الأحد عيد الأضحى ورأس السنة في موريتانيا

سكينة اصنيب من نواكشوط: تزامن عيد الأضحى المبارك مع رأس السنة الميلادية في موريتانيا حيث يحتفل الموريتانيون يوم الأحد القادم بعيد الأضحى ورأس السنة في يوم واحد، مما يعني اختلاط العادات والطقوس الدينية والاجتماعية مع صرعات الموضة الحديثة في الاحتفال برأس العام الميلادي.
ويحتفل الموريتانيون بعيد الأضحى في أجواء عائلية ودينية تحترم خصوصية هذه المناسبة ومكانتها، وبعد أن كانت الأسواق والمحال التجارية تغص بالناس والمشترين يشهد يوم العيد توقف الحركة التجارية بشكل تام في كل أنحاء موريتانيا حيث يهتم الناس بمراسم العيد التي تبدأ صباحا بصلاة العيد في المصلى، ثم يعودون الى منازلهم لنحر الأضحية وتناول الفطور في أجواء عائلية تقليدية، ويخصصون فترة ما بعد الظهر والمساء لتبادل الزيارات العائلية.


وباستثناء المتاجر الكبرى التي تكتفي بإغلاق أبوابها يوما واحدا هو يوم العيد، وبعض دكاكين البقالة التي تغلق يومين، فإن متاجر الخضر واللحوم تتوقف عن العمل عشرة أيام على الأقل، فيما تمتد فترة الإغلاق بالنسبة لبعض الحرف والأسواق إلى أكثر من شهر، حيث يفضل بعضهم أن يتخذ المناسبة فرصة للتمتع بالعطلة السنوية سيما ان كانت أسرته تعيش بعيدا عن مكان عمله فتبدو المدن المغربية الكبيرة بما فيها العاصمة الرباط خالية الا من سكانها الأصليين وبعض السياح الأجانب.


وعيد الأضحى هو بمثابة مهرجان بالنسبة للأطفال الذين يحتفلون بارتداء ملابس جديدة والحصول على العيدية من الأهل والزوار المهنئين في فرحة وابتهاج. وتبدأ الأسر استعداداتها لعيد الأضحى بشراء ملابس العيد للأطفال خصوصا، حيث تغص المتاجر بالأسر الراغبة في شراء ملابس جميلة لأطفالها بهذه المناسبة السعيدة.
ويبدأ العيد مبكرا في ذلك اليوم حيث يقوم الناس بزيارة القبور للترحم على أرواح أقاربهم، وتجهد النساء في تحضير ما لذ وطاب من أطباق وحلويات تقدم للزائرين والمهنئين وتعتبر كعكة العيد أهم الحلويات التي تقدم في هذا اليوم.


ويعتبر العيد مناسبة للتسامح وتبادل التهاني بقدوم هذا اليوم السعيد حيث يحرص الموريتانيون على طلب الغفران والعفو من أقربائهم وذويهم وجيرانهم من الذين حدثت بينهم خصومات سابقة.
وتجد أغلب الأسر صعوبة كبيرة في الاحتفال بالعيد وفق ما كانوا يحلمون به، وتقول آمنة (ربة بيت) أن quot;الاستعدادات للعيد تبدأ قبل فترة منه فهو مناسبة لتبادل الزيارات وصلة الرحم وإقامة السهرات والحفلات العائلية مما يستلزم تخصيص ميزانية لكل المصاريف، ولأن العيد يحتاج الى مصاريف كثيرة فغالبا ما تنهار الميزانية تحت ضغط مصاريف المأكولات والمشروبات والولائم ويصعب على الأسر تحمل مصاريف أخرى لاسيما نفقات العيد من ملابس وحلوى فتجد الأسرة نفسها وبعد فوات الأوان فقدت فرصة الاحتفال بالعيد بما كانت تحلم بهquot;.


وتؤكد آمنة أن quot;ظاهرة الاقتراض من البنوك متفشية خلال فترات الأعياد ومواسم العطل وكذا الدخول المدرسي لأن الموظفين الذين ليس لهم أي مصدر رزق آخر سوى وظيفتهم، وعندما تفاجئهم ظروف طارئة أو مناسبات خاصة لا يجدون لها حل إلا بالاقتراض لتغطية النفقات الزائدةquot;.
ومع اقتراب الاحتفال برأس السنة زينت واجهات المحلات والشوارع الرئيسية بالأنوار والأقواس كما دبت في مختلف محلات الورود والهدايا والاكسسوارات حركة نشطة حيث يعرض التجار ما لديهم من ورود وهدايا وألعاب وقلوب وردية وحمراء وأشجار الميلاد المزينة بمختلف الألوان وألعاب، وتعكس حركة الشراء والبيع هذه رغبة جماعية في الاحتفال بعام مضى بكل ما فيه من مسرات وأحزان واستقبال عام جديد بكل الأمل والحب.


وقد أصبحت ظاهرة الاحتفال بالعام الميلادي الجديد حدثا دوليا يتنقل من بلد لآخر مع دقات الساعات التي تعلن حلول العام الجديد في كل قارة وبلد، وبات الحدث واحدا من ابرز معالم العصر الحديث، حيث يتجمهر المحتفلون في الشوارع ويستقبلون العام الجديد في الساحات العامة وأمام النصب التذكارية كبرج إيفل بباريس وساعة بيكبين بلندن يرقصون ويتبادلون التهاني والهدايا على أضواء الألعاب النارية والشموع وأصوات الأعيرة النارية في الشوارع والطرق مما يؤدي إلى مقتل وإصابة المئات اضافة الى كثرة حوادث الاعتداء والسرقة بسبب شرب الخمر والمسكرات.


وتتكبد الدول خسائر مادية كبيرة تسبق وتلي الاحتفالات، حيث تصرف ملايين دولارات على الاستعدادات للاحتفال برأس السنة، من خلال شراء الألعاب النارية وزينة والهدايا والخمور التي ترهق ميزانية الفرد، كما تضيع ميزانية الدولة في محاولة المحافظة على الأمن ومواجهة حوادث السير والشغب ومعالجة المرضى والمصابين والبحث عن الجناة.


ورغم أن الاحتفال برأس السنة هو تعبير عن حالة من الفرح والمرح والابتهاج لمقدم عام جديد، إلا أن الحوادث المصاحبة له تفسد هذا الحدث، حيث تؤدي تقاليد الاحتفال كل عام إلى مقتل عشرات الضحايا في مختلف أنحاء العالم بسبب إطلاق الألعاب النارية والمفرقعات، وتناول كميات كبيرة من الخمور والمنشطات حيث تؤدي حالات السكر الى شجار وحوادث سير وخطف وقتل واغتصاب ليلة العيد.

ومهما يكن فلا شيء سيثني غالبية سكان الأرض عن الاحتفال بعيد الميلاد حيث ينخرط الجميع في حفلات صاخبة عشية العام الجديد ويقضون ليلتهم في احتفالات مفتوحة متحملين الصقيع والمطر والبرد ومتسبّبين في موجة من الفوضى على الطرق وفي المواصلات.

التحقيق منشور ايلاف دجتال يوم الاربعاء 27ديسمبر 2006