الحجز و الغرامة مصير السيّارة المخطئة
حرب مفتوحة بين سائقي السيارات في تونس والشنقال

إسماعيل دبارة من تونس: لم يعد مشهد الشجار و المشاحنات التي تندلع بشكل دوريّ بين سائقي السيارات في تونس العاصمة و الرافعة الحديدية للشاحنات التي تتبع شرطة بلدية تونس و المعروفة محليّا بـالشنقال ، مشهدا غير مألوف. مشادات بالجملة، قد تتطوّر في بعض الأحيان إلى صفع و تبادل للكمات بين الأعوان المكلّفين برفع أو حجز السيارات المتوقفة في المكان الخطأ و سائقي تلك السيارات.

و تشهد شوارع تونس العاصمة الرئيسية جولانا مكثفا للـquot;الشنقالquot; المتربّص بكلّ مخالفة أو استهتار يمكن أن تصدر من أصحاب السيارات المتهمين بتعطيل حركة المرور بركنهم الفوضويّ و تجنبهم الالتحاق بالمآوي المنتشرة بالعاصمة.
في شارع باريس الشهير وجدنا الموظف عاطف 32 سنة يصرخ في وجه العون المكلّف برفع سيارته quot;المخطئةquot;. محور السجال الدائر بينهما سرعة quot;الشنقالquot; و تربّصه بالسيارات قبل أن يتوجه سائقها إلى آلة الخلاص التي تتبع المنطقة الزرقاء التي ركن فيها سيارته ، وعدم تحلّي العون بالقليل من الصبر.
يقول عاطف لإيلاف:quot;بربكم كيف لي أن أحفظ سياراتي من الحجز وهذا العون لا ينتظر بضعة ثواني لأتمكن من خلاص تذكرة تمكنني من الاطمئنان على سيارتي لساعة أو ساعتينquot;.
العون من جانبه لم يقتنع كثيرا بكلام السائق وهو يدعو زميله إلى الإسراع بحجز السيارة و التوجه بها إلى المستودع المخصص لذلك.

يقول العون فتحي لإيلاف:quot;كثرا ما نتعرّض لغضب سوّاق السيارات وهيجانهم على الرغم من أننا نطبق التعليمات و القوانين في هذا المجال ، لا يعنيني كثيرا إن كان ذاهبا لاقتطاع تذكرة تبيح له وضع سيارته هنا أم لا ، كلّ ما يهمني أنّ التذكرة غير موجودة لما أتيت لأراقب السيارات المتوقفة في هذا الشارع ، لما يدفع الغرامة بإمكانه أن يفسر للمسؤولين كما يحلو له quot;.
quot;الشنقالquot; تلك الشاحنة المرتبطة بذراع حديدية عملاقة مخصصة لسحب السيارات المتوقفة في المكان الخطأ ، أثارت ذعرا في العاصمة تونس ، خصوصا و أن حجزها للسيارة يعني لزاما غرامة ماليّة تقدّر بثلاثين دينارا ، وقد يتكرّر هذا الحجز مرة أو مرتين خلال يوم واحد إن لم يقم السائق بخلاص تذكرة تبيح له التوقف في المناطق الزرقاء وهي المناطق غير المخصصة لوقوف سيارات إلا بدفع مقابل.
تقول السيّدة أمال حناشي (أستاذة جامعيّة):quot;سبق و أن تعرّضت سيارتي للحجز في مناسبتين خلال يوم واحد، و بالتالي دفعت ما يزيد عن ستين دينارا في أقلّ من 3 ساعات و تمكنت من النجاة من الغرامة الثالثة بمعجزة لبقايا إنسانية تميّز بها العون المكلف برفع السيارات ، صحيح أن بعض أصحاب السيارات يلتفون على منع التوقف في المناطق الزرقاء و لكن يوجد ظروف من نوع ما تمنعنا أحيانا من خلاص معلوم التوقف ، شخصيا كنت أهمّ بالمغادرة في ظرف 5 دقائق لذلك لم أقتطع تذكرة...لكنهم لم يرحمونيquot;.
بعض التونسيين أبدوا تفهمهم لضرورة وجود الرافعة أو quot;الشنقالquot; لحفظ النظام في شوارع العاصمة المكتظة بالسيارات و لتجنب الاختناق المروري الكبير الذي يمكن أن يتسبب فيه التوقف غير المنظم للسيارات في أماكن غير مخصصة لها.

منتصر فالحي ليس من أصحاب السيارات ، فهو مُترجّل يكره حركة المرور المختنقة ، يقول لإيلاف:quot;أشعر بالسعادة عندما يطالعني quot;الشنقالquot; وهو يسحب ورائه سيارة متمرّدة على التراتيب، أنصح بتشديد الرقابة على تلك السيارات المخالفة quot;.
غالبية أصحاب السيارات دعوا الحكومة إلى ضرورة التخلص من هذا الكابوس و استبداله بطريقة مراقبة جديدة كون حجز السيارات يكلفهم الكثير من المال و الوقت في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتبار أن الأعوان المكلفين بالحجز لهم نوايا مبيتة و يركزون على بعض السائقين دون غيرهم ، يقول الطالب منير وناس 25 سنة :quot; أشتبه في أن بلدية تونس تتعامل بشماتة مع سيارتي الرياضية ، كلما توقفت في مكان إلا و اكتشفت بعد حجزها أنها منطقة زرقاء يمنع فيها التوقف ، لقد أثقلت كاهل والدي بالمال المترتب عن الغراماتquot;.
الوكالة البلدية للتصرف وهي الجهة المسؤولة عن حجز السيارات بمعية بعض الشركات المناولة تؤكد أنها تمارس عمل المراقبة على الأعوان المباشرين لعملية رفع السيارات إلى المستودع حتى لا يظلم أي مواطن خصوصا مع تكاثر الشكاوى و تزايد عددها.
ولا تنكر الوكالة وجود بعض التجاوزات لما ذكرت إنها تسعى إلى تحسيس الأعوان المكلفين بهذا العمل وتأطيرهم بصفة مستمرة للعمل على الالتزام بتطبيق القانون وعدم ظلم المواطن أو التعدي على حقوقه.

ولأنّ quot;الشنقالquot; لا يعترف بشكاوى المواطنين و تذمرهم ، فإنه يواصل على مدار الساعة جولانه في محيط الشوارع الكبرى و الجانبية بحثا عن سيارة أخطأ صاحبها اختيار مكان التوقّف، جولان استفزّ السائح البولندي فريديريك لانس الذي قال لإيلاف:quot;استغربت من كثرة الرافعات في شوارع تونس العاصمة و استغربت أيضا من المشاحنات التي تندلع بين السائقين و أعوان البلديّة ، شخصيّا لم أتعرض لحجزهم لأنني لا أخالف التراتيب و لكنّ الشاحنات الرافعة أقلقت التونسيين بالفعل ، و القانون هو القانونquot;.

*صور : إسماعيل دبارة