أسامة العيسة من القدس: يحافظ الفلسطيني محمد حسن أبو عاهور (60) عاما، على تقليد قديم لصناعة أكاليل الشوك، ربما يعود إلى ما بعد مجيء السيد المسيح، بقليل.وحسب المتواتر، مسيحيا، فانه بعد القبض على المسيح وصلبه، في القصة المسيحية المشهورة، وضع الرومان على رأسه اكليلا من الشوك رمزا لانتصارهم وهزيمته في وقت كان يتوج فيه المنتصرون بأكاليل الغار، ولكن هناك من يرى بأنه تم وضع إكليل الشوك على راس المسيح كجزء من الإيذاء والتعذيب له.

اكليل الشوك
وبعد أكثر من ألفي عام على ميلاد المسيح، في مدينة بيت لحم، يقوم مواطنه أبو عاهور بصنع أكاليل الشوك وتوزيعها على المحلات السياحية، حيث يقبل الحجاج على شرائها للاحتفاظ بها كجزء من ذكرياتهم عن الأراضي المقدسة التي زاروها.
ومنذ أكثر من عشرين عاما، ينطلق أبو عاهور من منزله إلى براري بيت لحم وخصوصا موقعي (وادي شاهين)، و(وادي معالي)، مسلحا بمقص حاد، لقص أفرع شجيرات القندول لصنع أكاليل الشوك.
وفي حديث لمراسلنا قال أبو عاهور quot;أصبح بيني وبين هذه الشجيرات علاقة حميمة، وأقلمها في أوقات معينة من العام، حتى أستطيع في الفترة الممتدة من شهر حزيران إلى شهر أيلول، قص الأفرع الجديدة الطرية الخضراءquot;.
وبعد أن يحضر أبو عاهور الأفرع الخضراء، القابلة للطي، يصنع منها الأكاليل الشوكية، وينتج في العام ما بين 800-1000 إكليل يتركها لتجف لتصبح جاهزة للتوزيع على المحلات السياحية.
ولا يعرف أبو عاهور سببا لاختيار شجيرات القندول لصنع الأكاليل ولا يوجد ما يثبت أن إكليل الشوك الذي ارتبط بالمسيح صنع من هذه الشجيرات، إلا أن أشواك القندول المدببة قد تكون سببا في ذلك، قائلا انه يكمل ما بدأه غيره في صنع أكاليل من القندول.
ويرى علماء أن إكليل الشوك، الذي وضع على راس المسيح اخذ من نبتة (الفونديلا) الشوكية التي تنبت في القدس وفلسطين.
عكوب الجبل
وتعرف هذه النبتة محليا باسم (عكوب الجبل)، وبعضهم يطبخ ساقها وعروقها وورقها، وزهرتها وهي عبارة عن راس مزهر يؤكل ويعتبر طعاما فاخرا.
ولكن كثيرا من الفلاحين، لا ينظرون لهذه النبتة الشوكية المتمردة بود كبير، فيقتلعونها من حقولهم، ويرمونها او يحرقوها.
ولا يوجد شكل معين للأكاليل، وفي الأفلام التي تناولت حياة المسيح، استخدمت أشكالا متعددة للأكاليل، أخرها في فيلم (آلام المسيح) لميل جبسون.
ورغم أن العمل الذي يقوم به أبو عاهور، غير مربح نسبيا، إلا انه يقبل عليه لأنه يحبه، ولان المسيح quot;بلدياتهquot; ولكونه مسلما فانه يحترم المسيح ويجله.
ويلاحظ أبو عاهور بان السكان المحليين لا يشترون مثل هذه الأكاليل، بينما الحجاج الأجانب يقبلون عليها، كشيء ارتبط بالمسيح والأرض المقدسة.
ولم تخل صناعة هذه الأكاليل من مشاكل عارضة لأبي عاهور، منها إصابته المتكررة بجروج، بسبب أشواك القندول المدببة.
ويصنع أبو عاهور احجاما مختلفة من هذه الأكاليل، حسب تقديره الشخصي، وإمكانية الطي التي توفرها الفروع الخضراء، فيشكلها كما يريد، وبعد جفافها تبقى بنفس الشكل.
ويلاقي عمل أبو عاهور للأكاليل الشوكية، تشجيعا من شاب صاحب محل سياحي في الحي القديم المجاور لكنيسة المهد، وان كان لا يرى جدوى اقتصادية ذات أهمية لان الإكليل الواحد يباع بسعر لا يزيد عن الدولار، إلا انه يرى في ذلك معنى رمزيا وامتدادا لتراث معين.
وعدم الاهتمام بصناعة الأكاليل، يثير الخشية من انقراضها اذ تعب أو سئم أبو عاهور منها، ولكن الأمل موجودا ما دام أبو عاهور يصحو مبكرا في اشهر الصيف ويقصد البراري حاملا مقصه لقص أفرع القندول التي تجرحه أشواكه.