محمد موسى من بيروت: لم يكن قرارا ناجزا او منطقا منتهيا لكني قررت في الطائرة التي نقلتني من أمستردام الى الشام بان أتجنب الحديث بالسياسة والتطورات الاخيرة وأخبار العراق. منذ حرب العراق واغتيال الحريري وانتفاضة 14 آذار تحركت الافكار بالمنطقة وارتفع سقف الرؤيا وكثرت البشارات لكن الكثير من الفكر و الكلام القديم الميت ظل على حاله، بل ربما زادت شراسته واعتباطيته. بعد زيارات كثيرة للمنطقة واوقات سابقة من السجال والمنكافة قررت انا الغريب هناك ان التفرج والمراقبة هما حوار انضج لا يقاطع او يبتر لذلك سأكتفي به وبغناه المدفون.قررت أيضا عدم الحديث عن العراق وما يجري هناك مع الاصدقاء العرب، في البال كانت بالتاكيد عشرات المواقف التي حدثت مع ناس من الاردن وسورية ولبنان في زياراتي الكثيرة للمنطقة خلال السنتيين الفائتتيين، منذ الحرب الاخيرة على العراق صار العراقيون في المنطقة متهمين بتهم غامضة وعليهم جميعا الدفاع عن أشياء غير واضحة لم يرتكبوا معظمها. الحرب الاخيرة هي ليست حرب انزياحات ونهايات حقب وأمريكان في بغداد. كانت هي حرب الفضائيات والاعلام العربي ايضا بكل مرجعياته وايدولجياته وتخلفه، اعلام مر بلا عمق او دراية واحيانا بشوفينية وطائفية على قضايا معقدة تفتح لاول مرة، لذلك لا يواجه العراقيون الآن اسئلة الحاضر فقط بل يواجهون أيضا اسئلة الماضي والتاريخ الملتبسة.
صار من الطبيعي ان يسال العراقي في الدول العربية عن أصله وفصلة ودينة وطائفتة كل هذه المعلومات ستحدد وبشكل كبير اتجاه الحوار ونهاياته، لا يكفي ان تذكر انك عراقي مثلا، هذا وحده لم يعد يكفي. نحن الآن مكشوفيون للجميع ولم تعد( العراقية) علما او خرقة لتغطينا الى حين فالكثير من الناس هناك مثل جمهور الفضائيات متطلب كسول يريد مثل مقدمي برامج الحوارات العربية التلفزيونية ان يدفع بك الى الحافة الأخرى، يريد ان يريك هشاشتك وغضباتك ، يريد ان يعرف اذا كنت من هؤلاء الذين اطلق عليهم الكثير من مثقفي العرب بعراقي الدبابات الامريكية( اشارة الى قصص غير مؤكدة تقول بمجيء بعض السياسين العراقيين مع الدبابات الامريكية الى العراق) ام انت من ملثمي (المقاومة). لم يعد يجدي ان تقول انك ما بين بين، البين بين لا تنال حلقات تلفزيوننية مثيرة، البين بين منطقة مغلقة متروكة بلا تلفزة...
ليست لي رغبة باستعادة عشرات القصص عن ناس عاديين تريد ان تتودد لك بتعدادها اسماء او عوائل مجاهديين عرب ذهبت لتقاتل الامريكان في بلدك! وعندما تريد ان توضح لهم ان عمليات اخوانهم او اقربائهم قتلت من العراقيين أضعاف مضاعفة عما قتلت من الامريكان يتوقف الحديث او يسوده الحدية والتخوين.
ربما من أجل هذا كله صرت حذرا جدا في أطلاق احكام على قضايا الآخريين خوفا من أرتكاب الخطا نفسه، خطا ان لا نسمع الى الآخر، خطا الافكار القاطعة المسبقة.
احد الاصدقاء اخبرني اني أخذ الامور بحدية وجدية كبيرة وان علي ان أفهم وضع المنطقة وتاريخها، قد يكون صديقي على حق قد تكون حياتي هنا في أحدى اقدم الديمقراطيات بالعالم قد زادت تكريس الشخصية الفردية المستقلة لذلك يصعب مشاهدة التشابه ويصعب العودة الى المجموعة وعرابيها، يصعب العودة الى المفاهيم والقضايا الأكبر من الانسان والدم. من اجل هذا كله قررت ان اصمت واراقب.
كانت الخطة اني ابقى في دمشق لتغطية مهرجان دمشق للسينما بعد ذلك الذهاب الى بيروت وقضاء القليل من الوقت مع بعض الاهل القادمين من العراق واسكندنافيا لكني لم أمكث بالشام الا يوميين اثنين لاقرر بعدها قضاء بقية اجازتي في بيروت ولقضاء مشاغلي الاخرى هناك.
لست غريبا عن الشام لكن الزيارة الاخيرة كانت استعادة لزمن واجواء سريالية مؤلمة. يومي الاول في الشام صادف تظاهرات كبيرة ضد وسائل الاعلام العربية وتعاملها غير الحيادي مع الموقف السياسي في المنطقة. من نافذة التاكسي التي أقلتني من المطار الى المدينة كنت أراقب مجموعات البشر المتظاهرة وتمايزها الفارق واحاول أن اركز على شخص واحد لفترة و قبل ان يغيب في الزحام. كنت أريد ان أركز في الوجه والعينيين بعد كل صرخة وتوثب وتعديل وقفة كنت أريد ان اصل الى شيء اجهل كنهه الى الآن، ربما يشابه حديث شخصيين اجريا نفس العملية الطبية المستعصية ويريدان ان يتحدثا عن الالم والتخدير ومباضع الجراحة ولفافات الدم. ألم استعادة ايام مظاهرات العراق ايام حكم صدام حسين لامفر منه. هناك خجل ولامبالاة بين المتظاهرين أعرفها وأميزها وتردني الى خجل المظاهرة الاولى بداية حرب العراق وايران عندما كان عمري لا يتجاوز العشر سنين. اتذكر ايضا مفارقات الهرب من التظاهرات التي كنا نساق اليها كطلاب بتوحش (كم من شباب المظاهرة السورية حاول الهرب وكم واحد منهم نجح في ذلك؟) الكثير في المظاهرة حمل الاعلام السورية (عرفت بعدها ان الحكومة هناك قد دعت الناس الى حمل اعلام بلدها فوق البيوت والميادين)، بعض الاعلام حمل عبارة الشام الله حاميها او يحميك ياشام، عبارات مبهمة جديدة تخاطب وعيا وناسا ينتظر دائما عند الباب مترقبا ايام كهذه للعودة والتركز، لم يعد امر غير مسبوق ان يتغير الخطاب القومي الاشتراكي (ليجنن) الى خطاب اسلامي ميتافيزيقي روحي، صدام يصر على دخول محاكمتة بقرآن ويصر ان يبدا خطبه فيها بآيات من القرآن. قريبي العراقي والذي قضى 18 سنة في احد سجون صدام حدثني ان الكثيريين من السجناء كانوا يتوسلون لسنوات من أجل قران واحد للسجن كله. اين كانت قرائين صدام وكيف يمكن ان تحمى الشام بالدعاء فقط؟
في أفتتاح مهرجان دمشق السينمائي تحدث محمد الاحمد رئيس دائرة السينما عن المخاطر التي تواجها سوريا ودور السينما كمقاوم للظلام والحرب، وزير الثقافة السوري تحدث عن المخاطر فقط ولم يتحدث عن السينما. عزل الحدث عن مسبباتة هي تكملة ثانية لـ( الله حاميك يا شام ). سمعت للقلة فقط هناك وقرات الجرائد السورية وشاهدت التلفزيون السوري الرسمي، خطاب المؤامرة والضحية غالب وغوغائي، هناك تذمر بين الناس من الفساد الاقتصادي الذي ترعاه الدولة بكل مؤسساتها القديمة والحديثة لكن رياح التغيير القادمة تظل بعيدة ولا تقلق الا القليلين.
الوضع في لبنان يشغل السوريون ايضا، منذ مقتل الحريري والاغتيالات التي اعقبته والاعلام السوري الرسمي في حالة استنفار وعدائية. مقتل الحريري هو الحدث اللبناني الأول في عصر الفضائيات( التي تحظى بنسب مشاهدة عالية من السوريون) والذي أدت تطوارته الى موجه عداء واتهامات عدائية علنية ضد النظام الامني في سوريا. لا يمكن الحديث عن أرقام او نسب معينة لكن هناك غياب فظيع للتطرق الى الجانب الانساني للاغتيالات التي حدثت في بيروت مؤخرا، هل هي حقيقة عربية او شرقية يجب الاعتراف بوجودها وقوتها ان يكون الانسان وفواجعه في أخر ما يفكر به الكثيرين ؟ حاولت ان اوجه الحديث احيانا الى الماساة الشخصية للذين قتلوا في لبنان ضمن موجة العنف المحيرة الاخيرة، لكن الحديث يعود دائما الى الافكار والمؤمرات الكبيرة والتي يبدو اننا لا نحسن سواها.
الكثيرون هناك يبدون في حكم المتأكدين بمسؤلية أسرائيل بمقتل الحريري ورفاقه والاغتيالات التي أعقبته، لا أملك يقينهم لاني ببساطة لا أعرف. سيكون شيئا عظيما أن يتم القبض على الفاعلين ليس فقط من أجل أهل الضحايا وأنصارهم لكن من أجل لبنان وسوريا والمنطقة كلها لكن اليس من المؤسف ان يتحول الموضوع كله الى قصة بوليسية فجة؟
اليس من المؤسف ان نضيع هذه الفرصة الجدية للوقف مع أنفسنا ونحاول ان نصل الى جوهر ذواتنا قبل ان نبدا خطوة جديدة أخرى، اليست كارثة ان يتحول العراق بتاريخه وناسه الى صدام وقصص عن زمانه واسلحته، اليست كارثه ان يتم شتم ضحايا المقابر الجماعية في العراق ولبنان لمجرد ان أمريكا والغرب يذكرهم؟ في سوق الحميدية في دمشق كانت هناك لافتة كبيرة ربما تلخص الجو العام هناك، اللافتة لتجار سوق الحميدية! وتقول بركاكة أنتبه يا سعد (مخاطبة ابن الرئيس الحريري) ان أمريكا واسرائيل هي التي قتلت أباك وليس سوريا، انتبه الى مخططات الاعداء وعد الى سورية الصامدة!
في مسائي الأ خير في الشام كنت أقطع الدروب هناك بأنقطاع عن الآخريين وأحاديثهم ومشاغلهم، أحسست بالذنب لهذا الانقطاع وربما التعالي عن مشاغل الناس العادية، اليست الحياة هي مجموعة المشاغل اليومية والانشغالات البسيطة، فكرت باصدقائي السوريين الرأئعيين والناس الذين لم أحظ بمعرفتهم وشعرت بذنب أكبر باني أستعجل الوقت على تركهم وترك مدينتهم. لكني تذكرت مدينتي التي تركتها في يوم مشابه وفي أجواء مكدرة هي الأخرى . في الصباح كنت مع حقائبي في أنتظار التاكسي التي سوف تاخذني الى بيروت...
في الطريق الى بيروت تذكرت بحزن الكثير من العراقيين المعروفيين والمجهوليين الذي قطعوا ولسنوات طريق الشام- بيروت الى المدينة التي حولتها المخيلة الثقافية العربية الى مدينة الحلم والامنيات الكبيرة والاسئلة العميقة. شعرت ببعض الغرابة والخيبة لهذه النوستايلجا المفاجاة فهي ليست زيارتي الاولى لبيروت وكنت أظن ان حيوات السنوات السابقة أبعدتني بعيدا عن العاطفية والمثالية والثورية، رغم ذلك فانا اقطع الطريق نفسه (طريق العراقيين الشعراء والمجهوليين) ربما بالأنكسار والتشتت نفسه الى المدينة(نفسها ) مع الامنية( نفسها) بمدينة تتسع لشجرة الحياة وبحر كبيت الجار الأ ليف وطريق كالطريق الى البيت.
هل كانت فترة ال 10 ايام التي قضيتها في شقة مفروشة في نهاية الحمراء في بيروت كافية لتضييق المسافة بين صورة المدينة الواقعية وصورتها الرمزية؟
بيروت ليست لندن او باريس او برلين لكنها مدينتنا الرمزية الشرقية، ليس تراث الرحابنة وكتابات الكتاب العرب واحلامهم للمدينة وعن المدينة وحدها من أسس هذه الصورة بل الحرب الاهلية اللبنانية بكل قسوتها وتعقيداتها، بيروت حملت لهيب الحرب بعيدا عنا واكتوت بها اكثر من ستة عشر عاما. أي عاصمة عربية مهددة بحرب كالحرب اللبنانية الاهلية، قد تبدو البلدان الاخرى اكثر تجانسا، هذه الصورة خادعة فالخطاب العربي الفكري و الاجتماعي والسياسي الذي كان من نتاجاتة الحرب اللبنانية الاهلية لم يتخطى ابدا خطاب عصر النهضة ومازالت اسئلة الهوية والدين والآخر من اهم الاسئلة الفكرية للمفكريين وللناس.
صور زعماء بيروت الفعليين والرمزين تملاء المدينة واحياءها وتعزز وقوف الزمن ورمزيتة الفظة. أسماء أحياء بيروت مالوفه من زمن يبدو بعيدا ولا نهائي، كنت أريد أن أعرف الى اي حد يمكن للبناني ان ينسى ما تعني لهو الحرب والتجاور مع أحياء وناس كانت تفصله عنهم اسلحة وخطوط نار. لم أحصل على أجوبة واضحة من الاصدقاء الذين سالتهم، أتفهمهم يبدو تقييم حربا كالحرب الاهلية اللبنانية هائل الصعوبة خاصة بوجود الزعامات الرمزية والحزبية نفسها.
متفائل مثلي يسعده ما تحدثت به السيدة نهلة الشهال في مسرح المدينة عن لبنان النهائي الذي صمد في الحرب وتاسس مرة أخرى منها، لبنان النهائي بحدودة الحالية وهوياته الاثنية والفكرية والدينية. لكني لا يمكن الا ان أنتبه لما يقوله لي صديقي اللبناني الشيعي عن الكذبه الوطنية اللبنانية، عن مدينة ممزقة طبقية متغطرسة، عن زعامات سياسية بعيدة عن الناس.
بالنسبة للسائح او الزائر التجول بين أحياء بيروت متعة حقيقة، الاختلاف الجميل في العمارة والثقافة وطبائع الناس مثير بالتأكيد لكن السؤال الذي يكاد يفسد متعتك لماذا تبدو بعض أحياء بيروت غريبة تماما لبعض اللبنانين؟ وهل متعتي تلك متاحة لكل اللبنانيين؟
في ندوة( لبنان الى أين) التي نظمها مسرح المدينة بمشاركة وسام سعادة، حازم صاغية، نهلة الشهال، كمال حمدان و بلال خبيز والتي حاولت مناقشة مستقبل لبنان بعد اغتيال الحريري والانسحاب السوري وانتفاضة الاستقلال اللبنانية كان الحديث عن لبنان ومستقبله، كيف يمكن ان يسير البلد والى اين؟
اسئله متحرقة الى مستقبل صعب وغير واضح، كان الحوار مثل دوائر النهر المائية تتسع وتتسع ثم تتلاشى خفيفا، يبدو من الصعوبة بمكان ان يتحدث المتفائلون عن مستقبل فقط وترك ماضي يهم الكثيرين كأنه لم يقع وكيف يمكن للبنان ان يكون دولة مستقلة ديمقراطية ذات سيادة ومنهج وسط منطقة تتماوج دائما.
مقتل الحريري فجر المنطقة (كتب الكثيرون عنه كقربان لسلام قادم كأن المنطقة لم تقدم قرابين مبجلين كافين) ليعقبه الانسحاب السوري الذي ترك الكثيرين مع سؤال أكبر... وماذا الآن؟ شباب أنتفاضة الاستقلال عادوا الى بيوتهم بعد اسابيع من الوقوف في ساحة الشهداء، الرئيس مازال في قصره كأحد جنرالات ماركيز والامراء السابقون عادوا جميعا ليحتفلوا بنصر لم يحققوه!
الشيعة الحذرون من الجميع مازال تاريخ قمعهم والغائهم الدامي حاجزا امام التواصل مع مستقبل ما. مازال نصر المقاومة يسكر الكثيرين من الشيعة ويربك تصرفاتهم واستحقاقاتهم الراهنة.
في نهاية الندوة فتح النقاش للجمهور للمشاركة، أحببت أن اشارك لكني ترددت، أردت ان أنقل تجربة هولندا( البلد الذي أعيش فيه) او جزءا منها، أردت أن أتحدث عن الاختلافات الأثنية والدينية وكيف ان هناك مكانا للجميع دون الغاء او مزايدة، هولندا التي لا تزيد مساحتها كثيرا عن مساحة لبنان يسكن جنوبها وشمالها ناس تختلف في التقاليد واللغة والطائفة، يعيش المسيحيون الكاثوليك في الجنوب ويعيش البروتستات في الشمال، ليست هناك الا المرجعيات الثقافية والسياسة والاجتماعية والفنية تربط بين أهل الشمال والجنوب لكن لا أحد يبدو مهتما بالاختلافات الفارقة.
لماذا لا يتم التركيز على خلق وتعزيز المرجعيات الثقافية والمرجعيات الاخرى اللبنانية وترك الاختلافات الاخرى كميزة لبنانية خاصة، لا أعتقد ان الكثيرين سوف يمانعون لباس وتقاليد الحي المجاور اذا احس الجميع بأمان وثقة ما. ينتقد البعض الشباب اللبناني واتجاهه نحو الغرب كلغة وتقاليد ومظاهر حياة. ربما يكون هذا التوجه بحثا آخر عن هوية او مشتركات او مرجعيات ما، ربما هو طريقهم الخاص بالحوار مع الشاب اللبناني المختلف المنتمي لطائفة أخرى. ربما علينا ان نقلل الحديث قليلا عن الاختلافات والفروقات والتحديات.
هذه قصة هولندية أخرى، عندما قتل أحد المتطرفيين الاسلاميين العرب المخرج الهولندي فان كوخ أهتز البلد هزة وجودية حقيقة لتبرز بحدة اسئلة الهوية والمهاجريين والتطرف الديني، الايام العشرة التي أعقبت حاثة القتل تعرضت فيه الكثير من الجوامع والمراكز الاجتماعية للمهاجريين العرب والمسلميين وغيرهم الى الحرق او التخريب، كرست في ذلك الوقت مئات الساعات التفزيونية والجرائد والمجلات للحديث عن وضع المهاجريين ومشاكلهم وخلفياتهم الاثنية والفكرية. الحوار المكشوف المركز لم يكون ناجحا تماما خاصة مع ظهور اصوات ناشزة غوغائية من كل الجماعات وخطابها العدائي المتخلف، بعد ذلك كثرت الدعوات من كل الاطراف من تقليل التركيز على المشكلة وترك العواطف والانفعلات تهدا قليلا قبل ان يبدا حوار جدي ليس بالضرورة بين أربعة جدران مقفلة لكنه على الاقل بعيدا عن الردود العاطفية وعن الملفقين ومحبي الظهور.
تركت ندوة مسرح المدينة ذلك المساء مع مشاعر مختلفة مضطربة عن المدينة والبلد، بعد أيام تركت لبنان بالمشاعر نفسها مع أنطباعات خاصة تبدو غالية الآن عن بيروت وأوقاتها الجميلة.
عشرة أيام في شقة مفروشة في بيروت ليست كافية لفهم عميق للمدينة التي لم تتناقص أهميتها الرمزية للمنطقة والبلاد العربية، أهمية بيروت الآن يجب أن تصاغ من جديد ويجب أن تبتعد عن خطاب الستينات والسبعينات الرومانسي الجامد. بيروت ليست المنقذه للمنطقة، بيروت ليست واحة الحرية العربية!! بيروت ببساطة الاقرب الى نهاية ومثال ننتظرها جميعا. أنتفاضة الاستقلال هي بشارة لبنانية لنا لكن علينها جميعا كسكان هذه المنطقة من العالم ان نقطع دربنا الخاص للبحث عن خلاصنا الكبير.
التعليقات