بالرغم منصرامة القانون
إخطبوط الاعتداءات الجنسية والاغتصاب يداهم إسرائيل


خلف خلف من رام الله: بالرغم من فرض إسرائيل أكثر القوانين تشددا في العالم ضد التحرش الجنسي داخل المؤسسات الحكومية، والذي يحظر حتى أي تصريحات غامضة أو ملامسات جسدية خفيفة يمكن أن تبدو موحية جنسيا لكلا الجنسين، والتي قد تصل عقوبتها إلى 4 سنوات سجنا في حال ثبتت الإدانة، إلا أن صرامة القانون لم تضع حدا لتصاعد حالات التحرش دخل الوزارات الإسرائيلية، ويعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة تعتبر خانقة بسبب الاعتداءات الجنسية وظاهرة التحرش الجنسي التي تقع من قبل الجنود ضد المجندات، وخاصة صغيرات السن اللاتي يخدمن في الجيش في سن 17 و18 وفقا لقوانين إسرائيل، وحسب ما تشير التقارير الإسرائيلية فان عدد حالات التحرش في تصاعد، ويتم خلال كل خمسة أيام فتح تحقيق ضد جندي متهم بارتكابه مخالفات جنسية، وتخدم المرأة في الجيش الإسرائيلي خدمة إجبارية وفق دراسات متنوعة، وتعتبر إسرائيل من أول الدول التي ألزمت الفتيايات بالخدمة العسكرية، والذي صدر من خلال قانون إسرائيل عام 1956 إضافة إلى خدمة الاحتياط.

شلومو شاني
وحين فتح ملف التحرش الجنسي في إسرائيل، تداهمنا فضحية استجواب شلومو شاني نائب رئيس الهستدروت عمير بيرتس زعيم حزب العمل الجديد من قبل الشرطة الإسرائيلية حول الاشتباه بالاعتداء الجنسي على عاملة في الهستدروت تلقى صدا في إسرائيل، وقد وقدمت المرأة الشكوى إلى الشرطة ضد شاني في شهر شباط المنصرم، وبدأ التحقيق مع شاني بعد أن فاز بيرتس بمنصب قائد حزب العمل بذريعة أو حجة أن الشرطة احتاجت إلى وقت كبير من قيادتها للسماح لها باستجواب هذا المسؤول العمالي.
ويذكر أن القضية ما زالت تتفاعل في أروقة المحاكم الإسرائيلية، ومن حيثيات التحقيق أن العاملة قامت بالاتفاق مع المسؤول الرفيع في المؤسسة ميخائيل شوشاني على اتهام مساعد شوشاني quot;بالتحرش الجنسي بهاquot;.. من اجل التخلص منه وإبعاده عن وظيفته.
ولم يكن رجال الشرطة الإسرائيلية بمنأى عن عمليات التحرش الجنسي والاغتصاب، فقد أصدر محققو وزارة العدل الإسرائيلية أوامر اعتقال بحق شرطيين من القدس للاشتباه بهما بسوء استخدام صلاحيتهما وممارسة الجنس مع امرأة اتصلت بالشرطة طالبة المساعدة، حدث ذلك عندما اتصلت امرأة بالشرطة طالبة المساعدة لأنها تعاني من اضطراب نفسي، فأرسل إليها شرطيان لنقلها إلى أحدى عيادات العلاج النفسي، وفي الطريق قام شرطي بالاعتداء الجنسي عليها داخل سيارة الدورية،وحدد الضابط الآخر موعداً لزيارتها في بيتها، مدعياً أنه يريد مساعدتها، وطلب منها خلال هذه الزيارة أن تتعرى كي يشاهد الخدوش على جسمها، ففعلت ذلك لكن الضابط قام بملامسة جسدها.. بصورة غير لائقة..
ويذكر أن الشرطيين نفيا التهم الموجهة إليهما في بداية الأمر، لكنهما وفي النهاية اعترفا بالاتهامات الموجهة اليهما، وفي قصة مماثلة، أقدم ضابط شرطة يبلغ من العمر (41 عاما) على اغتصاب امرأة التجأت للشرطة أليه مع ابنتها بعد أن قام شقيق زوجها باغتصابها وطردتها عائلتها بعد عملية الاغتصاب، وفي حيثيات القضية أن المحقق الإسرائيلي قام باغتصابها بدلا من توفير الأمن لها، وقد إدانته المحكمة الإسرائيلية وحكمت عليه بالسجن لمدة سنوات.
ولا نستطيع هنا تجاوز تحقيق الشرطة الإسرائيلية مع رئيس بلدية ميجدال هاعمك ايلي باردا حول تحرشه الجنسي بعاملة في أحدى الشركات، وقد قامت العاملة باستئجار محققاً خاصاً لمراقبة تحرش رئيس البلدية، وقام بتقديم أفادته وشهادته حول هذه الشكوى التي قدمتها هذه العاملة.

قصة اليزا
ومن الحكايات التي تعكس معاناة النساء في إسرائيل، ما روته الفتاة التي تم اغتصابها قبل عشرين عاما من قبل موظفين في شركة إسرائيلية، وفي حيثيات القصة أن أليزا عمار فتاة من أصول مغربية تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما، قرأت إعلانا في الصحف عن وظيفة في أحدى الشركات وتوجهت صباحا لتقديم طلب توظيف، وبعد أجراءها مقابلة للتوظيف تم إدخالها لغرفة خاصة وتم اغتصابها بصورة بشعة، وأخفت الفتاة ما حصل معها خوفا من الفضيحة، وقامت بالسفر للولايات المتحدة واقامت في مدينة سان فرانسيكوا لمدينة 20 عاما قبل أن تعود لإسرائيل مرة أخرى كزائرة وناشطة لصالح المرأة المضطهدة ولكي تبوح لما حصل معها،
وفعلا قامت عمار بتنظيم سباق درجات مع العديد من النساء ورفعن شعارات تطالب بحقوق المرأة في إسرائيل، وكشفت عمار لعائلتها مع حصل معها فقاموا بمقاطعتها، ووصفت مشاعرها آنذاك بالمحطمة، وأن روحها انتزعت من جسدها، ولم تستطيع اليزا عمار أن تقيم في إسرائيل فعادت للولايات المتحدة، ولكنها مضت شهورا في إسرائيل حاولت خلالها المساهمة في بث الوعي وتثقيف النساء المظلومات وكيفية دفاعهن عن حقوقهن.
وليس الأطفال في إسرائيل بمنأى عن التحرشات الجنسية، بل أن ما يقارب 2500 طفل إسرائيلي ضحايا الاغتصاب سنويا وذلك حسب تقرير للجنة الرفاه الاجتماعي في الكنيست الإسرائيلي، والقصص التي سجلت في هذا العام بإسرائيل كثيرة، ولعل اللافت فيها ارتفاع التهم الموجة للمتدنين والحاخامات الإسرائييلين المتهمين بالتحرش وعمليات الاغتصاب، فقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية (حاخام) في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل في الستين من عمره قبل اسابيع، بتهمة الاعتداء الجنسي على فتيات قاصرات، وجاء أن الفتاتين (17 عاماً) اللتين تعرضتا للإعتداء كانتا تعملان في الكنيس المسؤول عنه وفي بيته، وسوغ الحاخام قيامه بالإعتداء الجنسي وتنفيذ أعمال مشينة بحق الفتاتين بأنه يقوم بطرد الأرواح الشريرة منهما.
كذلك أدانت المحكمة الإسرائيلية عومر يئيش البالغ من العمر 20 عاما وهو من سكان حي المتدينين في القدس ميئا شعاريم بالتحرش الجنسي بسبعة أطفال في الحي تتراوح أعمارهم بين 9 و15 سنة خلال السنوات الثلاث الماضية، وحسب التقارير الإسرائيلية فأن يئيش كان يجذب الطفل إلى شقته في الحي، إذ كان يوهمه أنه طبيب فكان يعرض خدماته الطبية من خلال فحص إمكانيات الطفل الجنسية والجسدية ويطلب إليه التعري ويتحرش به كما يريد.
كما فرضت الشرطة الإسرائيلية الاقامة الجبرية على حاخام يهودي بعد إطلاق سراحه بعد أن قدمت فتاتان شكوى للشرطة بأن الحاخام، وبينما كان يشرح لهما درساً في الأمور الخاصة لم يتماسك وقام بممارسة العادة السرية أمامهما، والحاخام يبلغ من العمر 46 عاماً، وقد اعترف بفعلته وقال أن ذلك ليس عيباً ويأتي ضمن الدروس الدينية، وقال أنه لم يعتد على أحد حتى يعتقل.

قصة مدرس الاطفال
ومن القصص التي تقشعر لها الأبدان ما أقدم عليه مدرس في رياض الأطفال في ثلاث مدارس دينية يدعى قام يتسحاق بوروفسكي 27 عاما من اعتداءات جنسية بحق 27 طفلاً وطفلة تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات، وقد اعترف المدرس بفعلته، لكن قال أنه يستطلف الأطفال، وقال أنه تحرش بهم ولكنه ولم يؤذ أحداً منهم.
ويذكر أن مراسل صحيفة الغارديان بإسرائيل قال في أحدى مقالاته الإسرائيليين حولوا الأرض المقدسة إلى مستنقع من الإباحية، فحتى مدينة القدس لا تخلو من تلك الممارسات الشاذة، ويشار أن جرائم التحرش والاغتصاب من أكثر الجرائم التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، ولا تجرؤ الصحف ووسائل الاعلام على مناقشة هذه القضية لكونها أحيانا تمس في أسخاص يعتبرهم المجتمع الإسرائيلي مقدسين مثل الحاخامات والذين سجل ضد البعض منهم العديد من المخالفات الجنسية.

رجال الدين
وقد أكدت وثائق إحدى المؤسسات التي تعالج ضحايا الاعتداءات في المجتمع الإسرائيلي أن عشرات الفتيات المتدينات يتعرضن يوميا لحالات الاغتصاب والتحرش الجنسي من قبل رجال الدين أو العاملين في المؤسسات الدينية، كما تقول الجمعية أن نسبة الأطفال الذين يتعرضون للتحرش كبيرة، ونذكر هنا الثورة العارمة التي اندلعت في إسرائيل والتي طالبت خلالها البعض بإلغاء التعليم الديني عقب الكشف عن ما قام به الحاخام زئيف كوبلوفيبتش والذي اتهم باغتصاب العشرات من تلميذه خلال العشر سنوات الماضية.
في غضون ذلك، أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن أكثر من 50% من ضحايا المخالفات الجنسية في إسرائيل هم من القاصرين، وذلك وفق ما يتضح من المعطيات التي قامت الشرطة بتسليمها للجنة الدستور والقانون التابعة للكنيست والتي تناقش مشروع قانون لحماية الجمهور من مرتكبي المخالفات الجنسية.
وبحسب المعطيات، ففي العقد الأخير وقع سنوياً 4400-6000 مخالفة جنسية، 15% منها وقعت في داخل العائلة. وشكل القاصرون نسبة 60% من ضحاياها، و50% من الضحايا خارج العائلة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأرقام المذكورة تتطرق إلى الحالات التي تم التبليغ عنها.
وقال المدير العام لـ quot;المجلس لسلامة الطفلquot;، د.يتسحاك كدمان، إن هذه المعطيات تؤكد مدى أهمية الإسراع في سن قانون يلزم بفرض الرقابة على مرتكبي المخالفات الجنسية، فكل يوم يمضي، بدون هذا القانون، يضع مئات آلاف الأطفال في خطر الوقوع فريسة سهلة للمنحرفين جنسياً.
وأشارت التقارير إلى أن رئيس لجنة الدستور والقانون، ميخائل إيتان، يعمل في الأسابيع الأخيرة على إعداد مشروع القانون للقراءة الثانية والثالثة للمصادقة عليه في الكنيست قبل حلها، وذلك بعد تأخير دام 7 سنوات من أجل تمرير هذا القانون الذي لقي المعارضة الأساسية من وزارة المالية بسبب تكاليفه.