سليمان بوصوفه من لندن: بين طاولات المقاهي وأروقة هارودز يفتح الشباب تقنية البلوتوث في أجهزة النقال ويبدءون بالمغازلة ( بعد عمري، بعد طوايفي، هوى بالي) وغيرها من الكلمات المتداولة، ومن ركن إلى آخر تتم الملاحقة تحت دهشة الأجانب الغربيين الذين لم يتعودوا على مثل هذه السلوكات. يقول طارق من الإمارات، الشباب الخليجيون هنا أنواع، فمنهم من يأتي لاختيار خطيبته وهناك الكثيرون الذين يتسلّون بمثل هذه الممارسات والبنات كذلك: فمنهن بنات العائلات اللائي يتضايقن من المعاكسة ومنهن من يأتين أيضا للتسلية ولأخذ أرقام تليفونات الشباب، والغريب أن من عادتنا كشباب الخليج أننا لم نتعود على التسوق مع عائلاتنا، وهذه فرضة للشباب المتزوجين ليعاكسوا الأجنبيات بعيدا عن أنظار الزوجة والعكس صحيح.

خالد من الكويت، يشير إلى نقطة مهمة ويقول، إن سوق المغازلة مقسوم بشكل متفق عليه، الكويتي يغازل الكويتيات والقطري يلاحق القطريات وهكذا فإن كل الشباب يفضلون (بنت ديرتهم) باستثناء السعوديين الذين يعتبرون أكثر تفتحا على الثقافات الأخرى أكثر منا.

قوطي لبن.. برج العرب!

عندما يفشل الشاب في المغازلة يُنفّس عن غضبه في ذم البنات، كأن يصف مثلا بعض الأجزاء البشعة في أجسامهن أو يبدأ في التنكيت على الطريقة التي تضع بها البنت الشيلة على شعرها الواقف كبرج العرب، أو ما يسميه الكويتيون (قوطي لبن).

في محلات سالفريدجس تتكرر نفس السيناريوهات. وتستمر المغازلات والملاحقات رغم أن بعض البنات يصطحبن أمهاتهن. تقول بشرى وهي باكستانية ولدت في بريطانيا كانت تبيع بأحد محلات سالفريدجس للعطور، لقد ولدْتُ وتربيت مسلمة وتعرفت على العرب من خلال عملي، لكنني قدّمتُ استقالتي وبدأتُ العمل مع شركة للالكترونيات بعد المهازل التي أشاهدها يوميا من العرب الذين شوّهوا صورة المسلمين في بريطانيا والعالم، وتضيف: شبابكم يبدو متعطشا للجنس وكأنه كان محبوسا في كهف بعيد! وطريقة لبس الكثيرين منهم نعتبرها نحن في بريطانيا مضحكة، خصوصا مع عشقهم للألوان الفاقعة كالأصفر والبرتقالي، بالرغم من أنهم يملكون أموالا طائلة لكنهم لا يعرفون الإيتيكت.

صديقة بشرى، إنجليزية لاتزال تعمل في نفس المحل، تقول إنها تتلقى يوميا مئات أرقام الهواتف وهدايا ودعوات من كهول عرب وشيوخ يدعونها لقضاء ليلة العمرويفعلون هذا وزوجاته في طابق آخرللتسوق بمعنى أنه تعرف بأنهم متزوجون، وتضيف: إن البنت عندكم جسد للمتعة فقط وهذا ما يضايق البائعات كثيرا، لكن هذا لا يمنع من أن الكثيرات استسلمن لإغراءات الهدايا والمال، وقضين أوقاتا ممتعة مع الباحثين عن متعة الجسد، وعادة ما تبدأ العزومة بقضاء سهرة طويلة في ملهى blashes الذي يقع خلف سالفريدجس.

الخطوبة والزواج في نادي كارلتون

محمد شاب سعودي متزوج وله ولدان، قال إن أحسن مكان لاختيار بنات العائلات هو نادي كارلتون حيث تأتي عائلات محترمة مع بناتها وهناك يتمكن الشباب الباحث عن الزواج من اختيار شريكة حياته بعيدا عن المواقف المشبوهة. وعن سلوكات الشباب العرب في الخارج، يرى محمد أن الشباب ضحية تقاليد بالية وكبت جنسي ومجتمعنا لا يرحم ويمكن أن تتحول أي شابة لها علاقات عادية مع أصدقائها الطلبة إلى قصة على السوء.

التهاب أسعار الشقق وأسعار حجز الطاولات

لؤي شاب عراقي يعمل في تأجير الشقق، يقول إن الأموال التي يحصدها من العرب في الصيف تُغنيه عن العمل طوال أيام السّنة، إذ أن أسعار الشقق التي تكون قريبة من مراكز التسوق (سالفريدجس، هارودز، هارفي نيكولس) تتضاعف في فصل الصيف، وبما أن العرب مهووسون بالتسوق ولا يبالون بزيارة المتاحف والمراكز الثقافية في لندن فإن سعر الشقة من غرفة واحدة وغرفتين لمدة أسبوع يتراوح مابين ألفين وثلاثة آلاف جنيه.

هذا الارتفاع في أسعار الشقق شهد ارتفاعا في أسعار حجز الطاولات في المطاعم وحتى المقاهي، حيث يُفرضُ على الزبائن دفع مبلغ 25 جنيها للطاولة في كل نصف ساعة. أصحاب المقاهي يُرجعون هذا القرار إلى أن الشباب العرب يدفعون فنجانيْ قهوة ويجلسون ساعات للمغازلة، وهذا انعكس سلبيا على مردود المحلات.

في الأخير أثارني ما قاله لي أحد الإنجليز المشرفين على محل لبيع العطور الفرنسية، حيث قال لي:

إننا نبيع عطورا غالية جدا، ومن المعتاد أن يتفاوض الزبون على الأسعار ويأخذ وقتا كافيا لشراء عطورنا ذات الجودة، لكننا تفاجأنا في المحل بأن العائلات العربية تتسوق بطريقة جنونية حيث تكفيها مدة خمس دقائق لشراء عشرين أو ثلاثين عطرا من كل نوع، وهذا ما أعطانا إحساسا وكأننا نبيع عطورا مُقلّدة على أرصفة الشوارع! وإذا كان للعرب أموال كثيرة فالزبائن الروس واليابانيون وغيرهم يملكون تلك الأموال، والتسوق فنٌّ وذوق.