معظمها نتجت عن زيجات حديثة، وquot;الخلعquot; إلى ارتفاع
35 ألف حالة طلاق في الجزائر العام الماضي!

كامل الشيرازي في الجزائر: كشفت بيانات رسمية حديثة في الجزائر، إرتفاع حالات الطلاق العام الماضي في المجتمع المحلي هناك إلى مستويات مخيفة، حيث شهدت سنة 2007، تسجيل 35 ألف حالة طلاق، بينها 3500 خلع، ما يؤكد تفاقم حدة ظاهرة الطلاق في الجزائر بشكل غير مسبوق، علما إنّ منحنياتها ترتفع بشكل مقلق العام تلو الآخر، خصوصا في السنوات الخمس الأخيرة.

زواج الصيف..طلاق الشتاء (..)

تفيد البيانات التي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منها، إنّ معظم قضايا الطلاق تمت بين جمهور quot;المتزوجين حديثاquot; على طريقة quot;زواج الصيف طلاق الشتاءquot;(..)، حيث تشير النسبة إلى حدود 65 بالمائة لم يمر على زواجهم وقت طويل، بينما البعض الآخر امتد ارتباطهم لعقود، بيد أنّ خلافات متعددة الأسباب عصفت باستقرار البيت الزوجي، وجعل من quot;أبغض الحلالquot; هينا لدرجة أسهل من الزواج ذاته.
وبلغة الأرقام، تحصي الكشوفات الصادرة عن وزارة العدل الجزائرية، أكثر من 10 آلاف حالة طلاق بالتراضي، بينما تمّت 14 ألف حالة طلاق تبعا لإرادة منفردة من طرف الزوج، في حين انقسمت الحالات الباقية بين قضايا الطلاق التي فصل فيها القضاء، والخلع الذي تضاعف مداه إلى حدود 3500 حالة، بعدما كان لا يتجاوز 560 حالة سنة 2003.

ازدهار يقابله فكاك

بالمقابل، تشهد الجزائر انتعاشا في منظومة الزواج، حيث تقول البيانات ذاتها، إنّ ما يقارب سبعمائة ألف زواج جديد تمّ العام 2007، وهو ما يعدّ quot;ازدهاراquot;، إذا ما قورن بسنوات سابقة عرفت 250 ألف حالة زواج فقط، لكن المصيبة برأي مراقبين، إنّ غالبا ما تكون هذه الزيجات (سريعة)، والأسباب المؤدية للطلاق بحسب أخصائيين اجتماعيين، تتركّز في عوامل:الملل الزوجي، سهولة التغيير وإيجاد البديل، طغيان الحياة المادية، البحث عن الذات، انتشار الأنانية والهشاشة الأخلاقية، ناهيك عن ضعف تركيبة جزائريي الجيل الجديد، في ظلّ انتشار وباء مدمّر اسمه ''الخيانة الزوجية''.

اللامسؤولية..التسلّط وأشياء أخرى

في وقت تكثر التبريرات حول هذا الفصام المتسارع والمكثف للعلاقات الزوجية، يذهب الخبير الاجتماعي quot;مصطفى فتحيquot; إلى أنّ أصل المشكلة كامن في بنية طرفي الزواج، حيث تحفل معادلة الزواج quot;الجزائريةquot; بتناقضات وصراعات عديدة بين طرفين عادة ما تنقصهما الكثير من المسؤولية والجدية، إما لصغر سنهما، أو سن أحدهما، أو لاعتقادهما بأنّ مشروع الزواج هو مجرد محطة حياتية إجبارية ينبغي المرور بها كما يفعل الجميع، ويعزو فتحي في تصريحاته لـquot;إيلافquot;، ظاهرة الطلاق إلى أسباب أخرى متعلقة بالاستقلالية المالية للمرأة المتزوجة في الجزائر، وهو ما شكّل بحسبه ''عاملا مشجعا على الاستقلال الذاتي''.


ويردّ فريق آخر من المحللين الاجتماعيين، المسألة برمتها إلى المجتمع المحلي، من حيث دوره في خلق زيجات أطرافها غير متلائمة، خصوصا في الوسط الريفي، أين لا تزال الفتيات مجردات عن أي حق في القبول واختيار الزوج، تماما مثل بعض الشبان الذين يعانون من تسلّط آبائهم، فيضطرون إلى الإقدام على تجارب هم غير مقتنعين بجدواها، لعدم اقتناعهم بالطرف الآخر على خلفية تباينات سيكولوجية واجتماعية، رغم أنّ القضية في النهاية مصيرية ولا تنطوي على زاوية للعبث واللهو.


ويخشى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر quot;أحمد رميتةquot;، من استمرار اطراد الظاهرة في الأعوام القادمة، على نحو يهدّد العلاقات الأسرية بالفكاك، والترابط الاجتماعي بالانهيار، بما يؤدي إلى انفصال وانفصام جسماني وروحي في آن واحد، وهو معطى ستترتب عليه آثار نفسية واجتماعية واقتصادية في جزائر 2008 التي تسربت إليها وخزات الاستعلاء والانعزالية منذ وقت ليس بالقصير.
بجانب ذلك، يحضّ علماء دين ومشايخ على مراعاة وتعزيز التنشئة الاجتماعية الصحيحة، ونشر الوعي والإرشاد الاجتماعي، ناهيك عن ترسيخ الأبعاد الثقافية السامية للزواج بين العوائل والجيل الجديد بما يكفل صيانة وحدة الأسرة وبقائها، ويحول دون العصف بلحمة المجتمع الجزائري.