فتيات صغيرات في المغرب يتطلعن الى الخبز وقليل من الكرامة

من زكية عبد النبي من الرباط: خديجة طفلة لا يتعدى عمرها 13 سنة لكن تجربتها في العمل في البيوت تتعدى خمس سنوات وتحاول بلباس يبدو اكبر من سنها ان تبين quot;كفاءتهاquot; وقدرتها على تحمل مسؤوليات اكبر من سنها .. ترسم ابتسامة بريئة على محياها بالرغم من حرمان يشع من عينيها الواسعتين الداكنتين.

التحقت خديجة المنحدرة من منطقة في الريف المغربي بشمال المغرب للعمل في المنازل وتنقلت حتى الان بين ثلاث عائلات.

تبتسم في خجل وتقول ان ربة البيت تعاملها معاملة حسنة quot;تجعلني اكل معهم فوق مائدة الطعام وتشتري لي ملابس احيانا كما انها لم تضربني ابدا.quot;

وتضيف quot;فقط لما أنجز عملا غير متقن تنفعل وتغضب مني لكنها لا تضربني.quot;

وتحتفظ خديجة بذكريات أليمة من ربة المنزل السابقة quot;كانت تشتمني وتسخر مني دائما بدون سبب.quot;

وتضيف وهي تتحسس ندبا مختبئا تحت شعرها الكث quot;مرة رطمت رأسي بالنافذة وضربتني بقوة لانني نسيت الغسيل في انية التصبين حتى تعفن.quot;

وخديجة منحتها امها لوسيطة في القرية تبحث عن الاطفال لتشغيلهم في المدن الكبرى مقابل مبلغ مالي.

وتقول امها منانة -وهي امرأة أمية لا تعرف بالضبط سنها وتقدره بنحو الاربعين بالرغم من انها تبدو اكبر بسبب تجاعيد يبدو ان الفقر والحرمان كانا اسرع من زحف السنين في نحتها على بشرتها quot;لا احد يرضى لابنائه العمل في البيوت خاصة في سن مبكرة لكنني ارسلتها ايضا لتكون ظروف حياتها افضل من القرية لتلبس افضل وتتغدى احسن.. لا استطيع رفقة والدها اعالتها هي واخوتها الخمسة.quot;

وتتقاضى منانة مبلغ 500 درهم في الشهر (60.6 دولار) مقابل عمل خديجة.

وتقول احصاءات رسمية ان نحو 14 في المئة من سكان المغرب البالغ عددهم 30 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر وان أكثر من 38 في المئة منهم أميون.

ويعيش اكثر من 40 في المئة من المغاربة في البوادي واكثر من 65 في المئة منهم فقراء يزاولون انشطة فلاحية.

وحسب دراسة لمنظمة الامم المتحدة للطفولة (يونسيف) فان نحو 600 الف طفل مغربي ما بين سن السابعة و 14 سنة يضطرون للعمل. ونحو 800 الف طفل في المغرب لا يذهبون الى المدرسة.

واطلق المغرب في الاونة الاخيرة خطة حكومية لمناهضة تشغيل الخادمات الصغيرات.

وقالت ياسمينة بادو كاتبة الدولة المكلفة بالاسرة والطفولة والاشخاص المعاقين ان هذه الخطة quot;تستهدف توعية الرأي العام الوطني بمخاطر هذه الظاهرة المجتمعية التي تصادر حقوق الاف الخادمات وترهن حاضرهن ومستقبلهن.quot;

وعزت انتشار الظاهرة في المغرب الى عوامل اجتماعية واقتصادية quot;في مقدمتها الفقر والعنف الاسري..وترك مقاعد الدراسة وعدم المساواة بين الجنسين في التنشئة اذ تسند الاعمال المنزلية تقليديا للفتيات وهو ما يساهم بالقبول الاجتماعي بتشغيل الفتيات الصغيرات كخادمات.quot;

وتسعى الخطة ايضا الى سد الفراغ التشريعي الحاصل باصدار قانون يقنن quot;خدم المنازلquot; ويحدد السن الادنى للعمل المنزلي وشروط التعاقد للعمل المنزلي واليات المراقبة ومجموعة من الاجراءات الزجرية في حالة مخالفة مقتضياته.

ويعتبر سن 15 سنة هو السن الادنى لتشغيل الاطفال حسب قانون الشغل المغربي.

وأصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش في اواخر 2005 تقريرا عن وضعية الفتيات الصغيرات اللاتي يشتغلن كخادمات في المغرب.

وقال التقرير انهن quot;يتعرضن للاستغلال ويشتغلن من 14 الى 18 ساعة يوميا بدون توقف سبعة ايام في الاسبوع. واضاف انهن quot;يتعرضن للعنف الجسدي واللفظي وللتحرشات الجنسية والاستغلال.quot;

وقالت سعاد الطاوسي وهي ناشطة حقوقية ومساعدة اجتماعية مغربية لرويترز quot;من تجربتي في العمل في هذا الميدان التي ناهزت 10 سنوات يتبين بوضوح ان الفتيات الصغيرات الخادمات غالبا ما يسقطن في مشاكل اجتماعية خطيرة اما التحول الى الدعارة في مراهقتهن او يستغللن من طرف رب الاسرة او احد ابنائه او اقاربه فتتحول الفتاة الخادمة الى أم عازبة.quot;

واضافت سعاد quot;كل ذلك انعكاس مشاكل اجتماعية نعيشها في الجذور على رأسها مشكل الامية والفقر والتربية غير المستندة على الحوار مع الابناء وتفشي العنف داخل الاسر والنظر الى الاطفال كما لو أنهم مورد رزق.quot;

(الدولار يساوي 8.23 درهم)