أطفال غزة يستبدلون لعبة عرب ويهود بـquot;فتح وحماسquot;

سمية درويش من غزة: افتقدك بابا في الصباح عند الذهاب إلي المدرسة ، حيث كنت تأخذني في الصباح الباكر كل يوم على الدراجة الهوائية إليها ، وكذلك مع ساعات الظهر عندما انتهي من مدرستي ، اشتاق إليك أيها الأب الحنون الصادق ، كنت الابن الوحيد لك ، أسميتني عبد الله تيمنا بالحبيب محمد quot;صquot; ... بهذه الكلمات الموجعة سطر الطفل المعاناة التي يعيشها وعائلته بعد فقدان والده في نيران الحرب الداخلية الدائرة ين فتح وحماس.
ولم يكن الطفل عبد الله ابن الداعية الإسلامي عادل نصار الذي قتل لدى انتهاءه من خطبة الجمعة في مخيم المغازي وسط القطاع ، بأفضل حال من عشرات الأطفال الذين فقدوا أبائهم والبعض منهم أمهاتهم بسلاح الفلتان الأمني القاتل ، وحرمهم العيش بأمان في سلطة أصبح يطبق فيها قانون الغاب.

وقد ترجمت الفنانة الشهيرة أمية جحا صرخات الأطفال ومعاناتهم بريشتها ، حيث جسدت طفل منهك تنساب دموعه على وجنيته وهو يشد ببنطال الرئيسين عباس وهنية ، لتخليصه وبقية الأطفال من النيران التي أتت على الأخضر واليابس ، وتوفير الأمن لشريحة بات الرعب عنوانها.


هموم كثيرة أصبحت تقع على كاهل أطفال فلسطين ، لتجعلهم يكبرون قبل أوانهم وتسلب منهم طفولتهم البريئة ، وممارسة حياتهم الطبيعية في اللعب والتعليم ، فالصواريخ الإسرائيلية ثم نيران الأشقاء لم تترك لهم وسيلة للعب والفرحة ، وحولت حياتهم إلى جحيم ، فبعدما كانوا يلعبون لعبة القط والفار quot;عرب ويهودquot; التي اعتادوا لعبها منذ وعيهم بالاحتلال الإسرائيلي والانتفاضة ، استبدلوها اليوم بلعبة quot;حماس وفتحquot; حتى في داخل منازلهم.
ويرى الكثير من الأخصائيين النفسيين ، أن هذه الألعاب التي يمارسها أطفال غزة هي تعبير وانعكاس لمشاعر الغضب والرعب والخوف المختزلة في نفوسهم نتيجة الاقتتال اليومي ، والجرائم الوحشية التي يشاهدونها عبر محطات التلفزة المختلفة.


وتقول المرشدة الاجتماعية عائشة محمود لـquot;إيلافquot; ، أن العنف الذي يشاهده الأطفال الفلسطينيين ، يدفعهم إلى ممارسة العنف مع أصدقائهم وأشقائهم ، منوهة إلى بعض نتائج الأبحاث التي جاءت أن 81% من أطفال قطاع غزة ظهرت لديهم مشاكل في النوم مثل الكوابيس ، وعدم قدرة الطفل النوم بمفرده .
المحلل السياسي علي جرادات ، يرى بان كل ما جرى من اقتتال داخلي بمثابة خطيئة سياسية وفضيحة أخلاقية ووطنية ومحط إدانة شعبية ورسمية ، ويشكل فقدانا للاتجاه والصواب الوطني بكل الـمعاني والـمعايير عدا ما يمثله من تشويه لتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني.


ولفت جرادات في مقاله ، إلى إن نماذج محددة من بعض ممارسات هذا الاقتتال ، قد فاقت كل تصور في إساءتها ، ما يضعها في مصاف الجريمة الوطنية التي لا يجب بحال من الأحوال الـمرور عليها مر الكرام أو السكوت عنها منعا لتكرارها وتحولها إلى حـدث عادي روتيني في حياتنا . ويشار إلى أن مدينة غزة فاقت في الحادي عشر من كانون أول quot;ديسمبرquot; الماضي على هول المذبحة التي ارتكبت بحق الأطفال ، وراح ضحيتها ثلاثة من عائلة بعلوشة.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الجمعة 12 كانون الثاني 2007