة سير العملية التعليمية والوقوف على الايجابيات والسلبيات واضاف: إن ادارة المدارس المستقلة على اتصال دائم مع اولياء الامور ويقوم الاختصاصيون الاجتماعيون فيها ببحث حالات الطلاب الدراسية ومعرفة اسباب تدني الطلاب ووضع الحلول المناسبة لها.


مناهج عالمية
وقال عبدالرحمن عبدالله إن المناهج الموضوعة في أي مدرسة مستقلة تتوافق مع المعايير العالمية التي حددها المجلس الاعلى للتعليم في المواد الاساسية وهي العلوم والرياضيات واللغة الانجليزية واللغة العربية واضاف: ان هذه المدارس تتضمن غرفاً لمعامل اللغات وورش الكهرباء والتجارة بحيث يتعلم الطالب مهارات وخبرات كفيلة باكسابه التعامل مع اي اعطال كهربائية تحدث في منزله.
واشار إلى أن المدارس المستقلة مزودة بوسائل مساعدة مثل الانترنت والمكتبة والرحلات والانشطة والتواصل مع ولي الأمر والحرص على التدريبات العملية.
واكد عبدالله عبدالكريم أن المدارس المستقلة حريصة على رفع المستوى الثقافي والمهاري لمدرسيها من خلال الدورات التدريبية الداخلية والخارجية واتاحة اكبر قدر ممكن من خلال المراجع الحديثة والاشتراك في الدوريات المطبوعة والالكترونية ليكون معلماً متواصلاً مع كل جديد.


الرأي الآخر
وعلى صعيد آخر رأى الفريق الثاني ان المدارس المستقلة فكرة جيدة مع وجود بعض التحفظات على نظامها.
يقول خالد عبدالعزيز: ان له بنتين في احدى المدارس المستقلة «المرحلة الابتدائية» وقامت المدرسة بتأليف المنهج باللغة الانجليزية، مشيراً الى أن ذلك لا يتناسب مع فهم الطالبة خاصة «التي في الأول الابتدائي» واضاف: ان اليوم الدراسي الطويل احدث لدى الطالبات ضجراً، كما ان الاسراف في الواجبات لا يتناسب مع طاقة الطالبة الصغيرة في العمر وأضاف: صحيح ان المنهج متطور وشامل ولكن - على حد زعمه - شعرت ان هناك انفصاما حقيقيا بين مدرس المادة والمنهج الذي يضعه، مشيراً إلى أنه لمس من خلال متابعته لطفلتيه ان كل المدرسين يريدون من الطفلة عطاء كل ما لديها كما ان بعض المدرسين لا تتوافر لديهم فلسفة نظام توصيل المعلومة للطالبة بمهارة.
واكد عبدالعزيز انه لاحظ وجود الحشو في المناهج «نفس نظام المنهج القديم» وطالب بضرورة ايجاد نظام حديث ومرن يحبب الطلبة في الاقبال على التعليم وقال: ما يحصل من تأفف ونفور من قبل الطلبة والطالبات بسبب ضغوط الواجبات المنزلية وكثرتها وحشو رأس الطالب بالمعلومات.
وقال إن الطالب الراغب في التفوق عليه المواصلة بعد إنهاء اليوم الدراسي اي بعد الساعة الثانية ظهراً إلى الساعة الرابعة عصراً، وهذا في رأيه خطأ على اعتبار ان الطالب -خاصة الطفل- وكذلك المدرس كل منهم له طاقته ومعلوم - والكلام لعبدالعزيز - ان المدرس والطالب في نهاية اليوم الدراسي يكونان قد استنفدا جل طاقتهما في الفهم والعطاء والتفاعل واتذكر حينما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية ان الاستيعاب يتراجع بعد الحصة الرابعة.
وأضاف: ان الوقت المحدد لحضور الطالب هو الساعة 6:30 وهذا معناه ان الاستيقاظ يجب ان يكون في الساعة 5:30 فجراً.
وبدوره تساءل علي عبدالرحيم لمصلحة من تأخير الدوام حتى قرابة الساعة الثالثة عصراً في المدارس المستقلة، وعن قضية المناهج قال: في رأيي أرى أنه ليس من المفيد للطالب ان يضع المنهج مدرس حاصل على الشهادة الجامعية تنقصه الخبرة الكافية لان واضعي المناهج في رأيه هم الخبراء.
وشدد خالد عتيق على ضرورة توحيد المناهج والمدارس المستقلة لان ذلك من شأنه ان يرتقي بالعملية التعليمية - في رأيه - وعارض وجود منهج مستقل بكل مدرسة على حدة.
وقال إبراهيم عبدالواحد: إن المدرس غير مؤهل لوضع منهج مدرسي لان المناهج تخضع لاسس وضوابط قد يجهلها مدرس وحديث التخرج.
وأضاف: المفروض أن تخضع عملية وضع المناهج للجنة من الخبراء مشكلة من وزراء التربية والتعليم والمجلس الاعلى للتعلم وهي التي تقوم بوضع المناهج.
وشدد على ضرورة توحيد المناهج لان انفراد كل مدرسة بمنهجها من شأنه - كما يقول - ان يخلق جيلا مفتتا في المفاهيم والمعلومات وربما يكون غير قادر على الانخراط في النظام التعليمي الجامعي.