العباءة النسائية الخليجية تنافس العراقية والإزار الهندي يدخل الأسواق مع الحجاب الإيراني


كركوك: يروى أن شاعرًا في العصر الأموي يسمى مسكين الدرامي، ( توفى سنة 90هـ)، وبطلب من صديقه تاجر الأقمشة البغدادي الذي باع كل ما يملك من خمارات عدا ذات اللون الأسود، نظم أبياتًا تروج للخمار الأسود قال فيها quot;قل للمليحة بالخمار الأسود، ماذا فعلت بناسك متعبد، قد كان شمر للصلاة ثيابه، حتى وقفت له بباب المسجد، ردي عليه صلاته وصيامه، لا تقتليه بحق دين محمدquot;، ووجدت أبيات الدرامي صداها لدى نساء المدينة اللائي أدركن تأثير الخمار ذي اللون الأسود على ناسك متعبد، فباع التاجر كل ما لديه من خمارات سوداء اللون.

يا أم العباية حلوة عباتك

العباءة والخمار في العراق جزء لا يتجزأ من حياة النساء، لكنها بدأت تتأثر بموديلات حديثة دخلت السوق العراقية أبرزها العباءة الخليجية التي باتت تنافس العباءة العراقية، وتنتشر بشكل كبير بين أوساط النساء في معظم أسواق العراق وكركوك بشكل خاص، وتغنى الشعراء والمطربون العراقيون والعرب بالعباءة، ولا بد أن الجميع يتذكر الأغنية الفلكلورية الشائعة quot;يا أم العباية حلوة عباتكquot;.

الحاجة أم عبدالله57سنة صانعة العباءات تقول، لـquot;نيوزماتيكquot;، إن quot;العباءة كانت ولا تزال جزءًا مهمًا من شخصية النساء في العراق، وتختلف العباءة حسب رغبة كل امرأة، والجيل القديم، من النساء، يفضل العباءة التي تصنع عند الخياطة التي تفصلها، وتحيكها بحسب رغبة المرأة، لكن عموم النساء اعتبارًا من سن الأربعين يفضلن العباءة ذات القطعة الواحدة، وتلبس من الكفين ثم يسدل الغطاء من اليمين إلى اليسار، وتغطي كامل جسد المرأةquot;.

وتشير الحاجة أم عبد الله إلى أن هناك أنواعًا عديدة من الأقمشة التي تستخدم في صناعة العباءة quot;منها الحرير الهندي والباكستاني والتركي والجرجيت الياباني، والشيفون، لكن الحرير الهندي المفضل في تفصيل العباءة النسائية، وبعضهن يفضل إضافة أنواعًا من التطريز على حاشية وأطراف العباءة مثل بعض فصوص الخرز مختلفة الألوان، والخرز كرات بلورية صغيرة ملونة، وبعد اختيار ألوان الخرز تقوم ابنتي بتطريز تلك الحبات البلورية الملونة على أطراف العباءة، وهذا النوع من العباءة تفضلنها الشاباتquot;.

تنافس بين الخليجية والعراقية

تستطرد أم عبدا لله قائلة إن quot;العباءة التي تفصل أصبح الطلب عليها قليلا، لأن أسعارها ارتفعت ويتراوح سعرها بين 60، و100 ألف دينار عراقي، حسب الطلب والرغبة، ومع استيراد العباءة من الخليج عبر منفذ البصرة البحري انحسرت الخياطة وزاد الطلب على شراء العباءة المستوردةquot;.

وتضيف أم عبدا لله أن quot;تختلف ألوان العباءة حسب رغبة المرأة التي تجلب قطعة القماش من أجل تصنيعه لدينا، ولكن النسوة الكبار يفضلن اللون الأسود في العباءة، فيما يفضلن الشابات العباءة الخليجية والتي بدأت تجتاح أسواق العراق وكركوك، وهذه العباءة تلقى طلبًا متزايدًا من قبل النساء كونها تمثل موديلات حديثة وأسعارها مناسبة جدًا تتراوح بين 35 و50 ألف دينار عراقيquot;.

بدائل العباءة... الحجاب والعصّابة والبوشية

وهناك بدائل اخرى للعباءة تمثل منافسًا لا يستهان به، مثل الحجاب الذي تقول أم عبد الله إلى أنه quot;ترتديه النساء من أطراف قرى كركوك كمدن، الحويجة والرياض، والرشاد، والعباسي، خاصة النساء العربيات، ويتميز هذا الحجاب بالزخارف الملونة، وهو عبارة عن غطاء تغطي به المرأة رأسها وتلفه حول رقبتها، وكان لونه الرئيسهو الأسود، وله ألوان أخرى غير الأسودquot;، وتتابع quot;هناك أيضًا العصابة،( بتشديد الصاد)، ارتدتها النساء أيضاً وهي قطعة من القماش تلف كالعمامة على الرأس وكانت ملونة أيضاً، وأكثر النساء كنّ يزينَّ العصابة بالزخارف المطرزة ويحلينها بالأحجار الكريمة، واستخدمت النساء أيضا الخمار الأسود ويطلق عليه البوشية وتلف على الرأس، وتربط في الغالب بقطع على شكل دوائر، وتصنع من الذهب والفضة وتسمى الحلقة أو الجنكالquot;.

تراجع صناعة العباءة والخمار في العراق

ويقول صاحب متجر لبيع الأزياء خاصة الإسلامية والعباءة النسائية في سوق كركوك الرئيس ويدعى حامد أحمد، في حديث لـquot;نيوزماتيك quot;، quot;نبيع العباءة العراقية والجبة الإسلامية، إضافة إلى العباءة المستوردة من دول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية وكذلك من سوريا، وتمتاز العباءة المستوردة من الخليج بتعدد الموديلات والألوان والزخارف والتطريز المتقن على أطرافها، ما يضفي عليها جمالاً كبيرًا لا يوجد في العباءة العراقية التقليدية الكلاسيكية القديمة، وهذه الألبسة المستوردة تباع منها كميات كبيرة إذ تقبل عليها الشاباتquot;.

ويضيف أحمد أنه quot;يتم استيراد كميات من بلدانها، وتشحن إلى العراق عن طريق منفذي البصرة، وربيعة في الموصلquot;، مشيرًا إلى quot;الإقبال الكبير على شراء الأزياء الخاصة بالحجاب، وتكون في الغالب من جزءين أو ثلاثة أجزاء، الجزء الأول هو غطاء الرأس يمسى في العراق، الشال والربطة، وتلف فيها منطقة الرأس، والثاني البرقع والذي يوضع من أعلى العينين فيغطي كامل الوجه، والثالث الجبة وهو بديل العباءة العراقية القديمة ويغطي جسم النساء من الرأس وحتى أخمص القدمينquot;.

ويعتبر بائع العباءات والملابس الإسلامية، جتين علي خياط، أن quot;سبب تراجع صناعة العباءة والخمار في أسواق العراق وكركوك يعود إلى عمليات استيرادها من الخارج بأسعار رخيصة، الأمر الذي نتج عنها عزوف أغلب النساء عن خياطه العباءة والخمار، واللجوء إلى الجاهز المستورد خاصة أن أسعار العباءة الخليجية تتراوح بين 35 إلى70 ألف دينار، لتعدد موديلاتها وطرق التفصيلquot;.

ويوضح خياط أنه quot;يتم توريد أغلب الأقمشة من مستوردين من بغداد والبصرة وبعضها من دول الجوار، مثل سوريا، كما تأخذ أنواع الأقمشة عدة أسماء، فمنها، شهرزاد، والخفير، والخليجية، والجرجيت، والحرير التركي، والهندي، والباكستاني، وهي أصناف تلقى رواجًا وطلبًا متزايدًا من نساء العراقquot;.

الإزار الهندي والحجاب الإيراني

ويستطرد خياط فيقول إنquot;هناك موضة ظهرت مؤخرًا بالسوق وهي الطلب على الإزار الهندي الذي يتكون من قطعتين، سروال طويل وقميص يصل إلى الركبتين، إضافة للحجاب الإيراني والذي يتكون من عباءة طويلة وسروال وقميص، وهما يتميزان بتعدد ألونهما، لكن اللون الأسود هو الأكثر طلبًا في السوقquot;.

يذكر أن معظم نساء العراق يرتدين العباءة والجلباب وأغطية الرأس في معظم المحافظات من الجنوب إلى الشمال، ما يوحد ملبس العراقيات، لكن بتباين في الألوان والتصميم بحسب المناطق والمحافظات العراقية.


نيوزماتيك